“عادلت الكفة”.. تتحرى أثر الأمطار والسيول الأخيرة على الوضع المائي في العراق


2024-03-23
تأثر العراق منذ الاثنين الماضي (18 آذار الجاري) ولمدة يومين، باندماج منخفضين الأول كان قادماً من البحر الأحمر والثاني من البحر المتوسط، تسببا بسقوط أمطار شديدة وغزيرة، وحدوث سيول تأثرت بها جميع مناطق البلاد وخاصة المناطق الشمالية والأقسام الشرقية من المنطقة الوسطى والعاصمة بغداد، إضافة إلى السيول التي كانت قادمة من الشريط الحدود للبلاد، بحسب المتحدث باسم هيئة الأنواء الجوية العراقية، عامر الجابري.

ويضيف الجابري ، أن “أكثر كمية أمطار سجلت في العراق خلال تلك الفترة (18 و19 و20 من آذار الحالي) كانت 285 ملم في مصيف زاويتة بمحافظة دهوك، ولا تزال البلاد تحت تأثير امتداد هذين المنخفضين”.

ويوضح، أن “البلاد شهدت اليوم أمطاراً خفيفة، ويوم غدٍ هناك تساقط أمطار في المنطقة الشمالية، وطقس صحو مع بعض الغيوم في المنطقتين الوسطى والجنوبية، أما الأحد المقبل فهناك حالة غير مستقرة، ويتوقع أجواء غائمة مع أمطار رعدية متوسطة الشدة وتزداد شدتها في الأقسام الشرقية من المنطقة الوسطى بضمنها العاصمة بغداد، وفي حال كانت هناك أمطار غزيرة فمن المتوقع حدوث سيول على الشريط الحدودي من الجهة الشرقية”.

يُذكر أن محافظة واسط، دعت الثلاثاء الماضي، السكان لعدم الخروج من المنازل إلا للضرورة، مشددة على عدم التنقل بين الأقضية والنواحي، كون الطرق الخارجية فيها كميات مياه كبيرة من الأمطار.

فيما طلبت الحكومة المحلية في أربيل عاصمة إقليم كوردستان، الثلاثاء الماضي، من المواطنين، بعدم الخروج من منازلهم ابتداءً من الساعة 1:00 ظهراً ولغاية الساعة 6:00 عصراً إلا للضرورة، وعدم الاقتراب من الأنهار وأماكن تجمع المياه، بسبب توقعات بتساقط أمطار غزيرة وبرد خلال هذه المدة.

بدورها، أكدت مديرية مجاري نينوى، الثلاثاء الماضي، بأن الأمطار المتساقطة على الموصل كانت الأعلى شدة مطرية لهذا العام، إذ كانت بحدود 30 إلى 40 ملم، وهذه تعتبر شدة عالية تفوق الطاقة الاستيعابية لخطوط تصريف مياه الأمطار.

وبسبب الظرف الجوّي، عطّلت اثنتا عشرةَ محافظة (النجف، بابل، المثنى، الأنبار، صلاح الدين، ديالى، كركوك، ذي قار، البصرة، واسط، الديوانية ونينوى) الدوام الرسمي ليوم الثلاثاء الماضي نتيجة سوء الأحوال الجوية.

وفّرت فرصة جيدة

وتعليقاً على الأمطار الأخيرة، تقول نائب رئيس لجنة الزراعة والمياه والأهوار النيابية، سوزان كوجر، إن “مياه الأمطار الأخيرة والسيول الفيضانات وفّرت فرصة جيدة، ما يستدعي من وزارة الموارد المائية استغلالها والاستفادة من هذه الإيرادات بتغذية الأنهر والمياه الجوفية وزيادة الخزين المائي في السدود”.

وتضيف كوجر لوكالة شفق نيوز، كما أن “الأمطار الأخيرة ربما ستحل مشاكل نقص المياه خاصة في فصل الصيف المقبل، ومشكلة تلوّث المسطحات المائية من خلال تخفيض نسبة السموم وخاصة من المياه الثقيلة أو المواد السامة الأخرى، وأيضاً ستحل مشكلة ملوحة المياه”.

وتتابع، أن “الأمطار الأخيرة وفّرت فرصة جيدة للمحاصيل الشتوية حيث كان هناك رياً جيداً للموسم الشتوي لهذه السنة في البلاد، ويمكن تحويل هذه الإيرادات المائية للأهوار وتغذيتها، وأيضاً تغذية نهر الفرات”.

وتؤكد نائب رئيس لجنة الزراعة، أن “المياه مهمة في حفظ الأمن المائي ولنوعية المياه وللبيئة وللأمن الغذائي، في وقت يستخدم القطاع الزراعي أكثر من 80 بالمائة من المياه، لذلك هناك حاجة إلى استخدام كل الإمكانيات المتاحة للحفاظ على الثروة المائية من خلال بناء السدود لحصاد مياه الأمطار والسيول والفيضانات”.

تحقيق “رية الفطام”

بدوره، يوضح المتحدث باسم وزارة الزراعة، محمد الخزاعي، أن “الخطة الزراعية لهذا العام اكتملت والأمطار أوفت بالريات كافة، وفي الأمطار الأخيرة تحققت الرية الخامسة التي هي (رية الفطام)، وبقيت المناطق الغربية على أربع ريات وبانتظار الرية الخامسة (الأخيرة) لاستكمال عمليات الري”.

وعن الخطة الزراعية، يشير الخزاعي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن “الخطة الزراعية الخاصة بمحصول الحنطة جرت بشكل جيد، أما موسم الصيف المقبل الخاص بزراعة الشلب، فإن هناك مؤشرات على التوسع بخطط زراعته”.

ويبيّن، أن “وزارة الزراعة وجهت مؤخراً كتاباً إلى مكتب رئيس الوزراء لأخذ بنظر الاعتبار زيادة المساحات الشتوية لتشمل المساحات الداخلة بخطط الدعم الزراعي كافة، أي تكون الزراعة 100 بالمائة لمحافظات النجف والديوانية والمثنى والمناطق الأخرى المعروفة بزراعة الشلب”.

“وبهذا سيتم معالجة مشكلة كبيرة عانى منها الفلاح والمزارع بزراعة هذا المحصول العراقي المعروف بجودته ومذاقه وطعمه وفوائده المختلفة عن أي رز عنبر في العالم”، يقول المتحدث باسم وزارة الزراعة.

الاستفادة من المياه

من جانبه، يقول الخبير في مجال المياه، تحسين الموسوي، إن “العراق يعد من الدول الجافة الشحيحة بالأمطار، أما السيول والأمطار فهي تأتي بفترات متقطعة بكميات كبيرة، ويمكن الاستفادة من الأمطار الساقطة في أحواض النهر القادمة من دول المشاركة المائية بالخزن في السدود، أما التي تقع خلف السدود، فلا توجد سدود حصاد مياه بالعراق لاستيعاب هذه الأمطار”.

ويوضح الموسوي لوكالة شفق نيوز، أن “الأمطار الأخيرة التي تمثلت بالجهة الشرقية (مناطق دهوك وأربيل وجزء من ديالى)، يمكن الاستفادة منها بسدود الخزن الموجودة (الموصل، دوكان، دربنديخان، العظيم)، لكن المشكلة تبدأ بجزء من ديالى وما بعدها، اذ تكون هذه المناطق منحدرة وتكون السيول فيها بنسب عالية”.

ويضيف، “لذلك هناك حاجة لسدود حصاد مياه (سدود غاطسة) وليست سدود إملائية، لإيقاف جريان السيول والأمطار وتكون عبارة عن قواطع وبوابات يمكن الاستفادة منها في المياه الجوفية أو خزنها للاستفادة منها عند ارتفاع درجات الحرارة بمناطق بدرة والكوت وميسان، والمناطق الجنوبية بصورة عامة”.

ويبيّن، أن “الأمطار الأخيرة لم تشكل نسبة عالية بحسب وزارة الموارد المائية، وهي انعشت الأهوار لكنها لم تكن كافية لمساحة الأهوار الكبيرة التي تصل إلى حدود 20 ألف كم والتي تعرضت لجفاف تام أدى إلى فقدان التنوع الاحيائي ونفوق المواشي والهجرة”.

وينوّه في الختام إلى أن “الفائدة الأكبر التي حققتها الأمطار الأخيرة كانت للخطة الشتوية التي حققت (رية الفطام) فكانت رية كاملة، كما ستساعد الأمطار على رفع الخزين التي تشير التوقعات إلى أن الخزين سوف يصل إلى 15 مليار متر مكعب في وقت يُصنّف العراق بالمرتبة 23 عالمياً ضمن الخطوط الحمراء بالاجهاد المائي، يتزامن ذلك مع تبخر عالي يصل إلى فقدان بحدود 8 مليارات متر مكعب من الأحواض والبحيرات بسبب ارتفاع درجات الحرارة في البلاد”.

جدير بالذكر أن اليوم هو اليوم العالمي للمياه الذي يصادف 22 آذار/ مارس من كل عام، والذي حددته الأمم المتحدة في العام 1992، يأتي ذلك بالتزامن مع التغير المناخي الذي يشهده الكوكب، فيما يعد العراق كأشد المتضررين جراء “حرب المياه” التي أعلنتها ضده دول المنبع منذ سنوات.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here