بمناسبة اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية: العدالة في القرآن الكريم (ح 6)

الدكتور فاضل حسن شريف

تكملة للحلقات السابقة جاء في تفسير الميسر: قال الله تعالى عن كلمة عدل ومشتقاتها “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ۚ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ۚ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ ۚ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا ۚ فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ” ﴿البقرة 282﴾ بِالْعَدْلِ: بِ حرف جر، الْ اداة تعريف، عَدْلِ اسم. بِالعَدْلِ: بلا زيادة و لا نقصان، يا من آمنتم بالله واتبعتم رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم إذا تعاملتم بدَيْن إلى وقت معلوم فاكتبوه؛ حفظًا للمال ودفعًا للنزاع. ولْيقُم بالكتابة رجل أمين ضابط، ولا يمتنع مَن علَّمه الله الكتابة عن ذلك، ولْيقم المدين بإملاء ما عليه من الدَّيْن، وليراقب ربه، ولا ينقص من دينه شيئا. فإن كان المدين محجورًا عليه لتبذيره وإسرافه، أو كان صغيرًا أو مجنونًا، أو لا يستطيع النطق لخرس به أو عدم قدرة كاملة على الكلام، فليتولَّ الإملاء عن المدين القائم بأمره، واطلبوا شهادة رجلين مسلمَيْن بالِغَيْن عاقلَيْن من أهل العدالة. فإن لم يوجد رجلان، فاطلبوا شهادة رجل وامرأتين ترضون شهادتهم، حتى إذا نَسِيَتْ إحداهما ذكَّرتها الأخرى، وعلى الشهداء أن يجيبوا مَن دعاهم إلى الشهادة، وعليهم أداؤها إذا ما دعوا إليها، ولا تَمَلُّوا من كتابة الدَّين قليلا أو كثيرًا إلى وقته المعلوم. ذلكم أعدل في شرع الله وهديه، وأعظم عونًا على إقامة الشهادة وأدائها، وأقرب إلى نفي الشك في جنس الدَّين وقدره وأجله. لكن إن كانت المسألة مسألة بيع وشراء، بأخذ سلعة ودفع ثمنها في الحال، فلا حاجة إلى الكتابة، ويستحب الإشهاد على ذلك منعًا للنزاع والشقاق، ومن الواجب على الشاهد والكاتب أداء الشهادة على وجهها والكتابة كما أمر الله. ولا يجوز لصاحب الحق ومَن عليه الحق الإضرار بالكُتَّاب والشهود، وكذلك لا يجوز للكُتَّاب والشهود أن يضارُّوا بمن احتاج إلى كتابتهم أو شهادتهم، وإن تفعلوا ما نهيتم عنه فإنه خروج عن طاعة الله، وعاقبة ذلك حالَّة بكم. وخافوا الله في جميع ما أمركم به، ونهاكم عنه، ويعلمكم الله جميع ما يصلح دنياكم وأخراكم. والله بكل شيء عليم، فلا يخفى عليه شيء من أموركم، وسيجازيكم على ذلك. قوله عز وجل “وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا” ﴿النساء 3﴾ تَعْدِلُوا: تَعْدِلُ فعل، وا ضمير. وإن خفتم ألا تعدلوا في يتامى النساء اللاتي تحت أيديكم بأن لا تعطوهن مهورهن كغيرهن، فاتركوهن وانكحوا ما طاب لكم من النساء من غيرهن: اثنتين أو ثلاثًا أو أربعًا، فإن خشيتم ألا تعدلوا بينهن فاكتفوا بواحدة، أو بما عندكم من الإماء. ذلك الذي شرعته لكم في اليتيمات والزواج من واحدة إلى أربع، أو الاقتصار على واحدة أو ملك اليمين، أقرب إلى عدم الجَوْرِ والتعدي.

تكملة للحلقات السابقة جاء في مجلة رسالة القلم عن العدالة الإجتماعية في القرآن الكريم للشيخ قصي الشيخ علي العريبي: ولو أنك قارنتَ بين أكثر المسجّلات تطوراً وبين الأذن، أو بين المصورات المتقدمة وبين العين، لَوجدتَ حواس الإنسان تتميز بدقة الموازين، وهذه الموازين عكسها الإنسان في صور محسوسة، فصنع للثقل ما يسمّى بالميزان، وللمسافات المتر والذراع وما إلى ذلك، وللزمن الساعة، وللحرارة والرطوبة مقياساً آخر، كما وضع قوانين وأنظمة تجسد موازين العدل والأخلاق والقيم والأعراف، إذن ربُّنا هو الذي خلق الموازين في الطبيعة، إذ خلق كل شي‏ء بحسبان وقدر، ضمن زمن، وحجم، ولون، وشدّة، وضعف، وعدد من الموازين الأخرى، وعكس ذلك في ضمير الإنسان وحواسه وعقله. وهناك علاقة بين رفع السماء ووضع الميزان في الآية الكريمة، فالسماء رُفِعت بالميزان ومن أجل الميزان وضِعَتْ القوانين والأنظمة الطبيعية الخاصة بها، ولولاها لكانت تقع على الأرض، وهكذا كلّ شي‏ء في الحياة، فحياة الإنسان تستحيل عذاباً لو لم يلتزم بالميزان، لذلك يؤكد ربنا مباشرةً بعد هذه الآية وبآيةٍ أخرى على ضرورة احترامه وإقامته. إنّ اللَّه وضع الميزان في الطبيعة، ولكنّ رحمته لا تتجلى فيها فقط بل على يد الإنسان أيضاً، فهو بحكم حريته قد ينغص صفو الأمن على نفسه ويفسد السلام، كما أنّه يستطيع أن يساهم في جلب السلام والسعادة إليها لتتجلّى رحمانية اللَّه على يديه، وذلك إذا لم يطغ في الميزان وأقامه بحق، فلم يسرف في الأكل والشرب، ولم يبذّر في الصرف، ولم يستهلك أكثر ممّا ينتج، ولم ينم أكثر من حاجته، بل أقام الوزن في جوانب حياته الشخصية والإجتماعية. المراد من الميزان إن المراد من الميزان هو كل وسيلة تستعمل للقياس، سواء كان قياس الحقّ من الباطل، أو العدل من الظلم والجور، أو قياس القيم وقياس حقوق الإنسان في المراحل الاجتماعية المختلفة. والميزان يشمل كذلك كلّ نظام تكويني ودستور اجتماعي، لأنه وسيلة لقياس جميع الأشياء. والميزان لغة: هو المقياس الذي يوزن بواسطته الأجسام المادية المختلفة، إلا أنّ المقصود في هذه الآية، – والذي ذكر بعد خلق السماء – أنّ لها مفهوماً واسعاً يشمل كل وسيلة للقياس بما في ذلك القوانين التشريعية والتكوينية، وليس وسيلة منحصرة بقياس الأوزان المادية فقط. ومن هنا فلا يمكن أن تكون الأنظمة الدقيقة لهذا العالم، والتي تحكم ملايين الأجرام السماوية بدون ميزان وقوانين محسوبة. وعندما نرى في بعض العبارات أنّ المقصود بالميزان هو القرآن الكريم أو العدل، أو الشريعة، أو المقياس، ففي الحقيقة إنّ كل واحدة من هذه المعاني مصداق لهذا المفهوم الواسع الشامل. قوله تعالى: “أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ” (الرحمن 8). نستنتج من الآية الشريفة استنتاجا رائعاً حول ما تقدم من الموضوع، حيث يوجّه الخطاب لبني الإنسان الذين يشكلون جزءاً من هذا العالم العظيم ويلفت انتباههم إلى أنهم لا يستطيعون العيش بشكل طبيعي في هذا العالم إلا إذا كان له نظم وموازين، ولذلك فلابد أن تكون للبشر نظم وموازين أيضاً حتى يتلاءموا في العيش مع هذا الوجود الكبير الذي تحكمه النواميس والقوانين الإلهية، خاصة أنّ هذا العالم لو زالت عنه القوانين التي تسيّره فإنه سوف يفنى، ولذا فإنّ حياتكم إذا فقدت النظم والموازين فإنكم ستتجهون إلى طريق الفناء لا محالة، وربُّنا الكريم ينهانا عن ذلك، ويلحق بالنهي دعوةً إلى إقامة الوزن باحترامه والالتزام الدقيق به، وبأفضل صور العدل وهو القسط، حيث يقول سبحانه: (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ” (الرحمن 9)، وهو أقرب إلى التقوى حتى من العدل، ذلك أنّ القسط ليس مجرّد العدل، بل العدل بإضافة الاحتياط الذي يضمن حصوله بالفعل، فمثلاً إذا كنتَ صاحب محل تزن للناس تعادل ما تبيع بالوزن المطلوب ثم تضيف إليه شيئاَ، وإذا كنتَ تشتري تنقص ما تشتريه عن الوزن المتفق بينك وبين البائع، وذلك للتأكّد من فراغ الذمّة في الحالتين، هذا هو القسط، وكم تكون البشرية سعيدةً لو عملت بهذه القاعدة. والإقامة هي الالتزام بالشي‏ء وأداؤه على أحسن وجه، وإقامة الوزن تكون في أفضل صورها عند العمل بالقسط. وربُّنا لا ينهى عن الطغيان، أي إخسار الميزان بصورة فظيعة ظاهرة فقط، كما تقدم قوله تعالى: “أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ” (الرحمن 8)، بل وينهى حتى عن مخالفته بصورة بسيطة، أو خفيفة باستغلال غفلة الناس وثقتهم، أو بالاحتيال على القانون، فيقول تعالى: “وَلاَ تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ” (الرحمن 9). والعمل بالقسط يضمن من جانب تحقق العدالة، ومن جانب آخر يجنب الإنسان مخالفة الحق والنظام العام للمجتمع. فيتضح لنا من الآيات السابقة: إن اللَّه سبحانه وتعالى يتحدث فيها عن ضرورة عدم طغيان البشر في كل موازين حياته الفردية أو الاجتماعية.

جاء في موقع توينكل عن اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية: يوم سنوي بدأته الأمم المتحدة. ويهدف إلى مساعدتنا على إدراك أنه على الرغم من كل التقدم الذي أحرزناه كبشر، لا تزال هناك العديد من الحواجز التي تمنع الملايين من الناس من العيش حياة عادلة. وهو حدث سنوي تنظمه الأمم المتحدة من أجل تعزيز العدالة. العدالة، في هذا السياق، تعني المساواة في حصول الجميع على نفس معايير التعليم والتوظيف والرعاية الصحية والتعليم وغيرها. يجب أن يتمتع الجميع بنفس القدر من المساواة في الوصول إلى نفس المعايير لهذه الأشياء، بغض النظر عن العرق أو الدين أو النشاط الجنسي أو الجنس أو الطبقة. متى يكون اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية؟ يُقام اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية سنويًا في 20 فبراير، بغض النظر عن أي يوم من أيام الأسبوع يصادفه. ما هو موضوع اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية 2024؟ لم تعلن الأمم المتحدة بعد عن موضوع اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية لعام 2024، لكن موضوع عام 2023 كان “التغلب على الحواجز وإطلاق العنان للفرص لتحقيق العدالة الاجتماعية”. من المرجح أن تعكس الفكرة وراء موضوع اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية 2024 هذا الأمر، وتهدف إلى جمع الناس معًا لفتح حوار. يسعى اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية 2024 إلى جعلنا نتحدث جميعًا عن كيف يمكننا أن نجتمع معًا لمعالجة القضايا. وتشمل هذه القضايا أشياء مثل عدم المساواة التي نشأت عن الصراعات وكيف يمكننا الدفاع عن حقوق العمال. كيفية الاحتفال باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية: هناك العديد من الطرق التي يمكنك من خلالها الاحتفال باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، واحتضان موضوع اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية 2024 بشكل كامل. إحدى الطرق الرائعة للقيام بذلك هي البحث في المؤسسات الخيرية التي تعمل محليًا لصالحك في المجتمع ودعوتهم للحضور إلى المدرسة للتحدث عن العمل الذي يقومون به. وبدلاً من ذلك، لماذا لا نعقد مناقشة طبقية حول ما يمكن القيام به لتحقيق المساواة في الملعب وجعل المجتمع أكثر عدالة للجميع؟ تعد هذه فكرة رائعة لموضوع بحث أو مشروع أيضًا، ويمكن أن تساعد طلابك حقًا على التفكير فيما يمكنهم فعله شخصيًا للمشاركة. أهمية العدالة الاجتماعية: تُعد العدالة الاجتماعية عنصرًا أساسيًا لبناء مجتمعات مزدهرة. فهي تضمن لكل فرد فرصة متساوية للمشاركة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وتشمل العدالة الاجتماعية: المساواة: ضمان حقوق متساوية للجميع دون تمييز على أساس الجنس أو العرق أو الدين أو أي عامل آخر. العدالة: ضمان سيادة القانون ومعاملة الجميع بشكل عادل. الشمول: ضمان مشاركة جميع أفراد المجتمع في صنع القرار والاستفادة من ثمار التنمية. التحديات التي تواجه العدالة الاجتماعية: كيف نسهم في تعزيز العدالة الاجتماعية؟ يمكننا جميعًا المساهمة في تعزيز العدالة الاجتماعية من خلال: التوعية بأهمية العدالة الاجتماعية: يمكننا نشر المعلومات حول قضايا العدالة الاجتماعية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أو المشاركة في الفعاليات المتعلقة بها. دعم الجهود المبذولة لتحقيق العدالة الاجتماعية: يمكننا دعم المنظمات التي تعمل على معالجة قضايا الفقر وعدم المساواة والبطالة. التطوع في المجتمع: يمكننا التطوع في مشاريع تهدف إلى مساعدة المحتاجين وتحسين حياتهم. دعم السياسات التي تُعزز العدالة الاجتماعية: يمكننا التصويت للمرشحين الذين يدعمون سياسات تُعزز العدالة الاجتماعية. العدالة الاجتماعية إذن مسؤولية الجميع. فلنستثمر اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية ونعمل معًا لبناء مجتمعات أكثر عدلاً وشمولاً للجميع.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here