الكاتب : د . خالد القرة غولي
يكاد الداخل الى العاصمة العراقية مدينة السلام كما يطلق عليها العرب سابقاً بغداد يشعر بالرعب التام ويكون دخوله أشبه بالدخول الى مدن تحاصرها وتسيطر عليها مليشيات البعض من الاحزاب ومساعديهم من كل الجهات , مدينة المعابد الدينية والمساجد تحول رخام جوامعها الى اناشيد حزينة وشوارعها تستصرخ ضميرا وقلوبا توشحت بها ارصفتها المتكسرة انظر .. ها هم اهلها تعاد اليهم المعارك من جديد ، بعد ان وضعت الحرب اوزارها في هذه المدينة الباسلة المجاهدة .. أعود من جديد الى مدينة الجمال
( بغداد ) الحبيبة وأعلن في هذه اللحظات وقريبا من أفق يحمل الينا فرات العراق وشمس أمنياتنا بعيدا عن حزن مدفون مقتبس من نهر دجلة الخالد وانين السدود ومنارات الدعاء المخضب بصلواتنا ، دعاء متبسم بعشق العراق .. واهل العراق اعذروني فانا مغرم بالذين وهبوا قلوبهم حبا وزرعوا انفسهم حصادا للطيبين من اجل هذا البلد , ايها الوطن الكبير الجميل العزيز اقترب مني فانا محتاج اليك جدا في هذه الايام .. دثرني يا نخل العراق احملني الى ضفاف دجلة الخالد ثم الى الفرات الى البصرة والى بغداد .. اوصل بي كركوك الغالية وارجع بي الى النجف الاشرف وديالي والعمارة والرمادي ودهوك والناصريه واربيل والحلة ، هل أبدو بعيداً عنها .. أم قريباً من ساحل فارغ يقع على شاطيء دجلة العجيب .. انها ساعات النهار الاخيرة .. تودع الشمس ابناء مدينة السلام ( بغداد العز والشرف ) يوما آخر اسمه يسبح به الناس لله العلي القدير يبدأ بعبير وتلاوات المسبحين نحو جهة الغروب فإذا بجموع الناس ترفع الاذرع الي الباري عز وجل وتنقل رائحة السلام والامان الى ابناء هذه المدينة الخالدة .. حيث بدأت مئات المآذن تدعو الناس الى صلاة المغرب .. سرت في شارع طويل جداً بعد الصلاة يكاد يفرغ تماماً من الناس بينما كانت الاعداد من السيارات المسرعة تذهب الى حيث لا ادري .. واهل ( بغداد العروبة ) الفضلاء الاصلاء الاتقياء الاعزاء يتمسكون بالتقاليد العربية والاسلامية والديانات الاخرى التي ورثوها من آبائهم واجدادهم لكنهم يتآلفون مع الغرباء حتى ينصهر الغرباء بينهم .. لكن مع الاسف لا ادري ما حل بهذه المدينة التي لها حضارة انتشرت شواخصها في كل بقاع العالم تحكي قصة شعب عريق مبدع متسلح بالعلم ، كان ولا يزال يثير في النفس اعتزازاً ومباهاة واعتلاء لناصية الفخر عبر ما تحقق لها ضمن مسيرتها الطويلة الحافلة بالعطاء ، وها هي المدن التي خطفها الأعداء .. بعد شهر نيسان عام 2003 من الفاسدين والطامعين الذين يعتقدون ان هذه المدن مزرعة مهجورة لا أصحاب لها ولا أهل يحرسونها ويحمونها من قوات الاحتلال والعفاريت الجديدة التي خرجت للتو من القمقم لهذه الأرض رافعين شعاراً لابناء هذه المدينة يجب ان تغادروها ولكنهم نسوا ان في العاصمة العراقية البطلة الجريحة عباقرة كثر وشجعان كثر وحكماء كثر لكن الوقت غير متاح للمبارزات بين أولئك العباقرة والشجعان والحكماء بل هو وقت ايجاد المخارج للناس قبل ان تحترق هذه المدينة , والسؤال هنا يطرح نفسه أمام الحكومة العراقية وأعضاء مجلس النواب الجدد كافة : ماذا فعلتم لهذه المدينة التي ظلت شوارعها مقفرة .. ابنية تهاوت وتهدمت ، ازقة لونتها الشـــعارات الطائفية .. ومآذن ومساجد اتعبها الرصاص , ولله – الآمر