طريق الشباب (حلقة ثقافية) الملامح مرآة النفس * د. رضا العطار
انما ترى النفس من خلال الجسم، اذا كان هناك ذكاء يتألق ويسطع على الوجه بتعابير الفهم والحماسة والاخلاص والتفاؤل، ولكن هذه التعابير تختفي وايضا تختفي معها النفس، عندما يسود التشاؤم، او البلادة او الفتور او الخبث.
وكثيرا ما اقعد الى احد الاشخاص، سواء أكان رجل او امرأة فأحس كأني ارى شخصا فقط ولا ارى نفسا، ذلك لانه فاتر لا يبالي ولا يستطيع، او هو مغموم قد كربته كارثة فتجمدت ملامحه منها. او هو بليد، مظلم، لم تشرق على عقله اضواء الثقافة، او هو ماكر يفكر في الاذى حتى كلحت ملامحه لدمامة نفسه.
ونحن حبن نصف احد الناس بان له شخصية قوية او ساحرة انما نقول في الواقع ان له نفسا منيرة قد سطعت على وجهه. وحين نصف آخر بان شخصيته كريهة او جامدة انما نقول في بعض الواقع بان له نفسا لم تنتبه بالثقافة او تنصهر بالتجربة.
ذلك ان جمالنا هو جمال نفوسنا، وهذا الجمال يصنعه كل منا لنفسه. لان ما نرثه من الطبيعة انما هو المادة الغشيمة، اي الجسم، اما النفس فهي من صنع ايدينا وعقولنا، لانها ثمرة التربية والاختبار والثقافة والاخلاق.
ولذلك يجب ان ننشد الجمال في اجسامنا عن طريق ايجاده في نفوسنا، فلا نفكر في الشر والخبث او الاذى، لان كل هذه الاشياء ترسم خطوطها المشؤمة على وجوهنا، كما تنطلق بكلمات قبيحة على السنتنا.
اننا يجب ان نفكر في الخير والبر واسعاد الناس وترقية المجتمع ونؤمن بالعدل والشرف وعندئذ لا نكون اشخاصا فقط بل نكون ايضا نفوسا عامرة تشجع النار والنور.
* مقتبس من كتاب طريق المجد للشباب للعلامة سلامة موسى.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط