2024-04-30
قدم موقع “أمواج” البريطاني، قراءة حذرة لنتائج زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لكل من بغداد واربيل، معتبرا أن الطريق ما يزال طويلا أمام العراق وتركيا قبل وضع اللمسات النهائية على الاتفاقيات الشاملة حول النزاعات الدبلوماسية والاقتصادية، بينما لم يتم تسوية القضايا العالقة المتعلقة بالمواجهة المستمرة بين أنقرة وحزب العمال الكوردستاني، واستئناف صادرات النفط من اقليم كوردستان.
واعتبر التقرير البريطاني، إنه برغم الضجة التي طالت زيارة أردوغان وهي الاولى له منذ 13 عاما، إلا أن الغموض ما يزال قائما فيما يتعلق بالشكاوى القديمة برغم توقيع 26 اتفاقية ومذكرة تفاهم بما في ذلك مذكرة بين انقرة وبغداد حول اطار استراتيجي بشأن الطاقة والأمن والتجارة والمياه، مضيفا أن النجاح الملموس تمثل في التوقيع على اتفاقية مبدئية للتعاون في مشروع “طريق التنمية” بين العراق وتركيا وقطر والامارات، مشيرا الى انه برغم ان الاتفاق الرباعي يمثل خطوة نحو الامام، الا انه من المرجح أن يتطلب نجاحه المزيد من الدبلوماسية الاقليمية بالنظر الى قربه من المصالح الجيواستراتيجية الايرانية.
وتطرق التقرير إلى مشروع “طريق التنمية” الذي وصفه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بأنه بمثابة “النهر الاقتصادي” الذي “يربط بين الشرق والغرب”، مشيرا ايضا الى توقيع مذكرة تفاهم لإنشاء لجنة اقتصادية وتجارية مشتركة هدفها تعزيز التجارة الثنائية السنوية لتصل الى 24 مليار دولار، ارتفاعا من 20 مليار دولار حاليا.
ومع ذلك، قال التقرير ان التساؤلات حول المناخ السياسي والأمني غير المستقر في العراق جعلت بعض المراقبين يشعرون بالقلق إزاء جدوى “طريق التنمية”، مذكّراً بأن مقاتلي تنظيم داعش وحزب العمال الكورددستاني هاجموا في السنوات الماضية، خطوط أنابيب النفط وغيرها من البنية التحتية التي تربط العراق وتركيا، في حين تشير التقارير إلى أن تركيا تستعد لشن هجوم عسكري واسع ضد حزب العماليين في شمال العراق، مشيرا الى ان بعض المراقبين السياسيين اعتبروا ان هجوما كهذا هدفه تحييد التهديد المحتمل لحزب العمال الكوردستاني لمخطط “طريق التنمية”.
وفي خطوة أخرى، قال التقرير إنه بمثابة “تنازل لتركيا”، قام مجلس الامن الوطني العراقي مؤخرا بإدراج حزب العمال الكوردستاني على أنه جماعة “محظورة”، لكنه لم يصل إلى درجة تصنيفه على القائمة السوداء باعتباره “منظمة إرهابية”. وبعدما ذكر التقرير بأن أردوغان قال خلال زيارته بأنه على العراق “التخلص من كافة أشكال الإرهاب”، اعتبر التقرير أن هذه التصريحات تشير الى ان اهداف الرئيس التركي لم تتحقق على الفور.
وفي حين لفت التقرير الى التوتر بين حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني وبين تركيا، قال التقرير ان زعيم الحزب بافل طالباني لم يلتق أردوغان خلال زيارته، الا ان شقيقه الاصغر قوباد طالباني، وهو نائب رئيس وزراء اقليم كوردستان، شارك في جلسة واحدة مع الرئيس التركي الزائر، وهو ما يشير إلى أن خطوط الاتصال بين انقرة والاتحاد الوطني الكوردستاني، لا تزال مفتوحة.
وتابع التقرير أنه رغم التحذيرات العراقية بما في ذلك من جانب الرئيس عبداللطيف رشيد من انتهاك سيادة العراق، إلا أن التقرير قال انه “من المتوقع أن تنفذ انقرة هجوم الصيف، حتى على حساب احتمال الإضرار بعلاقاتها مع بغداد”.
ولفت التقرير الى خط أنابيب كركوك-جيهان المعطل، وهو خط منفصل جرى إصلاحه مؤخرا بعدما تضرر خلال الحرب مع داعش، وهو يعتبر خطاً منافساً لخط أنابيب منفصل يمتد من اقليم كوردستان الى تركيا ومعطل منذ أكثر منذ سنة.
وقال التقرير إنه برغم التكهنات بأنه سيتم التوصل إلى اتفاق حول خط جيهان، الا انه يبدو انه لم يتم اتخاذ خطوات ملموسة، مضيفا أن استئناف الصادرات عبر خط الأنابيب متعثر ايضا بسبب الخلاف بين بغداد واربيل حول تقاسم الإيرادات وكذلك حول رسوم العبور.
وتطرق التقرير الى الخلاف المائي بين العراق وتركيا، مشيراً إلى أن الطرفين وقعا اتفاقية مدتها 10 سنوات من شأنها ضمان استمرار إمدادات المياه من تركيا، وتتضمن تطوير مشاريع البنية التحتية المرتبطة بالمياه.
إلا أن التقرير قال ان “الغموض يخيم على التقدم بين العراق وتركيا حول موقف إيران فيما يتعلق بالمشاريع الرئيسية مثل “طريق التنمية”، مضيفا أنه في حال كان الرغبة بتقدم هذه المخططات، فإن ذلك سيتطلب بالتأكيد موافقة طهران.
وبحسب التقرير فإن أردوغان خلال زيارته الى اربيل المح الى استيائه من النفوذ الإيراني في العراق، عندما قال ان “على ادارتي بغداد واربيل اجراء حوار صحي دون السماح بتدخل أطراف ثالثة”.
وختم التقرير بالقول إن مسار “طريق التنمية” الذي يمر بالقرب من جنوب ايران من ميناء الشارقة الإماراتي، ثم عبر الفاو، قد جعله مراقبة واهتمام من جانب إيران بسبب قدرة المشروع على التأثير على المشهد الجيوسياسي الإقليمي، مضيفا ان بمقدور طهران والجماعات المسلحة المدعومة منها، تقويض المشروع في حال اعتبروا أنه يشكل تحديا لمصالحهم.
وخلص التقرير إلى القول إن زيارة أردوغان الى بغداد واربيل تظهر التزامه الواضح بتعزيز العلاقات التجارية مع العراق، وتساهم في بناء موقف أكثر قوة لتركيا في الديناميكية الأوسع في المنطقة. وتابع قائلا إنه بينما جرى الترحيب بالزيارة النادرة باعتبار انها من وجهة نظر بغداد وانقرة قد نجحت، الا انه يتحتم الانتظار لرؤية كيف ستصمد الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة في ظل الأجواء السياسية المضطربة في المنطقة.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط