رياض سعد
لا يوجد اخطر من رجل عاش ويعيش بلا هوية او بهوية هلامية فضفاضة ؛ فمثل هكذا رجل مؤهل لان يكون العوبة بيد كل من هب ودب , وصدق من قال : من لا مشروع له اصبح مشروعا للآخرين ؛ ولو رجعت بذاكراتك الى الوراء , واسترجعت شريط حياتك ؛ لوجدت ان اغلب الحقراء والاذلاء والانذال والعملاء والمرتزقة والانانيين والمنافقين واصحاب الجلود المتبدلة والوجوه المتعددة … الخ ؛ من الذين شاهدتهم او سمعت او قرأت عنهم ؛ من هذا الصنف اللامنتمي لأية عقيدة او عرق او قومية او طائفة او مكون او مبدأ وطني او انساني … الخ .
وفي احد الايام سألت احد المختصين في علم النفس والاجتماع ؛ عن السبب وراء وصف الشعب الفلاني بالحقارة وعدم تقبل اغلب العرب لهم ؛ فأجابني : ان الشتات والتشرد في الاصقاع البعيدة والعيش في المهجر وتركهم لديارهم الحقيقية وعدم قبول الاخرين لهم , وحرمانهم من الجنسية … الخ ؛ ولد عندهم شعور بالضياع والتشرذم وحرمهم من الهوية التي تميزهم عن الاخرين ؛ فكانت ردة افعالهم تجاه المجتمعات والاخرين سلبية وتعكس هذه المشاعر التي ولدت معهم .
والذي يعيش بلا هوية او بنصف هوية كالذي يقف عند مفترق الطرق , او كالذي يبحر في المحيطات الكبيرة من دون بوصلة او وجهة محددة , ومثل هكذا شخص يبقى متحيرا متذبذبا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء … ؛ و عنده كل الرياح سواء , وقد يكون مصداقا للمثل الشعبي العراقي : (( الياخذ امي يصير عمي )) .
وهوية (س) تختلف عن هوية (ص) اذ لكل هوية خصائص وسمات تميزها عن الاخرى , فهوية الفرد تعبر عن انتماءه ولغته وعرقه ودينه وثقافته وعقيدته السياسية … الخ , نعم قد تتبدل او تتغير هويته احيانا تبعًا لتطور تجربته وتغير أفكاره بصورة جزئية ؛ ومع ذلك قد ينظر الاخر الى هذه التغيرات من منظار اخر , اذ يبقى يتعامل مع الشخص المعين وفقا لثوابت هويته العرقية او القومية او اصوله الدينية السابقة ؛ ولا يأبه بهذه التغييرات التي طالت هوية الشخص المختلف معه ؛ وطالما شاهدنا في الحروب الاهلية والمعارك الدينية ان العدو القاتل والاخر المختلف قد يقتل حتى ابناء المكون المتواطئين معه او الذين يؤمنون بأفكاره .
بعض الاغبياء عندما يشارك الاعداء في معاولهم الهدامة ومخططاتهم الخبيثة التي تستهدف ابناء شعبه ومكونه وبني قومه ؛ يظن انه في مأمن من شرهم , ولا يعلم هذا الاحمق انه مجرد اداة بيد الاعداء سرعان ما يتم التخلص منه , اذ بمجرد انتهاء وظيفته في القضاء على اهله وشعبه , يتم رميه في اقرب قمامة , فهو مجرد خائن ذليل او احمق لا يميز بين الاعداء والاصدقاء في نظرهم , ومن يغدر اهله لا يثق الاخرون به , وهؤلاء الحمقى يخربون ديارهم بأيديهم وايدي خصومهم …!! .
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط