2024-02-19
كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية عن أن 12 من المقاتلين الأفغان في “لواء فاطميون” قتلوا في الغارات الأمريكية الأخيرة على العراق وسوريا، وأن طهران التي كانت نفت ارتباطها بأي من المواقع المستهدفة، عملت على دفنهم في عدة مدن إيرانية من دون أن تتبنى أو تعلن مقتلهم رسميا، وهو ما يثير استياء في صفوف الأفغان المقيمين في إيران.
وتحدث التقرير الأمريكي ، عن مراسم دفن وعزاء أقيمت في احدى مدافن طهران لـ”شهداء” قتلوا في الغارات الامريكية، وفق تقرير ظهر على التلفزيون الإيراني مؤخرا.
ولفت التقرير الأمريكي إلى أن الرجال الـ12 الذين سقطوا لم يكونوا ايرانيين، وكانوا افغانا، وفقا لمقاتلين اخرين وتقارير إعلامية محلية، وهم جزء من “لواء فاطميون” الذي تشكل في ذروة الحرب الاهلية في سوريا، للمساعدة في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ومحاربة الإرهابيين.
لاجئون أفغان
واشار التقرير الى ان ايران بدأت في ذلك الوقت بتجنيد الاف اللاجئين الافغان للقتال، وعرضت على كل مقاتل 500 دولار شهريا، ومنح التعليم لأطفالهم، والاقامة في إيران، مضيفا أنه من المعتقد ان عدد افراد اللواء يبلغ نحو 20 ألفاً، وهم أساسا من اللاجئين الأفغان المقيمين غالبيتهم في إيران، حيث يعمل اللواء تحت قيادة فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
وتابع التقرير ان وسائل اعلام ايرانية تابعة للحرس الثوري ومنصات التواصل الاجتماعي التابعة لـ”الفاطميون”، نشرت اسماء وصور الافغان القتلى، مشيرة الى انهم قتلوا في غارات امريكية في العراق وسوريا، وهي ضربات جاءت ردا على هجوم بطائرة مسيرة في كانون الثاني/ يناير الماضي على قاعدة عسكرية في الأردن أدى الى مقتل 3 جنود أمريكيين.
وذكر التقرير بأن المسؤولين الإيرانيين كانوا قد نفوا ان يكون اي من العناصر العسكرية التي سقطت على ارتباط بايران، حيث قال سفير ايران لدى الامم المتحدة أمير سعيد ارافاني امام مجلس الامن الدولي ان ايران ليس لها ارتباط بالقواعد التي تعرضت للغارات في العراق وسوريا، متهما الولايات المتحدة بتحميل ايران المسؤولة بلا وجه حق، وان المدنيين فقط هم الذين قتلوا في تلك الضربات.
مصير الجثث
كما ذكر التقرير بأن الحرس الثوري ايضا لم يصدر بيانا يعترف فيه بمقتل الافغان، ولم يهدد اي مسؤول ايراني بالانتقام لمقتلهم، الا ان التقارير حول مقتل هؤلاء ظهرت في 4 مدن على الأقل في انحاء ايران، وهي طهران وشيراز وقم ومشهد، حيث تمت اعادة جثث الافغان بهدوء الى عائلاتهم، وذلك وفقا للصور ومقاطع الفيديو التي نشرتها وسائل الاعلام الايرانية.
واضاف التقرير انه خلال مواكب التشييع كانت النعوش ملفوفة بقماش أخضر ولا تحمل علم اي دولة، لكن بعض المشاركين في التشييع رفعوا العلم الأصفر اللون الذي يرمز الى “لواء فاطميون” وشعارهم.
وبحسب الصور ومشاهد الفيديو، فإن مسؤولين محليين ورجال دين وممثل عن الحرس الثوري وأعضاء من اللاجئين الافغان، شاركوا في بعض الجنازات.
ونقل التقرير عن الخبير في الجماعات المسلحة والإرهاب حسين احساني، وهو لاجئ أفغاني ترعرع في إيران، قوله “هناك قلق يتزايد بين الأفغان من أنهم يتعرضون للقتل، وإيران لا تحميهم وتتبرأ من شهدائهم لحماية مصالحها الخاصة”.
صمت فيلق القدس
ولفت التقرير إلى أن بعض الأفغان، وبينهم مقاتلون تابعين للحرس الثوري، اعربوا عن غضبهم واحباطهم من كيفية تعامل إيران مع القتلى، ونشروا رسائل على قنوات التواصل الاجتماعي تابعة لـ”فاطميون”، حيث انتقد بعضهم صمت فيلق القدس ووصفوه بالتمييز.
وكشف التقرير ان من بين الرجال الافغان الذين قتلوا، اثنين من كبار القادة الذين كانوا مقربين من قائد فيلق القدس السابق اللواء قاسم سليماني، بحسب ما اشارت اليه وسائل اعلام ايرانية وصور لهما معا في ساحة المعركة في سوريا، وهما سيد علي حسيني وسيد حمزة علوي.
واشار التقرير الى ان “لواء الفاطميون” ساهم بشكل كبير كخط الدفاع الأول في المعركة ضد داعش في سوريا، وفي المساعدة في تحرير العديد من المدن السورية، مضيفا ان صحيفة إيرانية لفتت مؤخرا إلى أن نحو 3 آلاف من عناصر هذا اللواء قتلوا في سوريا خلال السنوات الماضية، وان واشنطن تصنف هذه القوة على أنها منظمة إرهابية.
ونقل التقرير عن عضو سابق في “لواء فاطميون”، وهو افغاني ولد ونشأ في ايران وحارب في سوريا عدة مرات، إنه انجذب الى هذه القوة لانها وفرت له فرصة للهروب من الفقر والبطالة في إيران والحصول على وضع قانوني على الأراضي الإيرانية، مضيفا ان العديد من الأفغان انضموا أيضا الى اللواء بدوافع الدفاع عن الشيعة ضد جماعات متطرفة كالتي اضطهدت الهزارة الشيعة في أفغانستان.
وتابع التقرير أن المحللين يقولون انه لا يتوفر دليل على ان “فاطميون” متورط بشكل مباشر في الهجمات على القواعد الامريكية في العراق وسوريا، الا ان اللواء يؤدي دورا مهما في مساعدة إيران على تنسيق الخدمات اللوجستية على الارض لشبكة الميليشيات التي تدعمها واموالها واسلحتها في جميع أنحاء المنطقة، حيث ان هذه القوة الافغانية تؤدي دورا يتضمن الإشراف على قواعد تشكل محطات رئيسية على طول سلسلة توريد الاسلحة، بما في ذلك الطائرات المسيرة واجزاء الصواريخ والتكنولوجيا، التي يتم نقلها من ايران الى العراق ثم سوريا الى حزب الله في لبنان.
دور التنسيق الميداني
ونقل التقرير عن الباحث في “معهد الشرق الاوسط” الامريكي تشارلز ليستر قوله انه “عندما تجمد الصراع السوري الأوسع منذ سنوات، فإنه كانت هناك توقعات بأن يعود لواء فاطميون الى وطنه، ويتم حله وتسريح عناصره، الا انهم اندمجوا بشكل ما في إطار الشبكة الإقليمية الأوسع ووجدوا دورا للقيام به، من خلال الصمود وتنسيق الخدمات اللوجستية ميدانيا”.
ولفت التقرير الى ان احدى الغارات الامريكية دمرت قاعدة يتمركز فيها “فاطميون” في منطقة دير الزور السورية. وبرغم أن المتحدث باسم البنتاغون رفض التعليق بشكل محدد على استهداف القوة الافغانية، إلا انه قال ان الغارات نفذت لمعاقبة الحرس الثوري ووكلائه.
وبحسب التقرير، فقد تم اخلاء عناصر القيادة الايرانيين والموظفين الرئيسيين من القواعد تحسبا لوقوع الغارات الامريكية، الا ان مسؤولا ايرانيا مرتبطاً بالحرس الثوري قال ان المقاتلين الافغان بقوا في القاعدة، لأنه لا يمكن التخلي عن القواعد العسكرية.
ونقل التقرير عن رجل الدين المحافظ حجة الإسلام علي باناهيان قوله خلال مراسم تشييع 5 من القتلى الأفغان، قوله إن العدو كان “غبيا” عندما قتل هؤلاء الأفغان، مضيفا “أنهم شهداء بلا حدود، ومجاهدون في سبيل الإسلام وجبهة المقاومة”.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط