عشرات الفصائل العراقية المسلحة تعمل وفق اجندات خارجية تعادي مصالح البلاد….التقاریر


2024-04-30
يوجد في العراق نحو 73 فصيلاً ميليشياوياً مسلحاً ، أسست أغلبها أجنحة سياسية بشكل مباشر أو غير مباشر، عبر دعم أشخاص مرتبطين بها لتأسيس أحزاب تهدف بالمحصلة لتعزيز وجودها في خريطة الفاعلين بالبلاد بدعم من ايران.

وتعتمد معظم هذه الفصائل على الميزانية المالية لهيئة الحشد الشعبي ، بما يوفر لها غطاءً مهماً لمرتبات أفرادها ومكاتبها والتسهيلات في الحركة والتنقل ، باعتبار أن الحشد الشعبي أضحى هيئة أمنية رسمية في البلاد، بعد التصويت على قانون عبر البرلمان العراقي عام 2017 .

وكان الحشد قد تأسس سنة 2014 بفتوى دينية للمرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني عُرفت بفتوى الجهاد الكفائي وذلك لمهمّة محدّدة تتمثل في التصدي لتنظيم داعش الذي تمكّن آنذاك من السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي العراقية.

وتنتشر الفصائل المسلحة في العراق بمقرات رسمية وغير رسمية، وأخرى سرية ، في أغلبية المدن العراقية ، لكنها تتركز في محافظات نينوى وصلاح الدين وديالى وبابل والأنبار، تليها بغداد ثم كربلاء التي باتت تضم في ضواحيها مقار واسعة لعدد من هذه الجماعات.

كما تمثل الحدود العراقية السورية ضمن محور التنف ـ القائم، مروراً بمدينة البوكمال، واحدة من أضخم نقاط تجمعاتها المسلحة في كلا البلدين ، وقد تعرضت لهجمات صاروخية في أكثر من مرة من قبل الأميركيين والإسرائيليين خلال محاولة نقلها للأسلحة عبر الحدود او إحباط مخططات “إرهابية” لهذه الفصائل.

وتنفذ هذه الجماعات والفصائل المسلحة ومعظمها تدور في فلك إيران ، هجمات على مواقع عسكرية تابعة للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ، في سوريا والعراق ، وعلى المقار والبعثات الدبلوماسية ، كما استهدفت إقليم كوردستان مرات عديدة آخرها كان ، مساء أمس الجمعة ، حينما استهدفت بطائرة مسيرة حقل كورمور للغاز الواقع ضمن حدود محافظة السليمانية بإقليم كوردستان ، وادى الى مقتل 4 عمال يمنيين وإصابة 2 آخرين وتعرض الحقل لأضرارٍ بالغة.

وتشكّل التطلعات السياسية للفصائل المدعومة من إيران ، تحدّياً مستمراً للجهود التي فكّر أي رئيس حكومة عراقية ببذلها لفرض النظام والقانون في البلاد واستعادة هيبة الدولة ، إذ تعتبر هذه الفصائل المدعومة من طهران نفسها عنصراً أساسياً في مايسمى بـ “محور الممانعة” بقيادة إيران وهي لاتخفي ذلك، وتضطلع بأدوار قتالية إضافية خارج الحدود العراقية ايضاً لمصلحة طهران. ونتيجةً لذلك، لا تتبع هذا الفصائل والجماعات المسلحة بالضرورة أوامر القائد الأعلى للقوات المسلحة العراقية ، و واقع الحال هو أنهم أقدموا في مناسبات عدة على عصيان رؤساء الوزارات العراقيين والاستخفاف بهم.

وجميع الميليشيات العراقية المدعومة من إيران تقرّ على الملأ بأنها تتبع طهران ، وبأن مصالح ايران بالنسبة لها تأتي حتى قبل مصالح وقانون الدولة العراقية.

وباتت هذه الميليشيات والجماعات التي كانت العديد من الجهات العراقية ترفض مساواتها بالقوات المسلّحة النظامية ، أصبحت عمليا تتفوّق على تلك القوّات ، فهي ممثلَة سياسيا ومشارِكة في تشكيل الحكومة وصناعة القرار، وفاعلة اقتصاديا أيضا ولها مصادر تمويلها الذاتي رغم أنّها ممولة من قبل الدولة.

ومنذ انتهاء العمليات القتالية الكبرى ضد تنظيم داعش نهاية 2017، فرضت الفصائل والمجموعات العراقية المسلحة الموالية لإيران سيطرتها على الملف الأمني في المناطق المستعادة من التنظيم في محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى ، بالإضافة إلى منطقة جرف الصخر في محافظة بابل جنوبي العاصمة بغداد.

ولم تقتصر تلك المجموعات على العمل الأمني بل افتتحت لها مكاتب تعزز من قدراتها الاقتصادية عبر السيطرة على منافذ حدودية غير نظامية والمشاركة في عقود إعادة الإعمار وفرض الرسوم على الشركات المحلية وابتزاز رجال الأعمال والمستثمرين واستيفاء رسوم شهرية من أصحاب المقاهي والمطاعم والتجار بالإضافة إلى رسوم على شاحنات نقل البضائع التي تدخل بعض المدن الخاضعة لنفوذها.

كما ومنذ سنوات عزّزت هذه الفصائل انتشارها على الحدود العراقية السورية لتأمين مرور الأسلحة والمقاتلين المرتبطين بفيلق القدس الإيراني إلى سوريا ولبنان وتحقيق المزيد من المكاسب الاقتصادية من خلال المنفذ الحدودي أو عبر منافذ برية غير رسمية تشرف عليها تلك الفصائل التي تتواجد في منطقتي القائم العراقية والبوكمال السورية.

ويظل خضوع هذه الفصائل لإمرة السلطات الرسمية العراقية صوريا إلى أبعد حدّ إذ أنّها وبالرغم من عملها ضمن مظلة الحشد لكن ماتزال مرتبطة بقادتها الحقيقيين والمرتبطين بدورهم بالحرس الثوري الإيراني.

وتقارب مخصصات الحشد الشعبي (التي تضم تلك الفصائل) من ميزانية الدولة اكثر من 2 مليار دولار سنويا وهو رقم ضخم قياسا بما تخصصه الدولة لقطاعات أخرى اكثر ضرورة.

وتواجه المؤسسات الرسمية العراقية العاملة في عدد من القطاعات في المناطق التي كانت تحت سيطرة داعش منافسة شرسة من قبل الفصائل والميليشيات المسلحة التي كثيرا ما تتمكّن بفضل نفوذ قادتها من الاستحواذ على الجزء الأكبر من مشاريع إعادة الإعمار ومشاريع تنمية الأقاليم وتنخرط في العمل فيها بعيدا عن أي رقابة تتعلّق بالجودة والالتزام بالشروط وغيرها.

ويمارس مايسمى بالجهد الهندسي التابع للحشد نشاطات عدة من اختصاص مؤسسات الدولة مثل تعبيد الطرقات وبناء الجسور ومد أنابيب المياه وحماية حقول النفط من الانجراف والغرق بالسيول وغير ذلك من النشاطات التي تعكس القدرات التي تمتلكها الفصائل من الآليات والإمكانيات المادية التي كان أغلبها تابعا للدولة واستولت عليه الميليشيات ، وهو ما فعلته أيضا مع الكثير من المعدّات التابعة للجيش والشرطة العراقيين.

وبعد اندلاع حرب غزة ، برزت ماتسمى بـ “المقاومة الإسلامية” في العراق والتي تعمل مباشرة تحت إشراف فيلق القدس الإيراني.

ويرى الباحث العراقي حمدي مالك ، أنه ووفق تتبعٍ وفحص لعدد من المعطيات والمعلومات الخاصة من داخل العراق، يمكنه القول بحسب العديد من الأدلة إن الميليشيات التي تشكل “المقاومة الإسلامية” هي “أذرع إيران المباشرة في العراق وسوريا”، ولذا لا يمكنها أن تقوم بأي عملية من تلقاء نفسها، وإنما وفق ما ترسمه “شورى” القرار في “فيلق القدس”.
مالك وهو خبيرٌ مختص في “الميليشيات المسلحة الشيعية”، يقول إن ماتسمى بـ “المقاومة الإسلامية” في العراق هي “خليط من الميليشيات، تضم: كتائب حزب الله، وكتائب سيد الشهداء، وحركة النجباء، إضافة لأنصار الله الأوفياء”.

والفصائل الرئيسة الأربعة كونت الإطار الناظم الأساسي ، الذي من الممكن أن تكون هنالك فصائل أخرى انضمت له في مرحلة لاحقة، والذي قد يتوسع ليضم قوى راديكالية إضافية، شريطة التزامها بأجندة الجبهة وسياساتها.

وبحسب الباحث العراقي ، فإن تأسيس جبهة ماتسمى بـ “المقاومة الإسلامية” يأتي لتحقيق عدة أهداف، أحدها التعمية الإعلامية والأمنية، حتى لا يتحمل فصيل واحد مسؤولية الهجمات ضد القوات الأميركية، وأيضا لكي يكون هنالك تنسيق وعمل أكثر كفاءة وإضراراً، وهو أمرٌ قد يوسع من دائرة أعمال العنف والإرهاب.

وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” ، قد نقلت في تقرير سابق لها ، عن المؤرخ العراقي سعد إسكندر القول: “داخليا وخارجيا وعلى المستويين السياسي والأمني فإن العراق حاليا دولة فاشلة”.

ويضيف إسكندر “لا يمكن للدولة العراقية أن تبسط سلطتها على أراضيها أو على شعبها”.

ويقول إسكندر إن “تغيير قادة البلاد وحصول تغيير في الأجيال هو السبيل الوحيد” للنجاة.

فيما تقول ماريا فانتابي من مركز الحوار الإنساني ، وهي منظمة لإدارة النزاعات مقرها سويسرا: “إذا نظرنا لعراق ما بعد عام 2003، فعلينا أن نقول إنه لم يكن في الواقع دولة فاعلة”.

وأضافت: “لم يكن لدينا رئيس وزراء له سيطرة كاملة على قوات الأمن أو على الحدود”.

ويعود الفضل في عدم انهيار العراق بشكل كبير إلى الثروة النفطية الهائلة التي تمتلكها البلاد، لكن معظم المواطنين لا يرون أبدا فائدة في تلك الثروة ويعانون من انقطاع يومي للكهرباء ومدارس متهالكة ونقص في الرعاية الصحية والمياه الصالحة للشرب.

وقالت الصحيفة الامريكية ، أن العراق يبدو اليوم بلدا يفقد أهميته في المنطقة والعالم حيث تقاتل الميليشيات الشيعية من أجل السيطرة.

ويحتل العراق المرتبة الرابعة كأكبر احتياطي نفطي في العالم ، حيث غذت عائدات النفط الفساد بشكل واسع.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here