شيء من فواجع التاريخ وكذبه؟!

علاء كرم الله

يعد علم التاريخ من أصعب العلوم وأكثرها تعقيدا وخطورة!، لو قورن بباقي العلوم الأخرى، لأنه الأكثر عرضة للتزوير والزيادة والنقصان وطمس الحقائق وقلبها وتزييفها!! ، ولا زالت جعبة التاريخ وصندوقه الأسود تحوي الكثير من الأسرار والحقائق التي مضى عليها عشرات بل مئات السنين ولربما حتى ألاف السنين التي لم تكشف لحد الآن!، ومن قساوة وفواجع التاريخ وعدم مبالاته! أن حقائقه وأن ظهرت وكشفت للعيان فهي لن تغير من الواقع أي شيء! على سبيل المثال ( ماذا سيغير تقرير لجنة تشيلكوت البريطانية الذي أستغرق أعداده من قبل اللجنة 7 سنوات! ، والذي أثبت بأنه لا يوجد أي مبرر قانوني لأحتلال العراق وأن الأحتلال بني على معلومات مغلوطة ، حيث ثبت للجنة أن العراق لا يمتلك أي سلاح جرثومي وكيمياوي يهدد أمن المنطقة ويعرض السلم البشري للأذية!) ، فهذه الحقيقة الصادمة والتي عرفها العالم كله ومجلس الأمن والأمم المتحدة بما فيهم الطبقة السياسية الحاكمة في العراق!، ماذا ستغير من حال العراق ، وواقعه المزري وهو يعيش تحت ظل الأحتلال الأمريكي والبريطاني وتدخلات كل الدول العربية والأقليمية بشؤونه منذ 21 عاما ولحد الآن؟! ، ثم أن حقائق التاريخ حتى وأن عرفت ، فهي لا ترجع الحقوق لأصحابها ولن تعيد حقا تم أغتصابه بالقوة والبلطجة فالتاريخ دائما مع القوي!؟؟. ومن جانب آخر وفي موضوع ما نقله التاريخ لنا عبر الأزمان ، تجد من الصعوبة أن تحدث تغيرا في عقول الناس وما جبلوا عليه ودرسوه عبر مراحل الدراسة وما ترسخ في عقولهم عن تلك الحوادث التاريخية التي مرت وأن كان كله كذب وتلفيق وتزوير فمن يدري؟! . أن أخطر ما في التاريخ الذي درسناه وقرأناه وقلبنا صفحاته هو أن اليهود ، وبعد ذلك الصهيونية العالمية هم من كتبوا تاريخ العالم أو شاركو في كتاباته!! ، عبر كل الأزمان وكانت بصماتهم واضحة فيه!! . وبالنسبة للتاريخ الأسلامي فالأمويين والعباسيين هم من كتبوا التاريخ الأسلامي! ، وعلينا أن نتصور كيف كتبوا ذلك التاريخ بروح وصورة العداء التاريخي والدموي بينهم! ، فمن الطبيعي أنهم كتبوا التاريخ ودونوه بلغة وقلم المنتصر والمتشفي بأعدائه! وكل كتبه على هواه ، فكتبوا ما يحلى لهم أن يكتبوا بعد أن تجردوا عن أسلامهم ، وعن أية قيم ومباديء ، فقد كتبوه تحت ضغط ما أملت عليهم غرائزهم وعصبيتهم القبلية وحقدهم وكرهمم لبعضهم البعض! فأي تاريخ نقلوا ألينا!!؟؟ ، وهنا لا ننسى دور اليهود الخبيث في كتابة التاريخ الأسلامي تحديدا! ، فقد كان لهم دورهم الكبير في الدس والتلفيق والتزوير وقلب الحقائق ، من أجل أثارة الفتن والمشاكل والأزمات الفقهية والدينية والمذهبية بين المسلمين الى يومنا هذا!! ، فقد دسوا ولفقوا الكثير من المعلومات التي لا أساس لها من الصحة! من أجل خلق الفتن والأضطرابات وأثارة الأحقاد والضغائن بين المسلمين ، والمصيبة هي أنه لا زال الكثير متمسكين بتلك المعلومات ويصدقونها من غير فهم ولاعلم ولا أنتباه ولا تدقيق! ، والغريب والمؤلم في الأمر! بل هو أحد كوارث التاريخ من وجهة نظري ، هو أنهم حتى وأن عرفوا كذب هذه المعلومات التي نقلت أليهم وأنها ليست حقيقة مطلقة وهي غير صحيحة ومدسوسة ولا يقبلها عقل ولا منطق ، وأنها من تأليف ومكر وخبث أحبار اليهود ، فأنهم لم ولن يتراجعوا عما تعلموه وعرفوه ودرسوه وتربوا عليه في بيوتهم وفي المدارس والجامعات والجوامع والحسينيات!!! . فقد يترسخ في عقول الناس ويبقى في بالهم ماهو شائع ومألوف ومعروف وما نقل لهم عبر الأزمنة والعصور! ، وبالتالي من الصعوبة تغيير ذلك ألا لدى القلة القليلة من أصحاب العقول الراجحة والكبيرة والنيرة والعاقلة! . ومثال على فواجع التاريخ! أن نتفاجأ، بأنتشار فديو وقبل أيام!! ، وعلى مواقع التواصل الأجتماعي وشاهدته على (الواتس آب) ، يتحدث عن الهولوكوست الألماني لليهود ، ولكن بغيرالرواية المنقولة ألينا والمعروفة منذ قرابة 80 عام!! ، والتي تقول بأن الزعيم الألماني هتلر كان قد حرق اليهود بأفران من النار!! ، فالتقريرالجديد يتحدث عن رواية جديدة ويزعم بأنها هي الحقيقة!! حيث يقول التقرير وننقله كما جاء في نصه (( حيث يقول التقرير الجديد ، بأن الهولوكوست الألماني كان فقط لليهود الذين عارضوا قيام دولة أسرائيل !!! ، وكذلك يتحدث التقرير عن وجود أتفاقية مكتوبة بين عائلة آل روتشيلد اليهودية المعروفة والتي تقود العالم! والزعيم الألماني النازي هتلر لنقل اليهود الى فلسطين!! ، وأن هناك مفاوضات سرية بين النازيين والصهاينة منذ عام 1933 ! بخصوص ذلك)) !!! ، فكم هي صادمة مثل هذه الحقائق!! وأنت تكتشفها بعد أكثر من 80 عاما! ، ( بالأمكان الأطلاع على ذلك من خلال اليوتيوب) ، ويطرح التقرير في الفديو ، سؤال هام جدا على أساس هذه الحقيقة الجديدة التي يفجعنا بها التاريخ!! هو : لماذا لم يقم الصهاينة تمثالا ( للزعيم الألماني هتلر) في أسرائيل؟ ، من باب التقدير والشكرله ،على تحالفه معهم في صناعة دولة أسرائيل!! . مثال آخر على فواجع التاريخ وكذبه : ما سمعناه وما عشناه من أحداث من بعد الأحتلال الأمريكي والبريطاني للعراق والى يومنا هذا ، على كافة المستويات السياسية والأقتصادية والدينية والمذهبية وغيرها من أمور وتفاصيل وأحداث ووقائع وأزمات وحروب داخلية وأغتيالات وأنفجارات و و و و غيرها الكثير، من الطبيعي أن فترة الأحتلال أصبحت حقبة من حقب التاريخ وجزء هام منه بكل القصص والتفاصيل التي رافقته ، ولا بد هناك من سيكتب عن تاريخ هذه الحقبة السوداء من تاريخ العراق!! ، والسؤال من الذي سيتصدى ويكتب عن هذه الحقبة بتجرد كامل؟ ، بل وكيف سيكتب الحقيقة ؟ لا سيما أن الكثير من حقائقها قد غيبت وضاعت وطمست وقسم منها قد تم تزييفها!! ، ومن يدري فلربما السارق في حقبة الأحتلال يصبح زاهدا وشريفا والقاتل المأجور يصبح بطلا ، والعميل يصبح هو الوطني والمضحي والمناضل ، والعكس صحيح!!، لا سيما أذا عرفنا بأن لكل فترة وزمان هناك كتاب البلاط ( البوقجية والمطبلين والأفاقين) ، الذين يعرفون كيف يدافعون عن الباطل ويزيفون الحقائق ويقلبونها (من الأسود الى الأبيض وبالعكس) ، فكم من مرة ومرة نسمع أكثر من رواية عن حدث وواقعة وقعت توا قبل ساعات وقبل أيام ! ولكنها تنقل على لسان هذا وذاك وكل واحد منهم يدعي صدق روايته وحقيقتها . فعلى سبيل المثال كم من رواية سمعنا عن كيفية ألقاء القبض على رئيس النظام السابق!؟ ، وعن كيفية أعدامه؟ ومن هم المسؤولين وقادة الأحزاب السياسية الذين حظروا الأعدام ؟ ومن الذي قام بالتصوير؟ ، ولا زالت تظهر رواية جديدة عن الموضوع بين الحين والأخر!؟ ، وأيضا كم رواية سمعنا عن فلان ونقلا عن فلان الذي شاهد وروى كيفية ولحظة أعدام الزعيم عبد الكريم قاسم ، في 9 / شباط /1963 وآخر تلك الروايات ماذكرها السيد (أبراهيم الزبيدي في برنامجه الرائع / موقف ومواقف/ قبل شهر!!) ، وطبعا لا تجد في كل ذلك روايتين متطابقتين ومتشابهتين! . نعود بالقول أن ديدن التاريخ كما ذكرنا آنفا ، يكتبه من هم في السلطة وبالتالي التاريخ يكتبه المنتصرون! أي الأمريكان والأنكليز ومن جاء معهم وناصرهم ووالاهم ، والسؤال هل رأيت منتصرا كتب بتجرد ونزاهة عن خصومه؟، وانا هنا أتكلم عن 20 سنة فقط! ، فما بالك ما نقله وينقله التاريخ لنا عن أحداث وحروب وغزوات عبر مئات السنين وما بلك أكثر ، عما نقله التاريخ لنا عن أحداث مضى عليها أكثر من 1000 عام! نشرت الفرقة والخلاف والكره والحقد بيننا وهذا ما يريده اليهود أعداء الدين الأسلامي وأعداء الحق والحقيقة ، منذ وعبر التاريخ وهذا ما تعمل عليه الصهيونية العالمية الآن ، في نشر الخلاف والفتن والأضطرابات بين المسلمين مستفيدة من تعدد مذاهبهم ووجود بعض الأختلافات البسيطة بين تلك المذاهب والتي لا تكاد تذكر ولكنهم يكبرونها ويعظمونها ويعمقونها!!. وأخيرا أسأل القاريء الكريم سؤالا يحمل كل البراءة وجعلت الله حكما على نفسي! : ((أيهما أفضل كذبة تجمعنا وتقوي أواصر العلاقة والأخوة والمحبة بيننا ، أم حقيقة تفرقنا وتخلق الفتن والخلافات وتثير الأحقاد بيننا!؟)). وعلى ما تقدم أرى أننا لا نأخذ التاريخ المنقول لنا ونعتبره من المسّلمات التي لا يجوز التقرب منها ومناقشتها!؟ وبنفس الوقت لا نهمله ونرمي به ، وليكن عقلنا هو دليلنا فيما كل ما نقل لنا!. ولله الأمر من قبل ومن بعد ، والله من وراء القصد.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here