✍️: مصطفى كامل الكاظمي
(ولا تبخسوا الناس اشياءهم)
أرجو ان تتحمل مقالي صدوركم الرحبة مع مودتي وتقديري لآرائكم السديدة..
لم ألتقِ سعد البزاز يوماً، لكني سمعتُ عنه بعد ان طُرق اسمه كإعلامي بداية التسعينات. ثم تعرفتُ على نشاطه فيما بعد من فضائيته (الشرقية).
كنت أمقته كثيراً، وأمقتُ قناته وكل من يسعى لذكر حسناتهما. وكنت اعتبره كله شرّاً في شرّ من خلال ما سمعت انه يسعى لعودة حكم نظام المشنوق، ولم أدر كيف اقتنعتُ بان مصادر تمويل البزاز من ارصدة رغد بنت الطاغية.!
لم اكلم البزاز يوماً ولم ألتقه إطلاقاً، كما لم يكن لي أية صلة بالشرقية ولا بكادرها واسطولها الاعلامي، وليس لدي رابط معهم ما عدا متابعات متأخرة.
في احدى ليالي شهر رمضان عام 2015 وفي مكتب (وزير)، تناولنا كالمعتاد الوضع العراقي، واستعرضنا حالة الثراء المذهل والطافح بسرعة الغضب على وجوه المئات من (ربعنا) الذين كانوا يقارعون شظف العيش في الاغتراب، اذ كانت تفرحهم صحون (التمن والقيمه) في طهران وقم ودمشق،،!
كانت آنذاك امنية اغلبنا ان نرى صورة الدولار الامريكي اذ لم نتمكن وقتئذٍ حتى من السكن فوق سطح الارض بل استئجاراً لسراديب تحت الارض (زير زمين)..!
استشاطوا ثروة بسنوات معدودات بُعيد السقوط وبثراء فاحش على حساب نكبات وفجائع العراقي والعراق.
اثناء محاورتي والسيد الوزير، كان التلفاز في مكتبه يعرض صامتاً قناة الشرقية ومن خلال السب ستايل والشريط المتحرك برامج رمضانية وفيما اتذكر تحت عنوان (خيرات شهر رمضان)..
لفت نظري رجل عجوز بغدادي وزوجته كانت دموع عينيهما بين يدي مقدمة البرامج وهي تناولهما محفظة صغيرة تضمها اصابع الكف الواحدة..!
تبين فيما بعد انها تقدم لهما مفاتيح سيارة تكسي جديدة هدية رمضانية من البزاز لانهما عائلة فقيرة لا عمل ولا مال لهما وسبق ان وجه العجوز طلباً يترجى فيه من ينظر في حالهما.
طلبت من معالي السيد الوزير ان يرفع صوت التلفاز..
اول مرة في حياة اذني آن لها ان تلتقط صوتاً من الشرقية..
صوت استفز عمقي فأعطيته السمع كلياً فلم اسمع من (الوزير) سوى جملة استقرت بمخي: (هذا القواد البعثي يقشمر على الناس بمثل هذه المهازل)..!
تراتيل مقدمة البرامج الرمضاني ودموع العجوز وصراخه العالي لوت عنقي صوب الوزير:
معاليكم، هل هذه الشرقية البعثية؟ التي صاحبها سعد البزاز الفاسد؟
أجابني:
نعم، فهو يضحك على الناس بهذه الفعاليات ليثبت انه وطني وشريف ومهتم بالفقير..!
غادرت مكتب معاليه، وعبارته تصخ سمعي وجعاً.!
من تلك الليلة والشرقية (نيوز) لم تفارقني الا بالسفر وحيث ساعات سفري طويلة.. اتابعها واستمر معها حتى في اليوم التالي معادة باعتبارها تهتم بايصال البث مباشراً مراعية فارق توقيت البلدان.. تابعت اختيار ابطال البث ومساحة اعلامها والتقديم لديها.. فوجدتها:
-مؤهلات وقدرات فائقة
-برامج مميز ومتنوع، كشكول الحياة
-خبر عاجل وسريع ودقيق
-سياسة واجتماع
-ادب وعلوم
-فكر ولقاءات مع عماليق الفكر والسياسة والادب والفن
-فلسفة ودين وحوارات عميقة
-عقائد وتأريخ
-لقاءات مع رموز وحضارات
-تحليل ونقد
-لقاءات جريئة في:
(مانشيت احمر ولعبة الكراسي)
وجدتها تتحدث يومياً عن العراق كل العراق من منشئه الى حاضره ومستقبله.. قناة عملاقة بإمتياز
حصراً عن الشرقية نيوز اتحدث..
ومع كل هذا الذي أقدمه فإني امقت البزاز كشخص وهوية وماضي..
لكني احترمه كعنوان اعلامي مذهل وكمنجز اعلامي ناجح وقدم يد العون الى الكثير الكثير من المعوزين في الداخل العراقي. وليس لي شغل بنواياه، المهم مشروع المساعدة.
والسؤال هنا: لم لا تبادر (فضائياتنا) و (شخصيات) البلد، وسلاطين المال بمثل ما يفعله البزاز؟ (لا اتكلم عن الصدقات ومشاهد الرياء والتفاليس التي تقدم بمنّ بل عن مشروع عيش وسكن ووظيفة تحفظ ماء وجه المحروم).. فأتساءل عن عدم نهوض الذين كانوا يحلمون بالسلطة فجاءتهم على طبق من ذهب ومن زُفّت له المليارات زفّاً فنسي شعبه والكثير من رفاق دربه.!؟ فإن قيل انهم اليوم في شغلٍ غير هذا..! فأقول: إذن ليتركوا علياً امير المؤمنين ولا يزعجونا بكذب انتمائهم له، فعلي عليه السلام شعاره ومنهجه:
هيهات هيهات أن يغلبني هواي ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة. ولعل بالحجاز أواليمامة من لا طمع له في القرص ولا عهد له بالشبع، أو أبيت مبطاناً وحولي بطون غرثىوأكباد حرى؟ أو أكون كما قال القائل – وحسبك داء أن تبيت ببطنة وحولك أكباد تحنإلى القدّ أ أقنع من نفسي بأن يقال أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر.
اتركوا علياً وافعلوا ما شئتم، فعند الله سبحانه الملتقى.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط