الدكتور فاضل حسن شريف
تكملة للحلقات السابقة جاء في مجلة رسالة القلم عن العدالة الإجتماعية في القرآن الكريم للشيخ قصي الشيخ علي العريبي: ويتضح من هذه الجملة بجلاء أن مصدر الظلم والجور كلّه، هو اتّباع الهوى، فالمجتمع الذي لا تسوده الأهواء يكون بمأمَنٍ مِنْ الظلم والجور. ولأهمية موضوع تحقيق العدالة، يؤكد القرآن هذا الحكم مرّة أُخرى، فيبين أنّ اللَّه ناظر وعالم بأعمال العباد، فهو يشهد ويرى كل من يحاول منع صاحب الحق عن حقه، أو تحريف الحق، أو الإعراض عن الحق بعد وضوحه، فتقول الآية: “وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً” (النساء 135). أي: ان تنحرفوا قليلاً أو كثيراً فان اللَّه خبير بكم. فجملة “إِن تَلْوُواْ” (النساء 135) تشير في الواقع إلى تحريف الحق وتغييره، بينما تشير جملة “تُعْرِضُواْ” إلى الإِمتناع عن الحكم بالحق، وهذا هو ذات الشيء المنقول عن الإمام الباقر عليه السلام. والطريف أن الآية اختتمت بكلمة “خَبِيراً” ولم تختتم بكلمة ( عليماً ) لأنّ كلمة ( خبير ) تطلق بحسب العادة على من يكون مطلعاً على جزئيات ودقائق موضوع معين، وفي هذا دلالة على أن اللَّه يعلم حتى أدنى انحراف يقوم به الإنسان عن مسير الحق والعدل بأي عذر أو وسيلة كان، وهو يعلم كل موطن أو موقع يتعمد فيه إِظهار الباطل حقاً، ويجازي على هذا العمل. وتثبت الآية اهتمام الإسلام المفرط بقضية العدالة الاجتماعية، وإن مواطن التأكيد المتكررة في هذه الآية تبين مدى هذا الاهتمام الذي يوليه الإسلام لمثل هذه القضية الإنسانية الإجتماعية الحساسة، وممّا يُؤسف له كثيراً أن نرى الفارق الكبير بين عمل المسلمين وهذا الحكم الإسلامي السامي، وإن هذا هو سرّ تخلف المسلمين. دور النعم الإلهية والعدالة في الحياة الاجتماعية إنّ أهمّ حكمة وراء خلق الإنسان والكائنات أن يتعرف الرب لخلقه في كل شيء حتى لا يجهلوه في شيء فيعبدونه حق عبادته، ولا ينظرون إلى شيء إلا ويرونه قبله ومعه وبعده، لقد كان كنزاً مخفياً فأراد أن يعرف فخلق الخلق، لا لحاجة منه إليهم، بل لحاجة منهم إليه، ولا ليربح عليهم، بل ليربحوا عليه. وهكذا فان السمة البارزة في الخليقة هي رحمة اللَّه، وإن طبيعة الخلق الأولى للإنسان قبل أن تدنَّس من المخلوقين أنفسهم لهي طبيعة إيجابية حميدة، وإنّ فطرته ليست نابية ولا معادية، إنّه يتفكّر في نفسه فيراها غارقة في محيط من النعم والآلاء، خلقه رحمة، وتعليمه وبيانه نعمة أيضاً، ثم يجول بفكره في العالم من حوله فيرى الشمس والقمر، والنجوم والشجر، والسماء والميزان، وهكذا الأرض وما تحتويه كلّها نعم، وكلّها خلقت ولا زالت تؤدي دورها ضمن نظام دقيق في صالحه. قال اللَّه تعالى في محكم كتابه الكريم: “وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ” (الرحمن 7-9). هذه الآيات هي استمرار لبيان النعم الإلهية التي جاء ذكر خمس منها في الآيات السابقة، حيث تحدثت عن أهم الهبات التي منحها اللَّه سبحانه. وفي الآية مورد البحث يتحدث سبحانه عن النعمة السادسة، حيث يتجلى فيها اسم الرحمن سبحانه، ألا وهي نعمة خلق السماء، فهي تتضمن نعمة السلام والأمن، سواءً كان أمن وجود الإنسان أو أمن حقوقه، والسماء في هذه الآية سواء كانت بمعنى جهة العلو، أو الكواكب السماوية، أو جو الأرض – والذي يعني الطبقة العظيمة من الهواء والتي تحيط بالأرض كدرع يقيها من الأشعة الضارة، أي: أن الغلاف الجوي يمتص هكذا أشعة من الوصول إلينا، ويخفف من الأشعة الأخرى التي من شأنها لو وصلت إلينا بصورةٍ مركزة الإضرار بنا أيضاً، وتقينا هذه الطبقة، أي: الغلاف الجوي من الصخور السماوية وحرارة الشمس، والرطوبة المتصاعدة من مياه البحار لتتكوّن الغيوم وتنزل الأمطار، وهكذا – إنّ كل واحدة من هذه المعاني هبة عظيمة ونعمة لا مثيل لها، وبدونها تستحيل الحياة أو تصبح ناقصة. نعم إنّ النور الذي يمنحنا الدفء والحرارة والهداية والحياة والحركة يأتينا من السماء وكذلك الأمطار، والوحي أيضاً، وبذلك فإنّ للسماء مفهوماً عامّاً، مادياً ومعنوياً. وإذا تجاوزنا كل هذه الأُمور، فإنّ هذه السماء الواسعة مع كل عوالمها هي آية عظيمة من آيات اللَّه، وهي أفضل وسيلة لمعرفة اللَّه سبحانه، وعندما يتفكر أُولو الألباب في عظمتها فسوف يقولون دون اختيار: “رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً” (ال عمران 191). ثمّ يستعرض سبحانه النعمة السابعة حيث يقول تعالى: “وَوَضَعَ الْمِيزَانَ” (الرحمن 7). فكما ضمن اللَّه سبحانه وتعالى حياتنا بالسماء ضمن برحمته الحقوق للإنسان عندما وضع الميزان. نعم، فالحياة كلها من النبتة الصغيرة حتى الشجرة الكبيرة، ومن الذرة المتناهية في الصغر، حتى المجرة المتناهية في السعة والضخامة، وفيما بينها الإنسان والشمس والقمر، كلُّ ذلك يتجلّى فيه التدبير اللطيف والنظام الدقيق، حتى قالوا أنّ الحياة كُتِبت بلغةٍ رياضية، ولذلك فإنّها تنعكس في ضمير الإنسان وفي رسالات اللَّه بصورة موازين وقيم، أَليس الفكر مرآة صافية ؟ أو لا تعكس هذه المرآة ذلك النظم الدقيق، والتدبير الحسن ؟ بلى. وكذلك الوحي يذكرنا بالعقل، ويفصح عن تلك الموازين الحق التي انبثّت في الخليقة. فالإنسان يعرف الخير من الشر، والحسن من القبيح، بل ويزن أيضاً أيَّ الشرّين أهون وأيَّ الحسنيين أفضل، كما أنّه يتمتع بحسٍّ جمالي، ألا تراه كيف يميّز بين لوحةٍ وأخرى، ووجهٍ وآخر، كما أنّه بحواسه يفرّق بين الأحجام، والألوان، والمسافات، والأصوات. هل فكّرت كيف يميّز الإنسان بأُذنه بين الأصوات المختلفة، يقيس – مثلاً – صوتين متقاربين لأخوين، بل صوت الإنسان الواحد في مرحلتين أو حالتين، حينما يستيقظ من نومه، وحينما يكون مريضاً.
جاء في موقع الجزيرة عن العدالة الاجتماعية حين تكون من أعلى الهرم للدكتور علي الصلابي: إن من أهداف دولة الإسلام إقامة المجتمع الإسلامي الذي تسود فيه قيم العدل والمساواة ورفع الظلم ومحاربته بجميع أشكاله وأنواعه كافة، وعليها أن تفسح المجال وتيسر السُبل أمام كل إنسان يطلب حقه، أن يصل إليه بأيسر السبل وأسرعها دون أن يكلفه ذلك جهدًا أو مالًا، وعليها أن تمنع أية وسيلة من الوسائل من شأنها أن تعيق صاحب الحق عن الوصول إلى حقه. لقد أوجب الإسلام على الحكام، أن يقيموا العدل بين الناس، دون النظر إلى لغاتهم أو أوطانهم أو أحوالهم الاجتماعية، فهو يعدل بين المتخاصمين ويحكم بالحق، ولا يهمه أن يكون المحكوم لهم أصدقاء، أو أعداء، أو أغنياء أو فقراء عمالاً أو أصحاب عمل. يقول تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ” (المائدة 8). وبناء على ما سبق رفع العدل لواءه بين الناس، فالضعيف آمن على حقه، وكله يقين أن ضعفه يزول حينما يحكم العدل، فهو به قوي لا يمنع حقه ولا يضيع، والقوي حين يظلم يردعه الحق، وينتصف منه للمظلوم، فلا يحتمي بجاه أو سلطان أو قرابة ذي سطوة أو مكانة. وذلك هو العز الشامخ، والتمكين الكامل في الأرض.
جاء في موقع تعليم السلام العالمي عن اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية: في 26 تشرين الثاني / نوفمبر 2007، أعلنت الجمعية العامة أنه اعتباراً من الدورة الثالثة والستين للجمعية العامة، سيُحتفل بيوم 20 شباط / فبراير سنوياً باعتباره اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية. خلفيّة: اعتمدت منظمة العمل الدولية بالإجماع إعلان منظمة العمل الدولية بشأن العدالة الاجتماعية من أجل عولمة عادلة في 10 حزيران / يونيو 2008. وهذا هو البيان الرئيسي الثالث للمبادئ والسياسات التي اعتمدها مؤتمر العمل الدولي منذ دستور منظمة العمل الدولية لعام 1919. وهو مبني على إعلان فيلادلفيا لعام 1944 وإعلان المبادئ والحقوق الأساسية في العمل لعام 1998. ويعبر إعلان عام 2008 عن الرؤية المعاصرة لولاية منظمة العمل الدولية في عصر العولمة. هذا الإعلان التاريخي هو إعادة تأكيد قوية لقيم منظمة العمل الدولية. وهو نتيجة المشاورات الثلاثية التي بدأت في أعقاب تقرير اللجنة العالمية المعنية بالبعد الاجتماعي للعولمة. باعتماد هذا النص، يؤكد ممثلو الحكومات ومنظمات أصحاب العمل والعمال من 182 دولة عضو على الدور الرئيسي لمنظمتنا الثلاثية في المساعدة على تحقيق التقدم والعدالة الاجتماعية في سياق العولمة. ويلتزمون معًا بتعزيز قدرة منظمة العمل الدولية على تحقيق هذه الأهداف من خلال برنامج العمل اللائق. يضفي الإعلان الطابع المؤسسي على مفهوم العمل اللائق الذي طورته منظمة العمل الدولية منذ عام 1999، ويضعه في صميم سياسات المنظمة للوصول إلى أهدافها الدستورية. يأتي الإعلان في لحظة سياسية حاسمة، مما يعكس الإجماع الواسع على الحاجة إلى بعد اجتماعي قوي للعولمة في تحقيق نتائج محسنة وعادلة للجميع. ويشكل بوصلة لتعزيز عولمة عادلة قائمة على العمل اللائق، وكذلك أداة عملية لتسريع التقدم في تنفيذ برنامج العمل اللائق على المستوى القطري. كما يعكس نظرة إنتاجية من خلال تسليط الضوء على أهمية المنشآت المستدامة في خلق المزيد من فرص العمل والدخل للجميع. تقر الجمعية العامة بأن التنمية الاجتماعية والعدالة الاجتماعية لا غنى عنهما لتحقيق السلام والأمن وصونهما داخل الدول وفيما بينها، وأن التنمية الاجتماعية والعدالة الاجتماعية، بدورهما، لا يمكن تحقيقهما في غياب السلام والأمن أو في غياب احترام جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وتقر كذلك بأن العولمة والاعتماد المتبادل يفتحان فرصًا جديدة من خلال التجارة والاستثمار وتدفقات رأس المال والتقدم التكنولوجي، بما في ذلك تكنولوجيا المعلومات، لنمو الاقتصاد العالمي وتطوير وتحسين مستويات المعيشة في جميع أنحاء العالم، بينما في نفس الوقت الوقت لا تزال هناك تحديات خطيرة، بما في ذلك الأزمات المالية الخطيرة، وانعدام الأمن، والفقر، والاستبعاد وعدم المساواة داخل المجتمعات وفيما بينها، والعقبات الكبيرة التي تحول دون زيادة الاندماج والمشاركة الكاملة في الاقتصاد العالمي للبلدان النامية وكذلك بعض البلدان التي تمر اقتصاداتها بمرحلة انتقالية.
