أوكرانيا قد تتعرض للهزيمة في عام 2024. كيف قد يبدو ذلك؟


لاتزال أوكرانيا تدافع عن نفسها ضد الغزو الروسي منذ عامين
Author,فرانك غاردنر
20 أبريل/ نيسان 2024
حذر القائد السابق لقيادة القوات المشتركة في المملكة المتحدة من أن أوكرانيا قد تتعرض للهزيمة أمام روسيا في عام 2024.

وقال الجنرال ريتشارد بارونز لبي بي سي إن هناك “خطر فعلي” بأن تخسر أوكرانيا الحرب هذا العام.

ويُرجع السبب إلى أن “أوكرانيا قد تصل إلى الشعور بأنها غير قادرة على الانتصار”.

ويُضيف الجنرال: “وعندما يصل الوضع إلى تلك النقطة، فلماذا سيرغب الناس في الاستمرار في القتال والموت، للدفاع عما لا يمكن الدفاع عنه؟”.

لكن أوكرانيا لم تصل بعد إلى تلك المرحلة.
لكن قواتها تعاني من نقص شديد في الذخيرة والقوات والدفاعات الجوية. لقد فشل هجومها المضاد الذي تم الترويج له كثيرا العام الماضي في طرد الروس من الأرض التي سيطروا عليها، والآن تستعد موسكو لهجوم صيفي.
إذا كيف سيبدو ذلك وما هي أهدافه الاستراتيجية المحتملة؟

يقول الجنرال بارونز: “إن شكل الهجوم الروسي القادم واضح جدا”.

ويضيف: “إننا نرى روسيا تتقدم بقوة على خط المواجهة، موظفة استراتيجية الاستفادة من ميزة خمسة إلى واحد في المدفعية والذخيرة، وفائض الناس المعززين باستخدام أسلحة جديدة.”

تعاني أوكرانيا حاليا من نقص شديد في الذخيرة، ويرجع ذلك جزئيا إلى المشاحنات السياسية في الدول الغربية
وتشمل الأسلحة الجديدة القنبلة الانزلاقية فاب FAB، وهي “قنبلة غير ذكية” معدلة، من الحقبة السوفيتية، ومزودة بزعانف ونظام تحديد المواقع العالمي جي بي إس (GPS) و1,500 كيلوغرام من المواد شديدة الانفجار، والتي تربك وتبعثر بشدة الدفاعات الأوكرانية.

يقول الجنرال بارونز: “في مرحلة ما من هذا الصيف، نتوقع أن نشهد هجوما روسيا كبيرا، غرضه القيام بأكثر من مجرد التقدم للأمام بمكاسب صغيرة، وربما لمحاولة اختراق خطوط االدفاع لأوكرانية.

ويضيف: “إذا حدث ذلك، فسنخاطر باختراق القوات الروسية للمواقع الأوكرانية ثم استغلالها بحيث لا تستطيع القوات المسلحة الأوكرانية إيقافها”.

لكن أين؟

في العام الماضي، عرف الروس بالضبط المكان الذي من المحتمل أن تهاجم فيه أوكرانيا – من اتجاه زابوروجيا جنوبا باتجاه بحر آزوف. لقد خططوا وفقا لذلك ونجحوا في إضعاف تقدم أوكرانيا.

والآن أصبح الهجوم على الجانب الآخر بينما تحشد روسيا قواتها وتبقي كييف في حيرة من أمرها بشأن المكان الذي ستهاجم فيه بعد ذلك.

لماذا خفضت أوكرانيا سن التعبئة العسكرية؟
يقول الدكتور جاك واتلينغ” كبير باحثي الحرب البرية في مركز أبحاث وايتهول التابع للمعهد الملكي للخدمات المتحدة (روسي): “أحد التحديات التي يواجهها الأوكرانيون هو أن الروس يمكنهم اختيار المكان الذي يرسلون إليه قواتهم.

ويضيف: “إنه خط أمامي طويل جدا والأوكرانيون بحاجة إلى أن يكونوا قادرين على الدفاع عنه بأكمله.”

وهو ما لا يستطيعون فعله بالطبع.

يقول الدكتور واتلينغ: “سوف يخسر الجيش الأوكراني الأرض. والسؤال هو: ما حجم وما هي المراكز السكانية التي ستتأثر؟”.

من الممكن تماماً أن هيئة الأركان العامة الروسية لم تحدد بعد الاتجاه الذي ينبغي اختياره ليكون جهدها الرئيسي. ولكن من الممكن تقسيم خياراتهم المتنوعة على نطاق واسع إلى ثلاثة مواقع واسعة.

خاركيف
يقول الدكتور واتلينغ “إن مدينة خاركيف معرضة للخطر بالتأكيد”.

وباعتبارها المدينة الثانية في أوكرانيا، والواقعة على مقربة من الحدود الروسية، فإن خاركيف تشكل هدفا مغريا لموسكو.

كما أنها تتعرض حاليا لضربات صاروخية روسية يوميا، مع عدم قدرة أوكرانيا على حشد ما يكفي من الدفاعات الجوية للتصدي للمزيج القاتل من الطائرات بدون طيار وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية الموجهة.

تقصف روسيا خاركيف يومياً بالطائرات المسيرة والصواريخ
ويضيف الجنرال بارونز “أعتقد أن الهجوم هذا العام سيكون هدفه الأول الخروج من منطقة دونباس، وستكون أعين الروس على “الجائزة الكبرى” خاركيف التي تقع على بعد 29 كيلومترا أو نحو ذلك من الحدود الروسية”.

فهل سيكون لدى أوكرانيا القدرة على الاستمرار والعمل ككيان قادر على البقاء في حالة سقوط خاركيف؟ يقول المحللون أن ذلك ممكنا، ولكن ذلك سيكون بمثابة ضربة كارثية لمعنوياتها واقتصادها.

دونباس
تشهد منطقة شرق أوكرانيا المعروفة باسم دونباس حربا ضروسا منذ عام 2014، عندما أعلن الانفصاليون المدعومين من موسكو أنفسهم “جمهوريات شعبية”.

وفي عام 2022، ضمت روسيا بشكل غير قانوني مقاطعتي دونيتسك ولوهانسك. وهو المكان الذي دار فيه معظم القتال على الأرض خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية.

وبذلت أوكرانيا، جهوداً هائلة، سواء من حيث القوى البشرية أو الموارد، في محاولة الاحتفاظ ببلدة باخموت أولا، ثم أفدييفكا.

لكنها فقدت كليهما، بالإضافة إلى بعض من أفضل قواتها المقاتلة، في هذه المحاولة.

وردت كييف بأن مقاومتها أوقعت خسائر فادحة بشكل غير متناسب في صفوف الروس.

وهذا صحيح، حيث يطلق على ساحة المعركة في هذه الأماكن اسم “مفرمة اللحم”.

ثلاثة أسباب وراء كون بوتين أقوى من أي وقت مضى
لكن موسكو لديها الكثير من القوات التي يمكنها المشاركة في القتال، أما أوكرانيا فلا تملك ذلك.

حذر قائد القوات الأمريكية في أوروبا، الجنرال كريستوفر كافولي، من أنه ما لم ترسل الولايات المتحدة المزيد من الأسلحة والذخيرة إلى أوكرانيا، فسوف تتفوق قواتها في ساحة المعركة بنسبة عشرة إلى واحد.

قد تكون تكتيكات الجيش الروسي وقيادته ومعداته أدنى من تلك الموجودة في أوكرانيا، لكنه يتفوق وبشكل كبير من حيث العدد، وخاصة المدفعية، لدرجة أنه إذا لم يفعل أي شيء آخر هذا العام، فإن خياره الافتراضي سيكون الاستمرار في دفع القوات الأوكرانية إلى الوراء في اتجاه الغرب، مستوليا على قرية بعد قرية.

زابوروجيا
تعد المدينة أيضا جائزة مغرية لموسكو.

وتقع المدينة الواقعة جنوب أوكرانيا، والتي يبلغ عدد سكانها أكثر من 700 ألف نسمة (قبل الحرب)، على مقربة خطيرة من الخطوط الأمامية الروسية.

كما تعد أيضا بمثابة شوكة في خاصرة روسيا نظرا لأنها عاصمة إقليم يحمل نفس اسم الإقليم الذي ضمته روسيا بشكل غير قانوني، ومع ذلك فإن المدينة لا تزال تحت حكم الأوكرانيين.

لكن الدفاعات الهائلة التي بنتها روسيا جنوب زابرويجيا العام الماضي، في ظل التوقع الصحيح لهجوم أوكراني، من شأنها الآن أن تؤدي إلى تعقيد التقدم الروسي من تلك الجهه.

إن ما يسمى بخط سوروفيكين، الذي يتكون من ثلاث حواجز من الدفاعات، مليء بأكبر حقل ألغام وأكثرها كثافة في العالم. ويمكن لروسيا أن تفكك هذا النظام جزئيا، ولكن من الممكن أن تُكشف جميع استعداداتها.

تعد أوكرانيا الآن واحدة من أكثر الأماكن المليئة بالألغام في العالم
وربما لا يكون الهدف الاستراتيجي الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه هذا العام هدفا إقليميا. وقد يكون الهدف ببساطة سحق روح أوكرانيا القتالية وإقناع داعميها الغربيين بأن هذه الحرب قضية خاسرة.

ويعتقد الدكتور جاك واتلينغ أن الهدف الروسي هو “محاولة خلق شعور باليأس لدى أوكرانيا وداعميها”.

ويقول: “الهجوم الروسي لن ينهي الصراع بشكل حاسم، بغض النظر عن كيفية سير الأمور بالنسبة لأي من الجانبين”.

ويشكك الجنرال بارونز أيضا في أنه على الرغم من الوضع المتردي الذي تجد أوكرانيا نفسها فيه الآن، إلا أن روسيا ستستعيد تفوقها تلقائيا من خلال تقدم حاسم.

وأضاف: “أعتقد أن النتيجة الأكثر ترجيحا هي أن روسيا ستحقق مكاسب، لكنها لن تتمكن من تحقيق تقدم.

وأردف: “لن يكون لديها قوات كبيرة أو جيدة بما يكفي لشن هجوم على طول الطريق حتى نهر دنيبرو. لكن الحرب ستكون قد تحولت لصالح روسيا”.

هناك أمر واحد مؤكد: وهو أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لا يعتزم التخلي عن هجومه على أوكرانيا.

إنه مثل لاعب البوكر الذي يقامر بكل رقائقه من أجل الفوز. وهو يعوِّل على فشل الغرب في تزويد أوكرانيا بالوسائل الكافية للدفاع عن نفسها

وعلى الرغم من كل قمم حلف شمال الأطلسي، وكل المؤتمرات، وكل الخطب المثيرة، إلا أن هناك احتمال أن يكون بوتين على حق.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here