في حوار مطول مع الكاتب اللبناني غسان شربل نشرته صحيفة الشرق الأوسط، استعرض هوشيار زيباري استذكارات من عمله الطويل في وزارة الخارجية العراقية، بينها مكالمة استغرقت 45 دقيقة مع الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما حول الانسحاب من العراق، وحوارات داخل “الحلقة الضيقة” من الفريق الإيراني أبرز ممثليها جنرال حرس الثورة قاسم سليماني، واستبعد زيباري إمكانية انسحاب قوات التحالف خلال عام يشهد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.
زيباري في لقاء مع الكاتب غسان شربل:
10 شباط الجاري كان نقطة تحول لأن البرلمان العراقي أراد أن يعقد جلسة بنصاب كامل لإقرار أو تمرير قرار بطرد الأمريكان فوراً. لكن لم تكن هناك الاستجابة المطلوبة، لا من الكتل السنية العربية ولا الكتلة الكردية بأجمعها، ولا حتى من معظم الكتل الشيعية. أكثر من 230 نائباً، حضر فقط حوالي 75 نائباً، لذلك لم يحصل إجماع أو توافق أو نصاب، وأُجِّل الموضوع.
صعوبة الطلاق مع أميركا
– من الصعب جداً جداً حصول طلاق بين العراق وأمريكا حقيقة لارتباط العلاقة الأميركية بالعراق وبالمنطقة بقضايا دولية وإقليمية واقتصادية، فلذلك الطلاق والانفكاك من هذه العلاقة صعب. في اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تفاوضنا حولها معهم، منحونا الكثير من الفرص والمجالات لدعم الاقتصاد والأمن والقدرات العراقية، لكن مع شديد الأسف، الحكومات العراقية المتتالية لم تستفد من هذه الفرصة المتاحة.
45 دقيقة مع أوباما
كان هناك نقاش حاد بين القيادات العسكرية التي عملت في العراق، وغالبية قيادات الجيش الأميركي حالياً خدمت في العراق. لذلك كان لديهم خوف أو قلق أن الانسحاب المفاجئ وبهذه الطريقة وعدم إبقاء بعض القوات للمساعدة، سيهدد مصالح أميركا، بالنسبة للإرهاب أو للقوى الأخرى الطامعة في العراق. لكن الرئيس الأمريكي أوباما قرر سحبهم ولم ينتبه إلى هذه النصيحة، وأنا تكلمت معه حوالي 45 دقيقة.
هو كان في حملته الانتخابية والعراق كان قضية أساسية في الانتخابات وقتها. كان جون ماكين هو المرشح الجمهوري. والعراق كان محط اهتمام بارز بالنسبة إلى المعسكرين. اتصل بي (أوباما) بالهاتف، وكان خلال جولة انتخابية في إحدى الولايات. رسالتي له كانت أننا نعتقد أن العراق لم يتعاف بالكامل، يعني ليس بلداً اعتيادياً أو طبيعياً. هناك تهديدات إرهابية وتهديدات أمنية. لذلك لا نشجعك أن تتسرع في سحب القوات بشكل كامل. نحتاج إلى هذه المساعدة ومساعدتكم في تدريب وتأهيل قواتنا العسكرية. هو أخذ الموضوع بمعنى أنه: لا، أنا جئت لأخلص أميركا من الحروب الخارجية. في أفغانستان والعراق. نريد أن نركز على الوضع الداخلي. كانت هناك أزمة مالية في السوق العالمية.
أزيدك من الشعر بيت؟
(بعد انهيارات الجيش واجتياح داعش) وقعت المهمة عليّ أيضاً حين كنت وزيراً للخارجية. كنت وزيراً صاحب قرار. حين استشعرنا أن هناك تهديداً حقيقياً للحكومة وللبلد، وافقنا مع الأميركيين على تبادل مذكرات لطلب المساعدة لأن هذا الخطر داهم وغير متوقع. ولا تزال هناك تحقيقات حول كيف صارت الدعوة آنذاك حين عادوا في 2014 وساعدونا. ساعدوا أربيل عاصمة إقليم كردستان التي كانت مهددةً من «داعش». سامراء كانت مهددة.
أي إلغاء لهذا التفاهم – حتى أزيدك من الشعر بيتاً – يحتاج موافقة الطرفين ويحتاج إلى فترة زمنية وإشعار للطرف الآخر بمدة لا تقل عن سنة.
في أميركا هذه السنة انتخابية، وصعب جداً على أي رئيس أن يتخذ قراراً كهذا والمنطقة مشتعلة ولا نعرف أين تتجه الأمور. في تقديري لا يستطيع العراق الحصول على الطلاق في هذه العلاقة.
هذه حواراتنا مع قاسم سليماني وولايتي
كانت لدي نقاشات مع الراحل (قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني) الجنرال قاسم سليماني الذي استهدفته القوات الأميركية في مطار بغداد في 2020، ومستشار المرشد علي خامنئي وهو وزير الخارجية الأسبق علي أكبر ولايتي في 2007-2008. كنا في زيارات مع رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء إلى طهران ونتناقش معهم، فأحد طلباتهم كان مفادها «أنتم يا أكراد ويا شيعة تخلصتم من الديكتاتورية، فالمفروض أن لا تثقوا بالاستكبار العالمي وبالأميركيين. مفروض أنتم أيضاً تصيرون جزءاً من محور المقاومة».