لا تقدسوا بشرا : أين لينين الآن ؟
بقلم مهدي قاسم
مرت الذكرى المئوية لرحيل الزعيم السوفيتي الراحل فلاديمير إيليتش لينين بكل هدوء وصمت ، ــ وحسب متابعتي ــ لم يكتب عن هذه الذكرى المئوية إلا قلة قليلة حيث دفعهم الحنين إلى الأيام الاشتراكية “الذهبية ” السعيدا جدا بالنسبة لهم !، و هذا الصمت المخيم حول الذكرى المئوية هذه ، قد يعني أول ما يعني أن “شعاعه الفكري” لم يُعد بذلك السطوع المنتشرعلى نطاق واسع ، مثلما في العقود الماضية ، حيث كانت الحركات اليسارية الثورية منتشرة في القارات الثلاثة الآسيوية والأفريقية وأمريكا اللاتينية.، إذ أخذ هذا الشعاع يخفت ليطفئ يوميا بعد يوم نحو الخمود ، خاصة بعد الصدمة المرافِقة لانهيار بلدان المعسكر الاشتراكي ، واحدا بعد آخر ، مثل كومة هشة من الكرتون والقش..
إلا أن قصدنا من كتابة هذه السطور، بالتأكيد ليس تقييم تلك المرحلة التاريخية العاصفة لكوننا ــ وبكل بساطة ــ لسنا مؤرخين ، بقدر ما نود أن نشير إلى إن هذا الصمت المخيم حول الذكرى المئوية لميلاد لينين يجب أن يكون محفزا على إعادة التفكير بخصوص عبادة وتقديس البشر ، نقول هذا إذ أننا لاحظنا في أيام الاتحاد السوفياتي كيف كان البعض يتعامل بهاجس رجل متدين ملهوف مع لينين وكأنه رجل مقدس و أي انتقاد لأفكاره وسياسته أو بنظامه الاشتراكي يُعد ضربا من التكفير والتدنيس بالقيم الاجتماعية المقدسة !..
علما أن لينين نفسه ما كان ليرضى أن يتعاملوا معه بقدسية وتبجيل فهو المزيج من قائد سياسي على مفكر ثوري ورجل دولة وأن لفترة قصيرة وكان أكثر حصافة وحكمة من ستالين ..
والمثير أنه بعد مرور عقود طويلة عندما نلتقي مع بعض من هؤلاء الأشخاص ( الذين كانوا يقومون بازدرائنا لكوننا مستقلين حزبيا و فكريا ) كيف يفاجئوننا الآن ليس فقط بتطرّفهم ” الليبرالي ” إنما يزايدون على غيرهم أيضا من ناحية كم هم أصبحوا الآن ديمقراطيين وليبراليين جددا .!!.بحيث يؤيدون كل ما تقوم به الإدارة الأمريكية والحكومات “الاشتراكية الديمقراطية الغربية الخاضعة لها من سياسات هيمنة وفرض نفوذ على العالم بالجزرة تارة و بالهراوة تارة أخرى ..
مع العلم أن عملية تغيير الأفكار أحيانا ــ بتواز مع تطور منجزات العلوم المعاصرة بمعناها العام ، و بالأخص المعلوماتية التقنية ، ليست فقط أمرا حسنا و محمود أنما ضروريا أيضا .. ولكن ليس كل مرحلة بعد مرحلة مثلما يغير المرء قميصه أو حذاءه ..
وباختصار واختزال مكثفين : يجب عدم تقديس بشر ـ( وهم بشر مثلنا ، وبنفس المواصفات الفسلجية والنفسية والشعورية والذكائية النسبية ) مهما كانت مكانتهم “الروحية “والفكرية إنما يجب احترامهم وتقديرهم فحسب ، طبعا إذا كانوا جديرين بذلك .
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط