هؤلاء الفلاسفة و الكتّاب المتشائمين عاشوا حياة عريضة وممتلئة و طويلة
بينما ثمة كّتاب وشعراء متفائلين قد انتحروا !
بقلم مهدي قاسم
ثمة مجموعة من فلاسفة وكتّاب تُطلق عليهم تسمية فلاسفة ” التشاؤم ” و كتّاب “العبث ” الذين صورّوا الحياة من خلال كتاباتهم على أنها عبثية ، وبلا معنى ـ بل و عبأ لا يُطاق ..
إلا إن كل هذا الموقف اليائس والمتسم بالتشاؤم الشديد ورؤية الحياة من خلال منظار اسود وكئيب ــ على الأقل عبر كتاباتهم و نصوصهم الفلسفية
والأدبية الأخرى ــ لم يمنعهم من مواصلة الحياة ومعايشتها بكل امتلاء وشغف ــ ربما بحثا ــ عن مجد وجاه وخلود و عن بعض من الرفاهية أيضا ..
فحسب سيرة ذاتية لكل واحد منهم ابتداء من الفيلسوف شوبنهاور ، ونيتشه ، إميل سيوران ، فرانتس كافكا ، صمويل بيكيت ، ألبير كامو ، بيتر فيسل زابفه ، الكاتب والشاعر الإيطالي جاكومو ليوباردي والكاتب النمساوي ــ الهولندي الأصل توماس برنهارد والخ ، فهؤلاء لم يقدموا على أن يضعوا حدا لحياتهم انتحارا ــ مثلا ــ بل كانوا يعيشون حياتهم بشغف إلى حد كانوا يحرصون على تثبيت حقوق وملكية النشر والتأليف على أغلفة مؤلفاتهم فألى هذا الحد كانوا متعلقين بالحياة ! ..
بينما في مقابل كتّاب العبث و فلاسفة التشاؤم هؤلاء لاحظنا إن كتّاب الأمل والكفاح في الحياة من أمثال الروائي أرنست همنغواي ، الكاتب اليساري النمساوي شتيفان تسفايج ، الشاعر الروسي ماياكوفسكي ،الروائية الإنجليزية فرجينيا وولف ، الروائي الياباني يوكيو ميشيما ، الشاعرة الأمريكية سيلفيا بلاث و الخ والخ ..
قد وضعوا حدا لحياتهم انتحارا بطرق وأساليب مختلفة ..
إذ يكفي أن نُشير هنا إلى رواية “الشيخ والبحر ـ مثلا وليس حصرا ” لهمنغواي والتي بفضلها حاز على جائزة نوبل ،تلك الرواية الرائعة التي جسّدت عظمة الكفاح الإنساني وصموده الأسطوري في أصعب الظروف معاناة وقسوة ، تمهيدا ل تجاوز كل الصعوبات الرهيبة والفظيعة ، ثم تتويجا بالانتصار النهائي والحاسم ..
هذا دون أن نذكر قصائد الشاعر الروسي ماياكوفسكي الثورية الحاثة على الكفاح والنضال وبناء الاشتراكية ..
في حين أن الروائي الياباني والحائز على جائزة نوبل يوكيو ميشيما كان مفعما بمشاعر قومية زاخرة سعت إلى حماية الثوابت والقيم اليابانية الأصيلة و العريقة من تلوثات الليبرالية الجديدة المنحطة التي اجتاحت اليابان بعد القصف النووي والاحتلال الأمريكي ، حتى أنه قاد انقلابا عسكريا فاشلا ، ثم أقدم فيما بعد على الانتحار في السبعينات من القرن الماضي .
ويبقى أن أقول :
ــ أني كتبتُ هذه السطور كصدى على ما يتم تداوله يوميا وفي أكثر من منشور على صفحات التواصل الاجتماعي وبشكل مكرر و محصور بأقوال مقتضبة ـ ربما تكون منقولة من صفحات عديدة و لعشرات مرات ــ لكل من إميل سيوران ، كافكا ، نيتشه ، و شوبنهاور ..
وهي أقوال تُجسُد ــ عموما ــ حالات اليأس و الإحباط والعجز مع إشارات تُشير إلى عبثية الحياة و عدم معناها وجدواها !..