جاء في موقع موضوع عن العدالة الاجتماعيّة: هي أحد النظم الاجتماعيّة التي من خلالها يتم تحقيق المساواة بين جميع أفراد المجتمع من حيث المساواة في فرص العمل، وتوزيع الثروات، والامتيازات، والحقوق السياسيّة، وفرص التعليم، والرعاية الصحيّة وغير ذلك، وبالتالي يتمتّع جميع أفراد المجتمع بغضّ النظر عن الجنس، أو العرق، أو الديانة، أو المستوى الاقتصاديّ بعيش حياة كريمة بعيداً عن التحيّز. عناصر العدالة الاجتماعيّة تقوم العدالة الاجتماعيّة على عدّة عناصر ومقوّمات، من أبرزها: المحبّة، ويقصد بها أن يحبّ كل شخص لغيره ما يحب لنفسه. تحقيق الكرامة الإنسانيّة. نشر المساواة والتضامن بين جميع أفراد المجتمع. احترام وتعزيز مفهوم العدالة الاجتماعيّة. المعوّقات التي تعترض العدالة الاجتماعية يعترض تحقيق العدالة الاجتماعية مجموعة من المعوّقات من أهمّها: غياب الحريّة وانتشار الظلم والفساد والمحسوبيّة. عدم المساواة في توزيع الدخل بين الأفراد على المستوى المحليّ أو الوطنيّ، بحيث يختلف الدخل باختلاف العرق أو الجنس أو غير ذلك. عدم المساواة في توزيع الموارد والممتلكات كالأراضي والمباني بين الأفراد. عدم المساواة في توزيع فرص العمل بأجر. عدم المساواة في الحصول على فرص التعليم، وعلى الخدمات التعليميّة المختلفة كالإنترنت والكتب. عدم المساواة في توزيع خدمات الضمان الاجتماعيّ والخدمات الصحيّة. طرق تعزيز العدالة الاجتماعيّة: يمكن تعزيز العدالة الاجتماعيّة عن طريق: نشر الوعي بأهمية العدالة الاجتماعيّة بين الأهل والأصدقاء وزملاء العمل وفي المجتمع، سواءً عن طريق الحوار المباشر، أو استخدام وسائل التواصل الاجتماعيّ. الاستماع للآخرين ومعرفة توجّهاتهم وما يشعرون به واحترام آرائهم. دعم المنظّمات المحليّة التي تتطالب بتحقيق المساواة، من خلال حضور الندوات أو توقيع العرائض التي تدعو إلى تحقيق العدالة الاجتماعيّة. التطوّع في الأعمال الخيريّة المختلفة. تقبّل التنوّع من خلال التواصل مع الأفراد الذين ينتمون إلى أعراق وثقافات وديانات مختلفة بهدف بناء علاقة صداقة معهم، وفهم ثقافاتهم وتقبّل الاختلافات الفكريّة، ومعرفة أوجه التحيز في المجتمع والقضاء عليها، ومعرفة القضايا التي تؤثر على الأفراد الذين ينتمون لثقافات مختلفة ومحاولة مساعدتهم، ويمكن أن يكون ذلك من خلال زيارة الأحياء والمجتمعات التي يعيشون فيها.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط