علاء كرم الله
لا شك أن السياسي الأكاديمي الكويتي ( الدكتور عبد الله النفيسي) الحاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة )كمبردج( في العلوم السياسية ، غني عن التعريف فقد ذاع صيته كثيرا على مواقع التواصل الأجتماعي من خلال اللقاءات والندوات والبرامج التي يحظرها وهويتكلم عن الأحداث التاريخية التي جرت على الوطن العربي وعلى مدى القرن الماضي والأحداث التي تجري الأن في العالم ، وتحظى طروحاته وأحاديثه وأراءه بالأهتمام من قبل المشاهدين لما فيها من جرأة ووضوح وما بها من أنتقاد للحكام العرب وتحديدا الخليجيين! . وفي أحد لقاءاته الكثيرة ، تحدث عن ( لقاء أجراه في بريطانيا مع السفير الأنكليزي اليهودي السابق (همفري ترفليان) ، الذي شغل منصب سفير بريطانيا في مصر قبل ثورة يوليو 1952 وكذلك شغل منصب سفير بريطانيا في العراق قبل ثورة تموز عام 1958!) ، وقبل الخوض بالتفاصيل ، لا بد من تصحيح المعلومة التي ذكرها الدكتور النفيسي! (( أن سفير بريطانيا في العراق أثناء قيام ثورة 14 /تموز 1958 هو (مايكل رايت) وليس (همفري ترفليان) كما يقول الدكتور النفيسي!، وأن السير (همفري ترفليان) عين فيما بعد سفيرا لبريطانيا بالعراق في كانون الأول / 1958 أي بعد 5 أشهر من قيام الثورة! ، وظل بمنصبه حتى أواخر سنة 1961 ، (راجع ماكتبه الأستاذ الدكتور سعد أبودية / الأستاذ بالجامعة الأردنية ، وكلك ما كتبه المرحوم الدبلوماسي العراقي الكبير نجدت فتحي صفوت في مجلة التضامن اللندنية بعددها 137 الصادر بتاريخ 23/11/1985 عن تفاصيل التمثيل الدبلوماسي البريطاني بالعراق) . وقد تحدث الدكتور النفيسي عن ((اللقاء مع السفير ترفليان الأنكليزي اليهودي الأصل، حيث يصفه شكلا ومضمونا! بأنه صاحب انف طويل كأنف يهودي وهوقصير القامة ، كما يصفه بالبخل ! ، حيث يقول الدكتور النفيسي ، قبل أن أبدأ حديثي معه ، تفاجأة عندما قال لي كم ستعطوني مقابل هذا اللقاء؟ وكذلك عليكم أن تدفعوا أجور الأضاءة!! ( فاتورة الكهرباء) لأجهزة الأنارة التي ستقوم بتسجيل اللقاء!؟ ، ويكمل الدكتور حديثه قائلا ، وبعد أن وافقت السفارة الكويتية في بريطانيا على كل طلباته!، وهنا لايذكر الدكتور النفيسي ما هي المواضيع التي تم الحديث عنها!؟ ، وما هي الأسئلة التي وجهها للسفيراليهودي السابق (ترفليان) وماذا أجاب!؟ ، فقط ذكر الدكتور النفيسي بأن (ترفليان) ، طلب منه أيقاف التسجيل والدخول معه الى غرفة صغيرة أخرى لوحدهما ! ، يقول الدكتور النفيسي أن (ترفليان) عرض ألبوم من الصور يظهر فيها هو والزعيم عبد الكريم قاسم يتاولون الغداء سوية!؟ ، ومرة هو والزعيم بالشورت يلعبون التنس ، في ساحة السفارة البريطانية!؟ ، ومرة وهو يأكل المسكوف مع الزعيم عبد الكريم قاسم!؟ ، ويقول الدكتور النفيسي ، عندما سألته عن تعجبي لما أرى من صور تجمعه مع الزعيم قاسم! قال له (ترفليان) أن الزعيم قاسم هو رجلنا في العراق!!!؟ ، يقول الدكتور النفيسي ، قلت له ولماذا لم تنشر هذه الصور!؟ ، أجابني (ترفليان) ، هذا ممنوع وهذا معناه نهايتي!!؟ ، وهنا يسأل مقدم البرنامج الدكتور النفيسي : لماذا لم تذاع هذه الحلقة أجابه النفيسي قائلا بأن (ترفليان) تكلم في هذه الحلقة عن الزعامات العربية وعن زعامات الخليج بشيء من الأنتقاد الواضح!!؟. ( الى هنا أنتهى ما تحدث به الدكتور النفيسي ، ويبدو أن الدكتور النفيسي كان يقوم بأعداد برنامج عنوانه /المائدة المستديرة/ يتضمن لقاءات يجريها مع شخصيات سياسية وقادة كان لهم ولعبوا دورا مهما في الوطن العربي أبان الحرب العالمية الأولى والثانية!). نعود الى الموضوع وما قيل عن الزعيم قاسم ، من الطبيعي أن عبارة الزعيم كان رجلنا في بغداد التي ذكرها الدكتور النفيسي نقلا عن السفير الأنكليزي اليهودي ، تعني بأن الزعيم عبد الكريم قاسم مفجر ثورة 14 / تموز المجيدة / 1958 حاشاه والف حاشاه كان عميلا للأنكليز!! ، وهنا نتوقف لحظة ونخاطب العقل والمنطق! ، بمثل معروف ومتداول يقول ( حدث العاقل بما لا يعقل، فأن صدقك فلا عقل له!) ، فكيف يمكن أن نصدق برواية سفير بريطاني يهودي يتكلم عن زعيم قام بثورة على نظام ملكي مدعوم من قبل الأنكليزوأمريكا وأسرائيل؟!! ، وكل العراقيين يعرفون ليس الآن بل ومنذ تأسيس الدولة العراقية ! ، مدى كره الأنكليز للعراق وحجم أطماعهم بهذا البلد!؟ ، وقد ظهر ذلك جليا واضحا بعد أشتراك الأنكليز مع الأمريكان في غزو العراق وأحتلاله سنة 2003 !! ، ثم كيف يمكننا أن نصدق برواية ينقلها شخص كويتي! مع كل الأحترام والتقدير لشخص النفيسي! فمهما أراد الدكتور النفيسي التجرد عن عواطفه وأراد أن يكون منصفا للتاريخ ويكتبه وينقله بحيادية ، فأن لا يستطيع !!؟؟ ، لكون حتى الطفل بالكويت يكره الزعيم عبد الكريم قاسم!؟ ، لأنه وفي أحد خطاباته طالب الزعيم قاسم بضم الكويت الى العراق، بدون أن يقوم بالهجوم عليها ، فقط مجرد هدد بذلك! وهنا لا بد من التوضيح بأن (التهديد لم يأت من فراغ فدائما ما عرف عن الكويتيين الخبث وأستغلال الظروف! ، وذلك بالتجاوز على مخافرنا الحدودية ، والحقول النفطية المشتركة!) فأراد الزعيم تهديدهم وتخويفهم وبنفس الوقت تأديبهم! وللتوضيح ( أنا هنا لست من المطالبين والمؤيدين لموضوع ضرورة ضم الفرع للأصل! فقط أنا أريد من الكويت أن تعرف حجمها أمام العراق سابقا والآن!!؟) ، ثم أن المطالبة بضم الكويت ليست بدعة غريبة وعجيبة! فالملك غازي رحمه الله هو أول من طالب بضم الكويت للعراق؟!! فالكويت والعالم كله يعرف ذلك وأولهم الكويتيين أنفسهم والأنكليز هي أصلا قضاء تابع لمحافظة البصرة العراقية! ، وكل الشواهد التاريخية والوثائق تؤكد وتقول بذلك!! وهذه حقيقة تاريخية لا يمكن القفز عليها ، ثم جاءت أحداث الغزو الصدامي للكويت عام 1991 لتعمق الجراح وتوغل صدور الكويتيين أكثر وأكثر صغيرهم وكبيرهم بكره العراق والحقد عليه!! ، وما السياسات الكويتية الآن المتمثلة بضم خور عبد الله وأنشاء ميناء مبارك لخنق العراق مائيا !! ، وكذلك التجاوزات الكويتية على الحدود العراقية والأستيلاء على الكثير من الحقول النفطية العراقية وضمها الى الكويت! كلها تأتي أستغلالا للظروف السياسية المربكة بالعراق وفساد الكثيرين من رجالات الطبقة السياسية! ، وبالتالي هو دليل على ذلك الكره والحقد التاريخي الذي لم ولن يزول من صدور الكويتيين! ، فالكويت عملت وتعمل جاهدة منذ الأحتلال الأمريكي البريطاني الغاشم للعراق في 2003 ، وبتشجيع من أمريكا وبريطانيا على تزييف التاريخ وتلفيق وتزوير الكثير من الوثائق والحقائق عن موضوع تبعية الكويت للعراق !! ، فكيف يمكننا أن نصدق ونأخذ برواية يتحدث بها شخص أنكليزي يهودي حاقد ، وينقلها عنه شخص كويتي!!؟، يتحدثون بها عن رجل كان خصما لهم!!؟؟ ، ثم لماذا لم يعرض السفير اللأنكليزي اليهودي الأصل تلك الصور التي مضى عليها قرابة 70 سنة!! وما هو تأثيرها على الأوضاع السياسية الحالية! فهناك أمور وأسرار خطيرة كشفت عنها الوثائق البريطانية بعد مضي 50 سنة عليها ، حيث لم يعد لها تأثير أو أية أهمية!؟ ولو أفترضنا جدلا أن موضوع الصور صحيح؟ ، فما العيب فيه ؟! لاسيما أن الزعيم معروف عنه بالكتمان والمراوغة فهو لا يظهر لك ما في داخله ولن تعرفه أبدا!!، فعندما قامت ثورة تموز /1958 توقع الباشا نوري السعيد أن اللواء غازي الداغستاني وكان قائد أحدى الفرق هو من قام بالأنقلاب؟ ، ولكنه تفاجأ عندما عرف الزعيم عبد الكريم قاسم هو من قام بالثورة!!؟ ، لأن الزعيم قاسم كان يعتبر من الضباط المقربين من نوري سعيد والقصر الملكي!!. . نعود الى صلب الموضوع ، فالمعروف عن الشخص العميل هو أن لا يعمل لصالح وطنه ويكون منقاد وتحت أمرة من (جاؤا به للسلطة أو هو رجلهم!) كما ينقل النفيسي عن ترفليان! وهذه مسألة واضحة ولا تحتاج الى ذكاء فحتى الأنسان البسيط يستطيع أن يفرق بين الزعيم الوطني والعميل ؟! ، وسياسة الأنكليز وغيرهم من المحتلين معروفة! ، وقد لمسنا نحن العراقيين ذلك بوضوح الشمس منذ الأحتلال الأمريكي والبريطاني 2003 وماذا عملوا بالعراق وأين أوصلوه وكيف نهبوا ثرواته ولا زالوا!؟. فكيف يعقل أن يكون الزعيم قاسم رجل الأنكليز في بغداد! ، وأول القرارات الثورية التي أصدرها بعد الثورة كلها كانت ضد المصالح البريطانية بشكل مباشر وغير مباشر! منها ( قانون الأصلاح الزراعي الذي حرر الفلاح من نير الأقطاع ، قانون من أين لك هذا الخاص بنزاهة المسؤولين ، قانون الأحوال الشخصية الذي يحررالمرأة ويمنحها كامل حقوقها الأنسانية والأجتماعية ، والأهم من كل ذلك والذي ضرب المصالح البريطانية والأمريكية والغربية في مقتل! هو صدور قانون رقم 80 الخاص بتاميم النفط العراقي! ، وكذلك أصدار قانون تحرير الأقتصاد العراقي وأخراجه من الكتلة الأسترلينية ، وقرار أخراج العراق من الأحلاف العسكرية!) ، وأجمالا لقد أقام الزعيم عبد الكريم قاسم 198 منجزا ومشروعا شملت كافة المجالات العسكرية والأقتصادية والعمرانية والسكنية والأجتماعية والأنسانية والفنية والثقافية والصحية والبنى التحتية والجسور والمستشفيات والجامعات والمدارس وغيرها ، خلال فترة حكمه التي لم تتجاوز الخمس سنوات!! ، (حيث حكم العراق لمدة 4 سنوات و6 أشهر و25 يوم!) ، ولمعرفة تفاصيل كل تلك الأنجازات التي قام بها الزعيم عبد الكريم قاسم وأنشئها في فترة حكمه ((( راجع على اليوتيوب برنامج مواقف ومواقف ، الذي يقدمه أبراهيم الزبيدي ، حلقة بعنوان الزعيم ظالم أم مظلوم))) . ونسأل هنا : لو كان الزعيم قاسم رجل الأنكليز وطبعا رجل الأمريكان أيضا! ( أمريكا وبريطانيا هما وجهان قبيحان لكل الشر بالعالم) ، كما يدعي السفير النكليزي اليهودي ، لماذا أتجه الزعيم قاسم صوب المعسكر الأشتراكي ( الاتحاد السوفيتي السابق) للأستفادة من خبراتهم ، في تنفيذ كافة المشاريع التي تم أنجازها؟؟! ، وعلى حسب قول (تريفليان) بأعتبار الزعيم هو رجلهم في بغداد كان يفترض بالزعيم أن يبقي على كل الأمور والمعاهدات والعلاقات التي كانت تربط المملكة العراقية مع الأنكليز على حالها والأستمرار عليها؟! ، لماذا ألغاها جميعا وطرد آخر جندي بريطاني من قاعدة الحباانية؟!! ، ثم أذا كان الزعيم قاسم هو رجل الأنكليز في بغداد على حد قول السفير الأنكليزي اليهودي ونقلا عن الدكتور الكويتي النفيسي! ، لماذا عملت المخابرات البريطانية والأمريكية على تدبير المحاولات الأنقلابية ضده التي وصلت لأكثر من 6 محاولات! ، ناهيك عن محاولة أغتياله عام 1959 في شارع الرشيد على يد البعثيين الذين كانوا طوع الأمريكان والأنكليز!! ، الى أن نجحت المخابرات البريطانية والأمريكية بتدبير أنقلاب 8 / شباط عام 1963 ومجيء البعثيين للسلطة وهذه حقيقة تاريخية واضحة وضوح الشمس يعرفها البعثيين قبل غيرهم!، وحينها قال الرئيس الأمريكي الراحل (جون كينيدي) ، لو لم ينجح أنقلاب 1963 لكنا قد حرقنا بغداد!! ، لقد عاد العراق الآن للحظن الغربي!!؟ ( راجع كتاب مقايضة بغداد برلين / للكاتب نجاح محمود). ويكفي الزعيم وطنية وفخرا وشرفا ، أن رئيس النظام السابق ( صدام حسين) والكل يعرف مدى العداء بينهم وهو من أشترك في محاولة أغتيال الزعيم عام 1959 ، أنه اعترف بتسجيل صوتي نادر عام 1984 بوطنية الزعيم قاسم ونزاهة ثورة تموز ووطنيتها وعدم تبعيتها لأية جهة!/ وبالأمكان (سماع ذلك التسجيل من خلال اليوتيوب). أن الزعيم عبد الكريم قاسم هو أكبر من تخرصات وتلفيق وكذب الحاقدين والمأجورين والعملاء والسراق والفاسدين ، وتبقى وطنية الزعيم عبد الكريم قاسم وحبه للعراق وشعبه وصمة عار وخزي بوجه أمريكا وبريطانيا وأسرائيل ومن معهم من العملاء والمأجورين . ولله الأمر من قبل ومن بعد.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط