القوة تعني كل شيئ , وما تبدو عليه القوى الفاعلة في الأرض , أقنعة للخداع والتضليل والتبرير , فالأسود تتأسد , والثعالب تتثعلب , وبينهما أنواع من المخلوقات التي تُلقى على موائد الإفتراس كل يوم.
لا جديد في الواقع العالمي منذ نشأة الدول , فالقوى في حلبات المصارعة والملاكمة , والجمهور يهلل ويصفق للقوي , ويلعن الضعيف البائس الفقير , وينكر وجوده ويلغي قيمته.
أقوياء يتجبّرون وضعفاء يتدحرجون ويندحرون , فالقوي عادل , والضعيف جائر , والقانون ترس الأقوياء وأداتهم للنيل من الضعفاء.
فالقوة كل شيئ , ومَن لا قوة له لا يساوي شيئا!!
وفي الزمن المعاصر أضحت القوة مادية بحتة , بعد أن كانت في السابق تتفوق عليها القوة الروحية والفكرية والعقائدية , فما تملكه البشرية من أسلحة وأعتدة لم تتوفر لها في الأزمان الساحقة , كما أن وسائل الإتصال وماكنات الإعلام التعبوية المستندة على نظريات وقوانين نفسية معقدة , تلعب دورها الأكبر في تصنيع الآراء وبناء الكينونات اللازمة لتأمين عناصر القوة والإنطلاق نحو آفاق جديدة.
والعلاقات بين الدول تستند على مقدار القوة المتوفرة عند كل منها , فإن كانت قوية أذعنت لها دول ودول , وإن بدت ضعيفة هربت منها الدول وأهانتها , وإقتربت منها بإفتراسية وتوحشية مطلقة.
وبموجب ذلك تجد دولنا مرهونة بإرادات الدول الأقوى منها , وتابعة لغيرها , لأن الضعيف يعجز عن تقرير مصيره , ويكون في محنة الترنح كالشراع في مهب الريح , ولهذا تتراكم الخسائر وتندحر الشعوب في متاهات مصيرية مرعبة.
إن الحياة للأقوى , والذي يجهل هذا القانون الأرضي الفاعل فوق التراب منذ الأزل , عليه أن لا يتحدث عن الحياة , ولا يستطيع أن يرى بأنه موجود.
وبعض المجتمعات برغم ما تمتلكه من مفردات القوة الهائلة , لكنها تفتقد للقيادات الكفيلة بغستثمارها وإستعمالها للتفاعل مع الآخرين ,وفقا لمناهج القوة وقوانينها الغابية المؤكدة لوجود وهيمنة الأقوى.
فهل لدولنا أن تستعيد قدرات إمتلاك إرادتها للتعبير الأصدق عن جوهر قوتها؟!!
“ومَن تكن الأسد الضواري جدوده…يطن ليله صبحا ومطعمه غصبا”!!
د-صادق السامرائي
Read our Privacy Policy by clicking here