في يوم واحد فقط… 8 ملايين عراقي قدّموا طلبات توظيف لـ«مكافحة الإرهاب»

الجهاز «سيختبر المرشحين»… لكن الخبراء «مذهولون» من اندفاع الشباب نحو العسكر

دورية من مكافحة الإرهاب تستطلع في إحدى المناطق الريفية شمال بغداد (أرشيفية – إعلام الجهاز)
بغداد: فاضل النشمي
29 ديسمبر 2023
خلال 24 ساعة فقط، تقدم أكثر من 8 ملايين عراقي بطلبات توظيف لدى جهاز «مكافحة الإرهاب»، وفقاً لمسؤول عسكري بارز، في حين عبر خبراء عن خشيتهم من الاندفاع الهائل للشباب نحو السلك العسكري على حساب القطاع الخاص والأعمال المدنية.

ويُنظر إلى جهاز مكافحة الإرهاب في العراق على أنه من أكثر الأجهزة الأمنية احترافية ومهارة، في بلد تتنازع فيه الأدوار الأمنية بين جهات سياسية مختلفة لديها نفوذ وشبكة مصالح عميقة في المؤسسات المختلفة.

ولعب الجهاز دوراً فاعلاً في الحرب ضد «داعش» بين عامي 2014 و2017، وما زال اليد الضاربة للقوات العراقية في معظم العمليات التي تنفذها ضد ما تبقى من عناصر التنظيم.

ويفترض أن يخضع عناصر الجهاز إلى دورات تدريب عالية المستوى، وتخصص لهم معدات وأجهزة عسكرية متقدمة، إلى جانب حصولهم على مخصصات مالية مرتفعة مقارنة مع ما تحظى به بقية الأجهزة.

وقال رئيس الجهاز، الفريق الركن كريم التميمي، في تصريحات لقناة «العراقية» الرسمية: إنه «في الساعات الأولى لإطلاق رابط التطوع، تقدم نحو 8 ملايين شخص للمنصة الرقمية، وإن آلية فرز الأسماء ستتم إلكترونياً، وكل من تنطبق عليه الشروط ستكون له الفرصة متاحة».

ويأتي إعلان التوظيف الجديد بعد أقل من شهرين من إقالة قائد الجهاز عبد الوهاب الساعدي، وتعيين التميمي بدلاً منه، وفقاً لأوامر أصدرها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.

وكان الساعدي يحظى بشعبية عارمة في العراق، ربما للأدوار التي لعبها في المعارك ضد تنظيم «داعش»، إلى جانب ما يصفه المراقبون بأنه «نأي بالجهاز عن الصراعات السياسية التي انخرطت فيها أجهزة أمنية مختلفة».

ونشر الجهاز، أمس (الثلاثاء)، عبر منصاته الموثقة في مواقع التواصل الاجتماعي إعلاناً يدعو فيه الشباب إلى التقديم إلكترونياً بصفة جندي.

قائد «مكافحة الإرهاب» الجديد يتوسط عدداً من الضباط والجنود في نوفمبر الماضي (إعلام الجهاز)
وقال الفريق الركن التميمي: إن «فرصة التقديم إلكترونياً بصفة جندي متاحة لكل العراقيين»، وإن «الحديث عن دفع أموال مقابل التطوع عارٍ عن الصحة».

وغالباً ما يشكك مراقبون بعمليات التوظيف في العراق بسبب تدخل المحسوبية والرشى، التي تسمح لغير المؤهلين في العمل بصفوف الجهاز.

لكن التميمي شدد على أن «فرص المرشحين متساوية ولا توجد هناك فرص فردية»، مشيراً إلى أن «الجميع يخضع للفحص البدني والنجاح في الاختبارات معيار أساسي للقبول».

ويجب أن يستوفي المتقدمون الشروط المعلنة من قِبل الجهاز، وهي اجتياز الفحص الطبي والبدني والتحقق من السلامة الأمنية والموقف الأمني، وفقاً لرئيس الجهاز.

ويفسر كثيرون العدد الهائل من العراقيين الذين تقدموا للعمل في الجهاز بأنه انعكاس لانحسار الفرص في سوق العمل العراقية، لكن المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، يعتقد بأن «غالبيتهم يعملون بالفعل في وظائف أخرى».

وقال الهنداوي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: إن «أكثر من ثلاثة أرباع المتقدمين لديهم ما يقومون به ويعملون في القطاع الخاص، غير أن ثقتهم تتراجع بهذا الأخير، ويفضلون العمل في الحكومة».

وبلغت معدلات البطالة ذروتها عام 2021 حين وصلت إلى 16 في المائة؛ بسبب تداعيات جائحة كورونا، في حين بلغ معدل الفقر في البلاد نحو 21 في المائة، يتركز وسط البلاد وجنوبها، وفقاً للهنداوي.

«عدد هائل من العسكر»
واستغرب عضو مفوضية حقوق الإنسان السابق، علي البياتي، من العدد الكبير للمتقدمين للتطوع، وتساءل عبر تدوينة في «فيسبوك»، إن كان جميعهم عاطلين عن العمل، وفيما إذا كانت جزءاً من الوظائف التي حددتها حكومة محمد شياع السوداني والتي بلغت 800 ألف وظيفة من مخصصات الموازنة الاتحادية؟

ولم يعلن جهاز مكافحة الإرهاب عن عدد الوظائف المطلوبة، لكن من المرجح أنه لن يتجاوز بضع مئات، في حين أكد أن إغلاق باب التقديم سينتهي مساء الخميس.

وتابع البياتي: «هل من المنطقي أن يكون لدى 50 في المائة من شباب العراق الرغبة في العمل بالسلك العسكري وفي مكافحة الإرهاب».

وفي شأن آخر، أعلن المتحدث باسم جهاز مكافحة الإرهاب، صباح النعمان، اليوم (الأربعاء)، عن حصيلة عملياته التي نفذها ضد التنظيمات والجماعات الإرهابية خلال 2023.

وقال النعمان، في تصريح للصحافيين: إن «جميع العمليات استباقية، واستندت إلى معلومات استخبارية بالتنسيق مع بقية الوزارات والمؤسسات الأمنية».

وأضاف النعمان، أن «عدد الواجبات التي نُفّذت في عام 2023، كان 240 واجباً في مناطق مختلفة من العراق، وكانت حصيلتها إلقاء القبض على 135 إرهابياً بمستويات قيادية مختلفة، ومقتل 51 إرهابياً».

وأكد النعمان، أن «تلك العمليات كانت مدعومة بإسناد جوي من قِبل القوة الجوية العراقية وطيران الجيش، وبعضها من قِبل طيران التحالف الدولي بعدد 10 ضربات جوية».

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here