تركيا والعراق يدشنان اليوم صفحة جديدة من التعاون المثمر في زيارة اردوغان لبغداد


اسطنبول /نينا/ تقرير اعداد شفيق العبيدي .. تدخل اليوم وخلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى بغداد ، العلاقات بين العراق وتركيا مرحلة جديد من التعاون المثمر طال انتظارها بعد تأكيد بغداد وانقرة مرارا وتكرارا على الرغبة الصادقة في ولوج هذه المرحلة وطي صفحة الماضي جانبا .

وتعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العراق ولأول مرة منذ نحو 13 عاما انتقالة كبيرة في علاقة البلدين، والتي مرت وعلى مدى السنوات الماضية – بتجاذبات بسبب عدد من الملفات العالقة بينهما، وربما يكون أهمها ملف المياه حيث يعاني العراق وخاصة في موسم الصيف من شح كبير في انخفاض مناسيب مياه نهري دجلة والفرات اللذان ينبعان من الاراضي التركية .

كما تعد المسألة الامنية المتمثلة بتواجد قواعد لحزب العمال الكردستاني في شمالي العراق واحدة من المشاكل التي يعاني منها كلا من العراق وتركيا حيث يخوض الجيش التركي حربا مفتوحة منذ الثمانينات من القرن الماضي ضد مسلحي الحزب في شمال العراق .

وتعد مسألة الطاقة احدى الملفات المهمة التي لابد من ابرام اتفاقات جديدة لحل بعض الاشكالات العالقة نتيجة توقف ضخ النفط العراقي عبر الانبوب المار في اقليم كردستان الى الموانىء التركية .

وملف المياه يعده العراق من بين اهم الملفات حيث أن هناك توترات حول موارد المياه وبناء السدود على الأنهار المشتركة بين البلدين، وهما نهرا دجلة والفرات، حيث تخشى الحكومة العراقية من تأثير بناء السدود التركية على تدفق المياه إلى العراق.

وعلى الرغم من أن أزمة المياه في نهري دجلة والفرات ليست جديدة، فتركيا باعتبارها دولة المنبع تمتلك ميزة جغرافية واستراتيجية تتمثل بالسيطرة الكاملة على كل من هذين النهرين في مواجهة الدولتين الأخرتين على مجرى النهر، سوريا والعراق.

وبرزت المشكلة المائية بين العراق وتركيا لأول مرة في منتصف السبعينات من القرن الماضي، إثر إنجاز تركيا بناء سد كيبان -وهو أحد السدود الضخمة- وتخزين المياه فيه، ما أدى إلى نقص المياه في العراق إلى حد كبير، وانتهت بسد إليسو والذي افتتح عام 2018.

وجاء تأكيد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أن قضية المياه ستكون واحدة من أهم بنود جدول أعماله خلال زيارته المرتقبة للعراق ليضفي جانبا من الارتياح والايجابية لدى العراق حيث اشار اردوغان الى أنهم يدرسون طلبات تقدم بها الجانب العراقي بخصوص المياه، مشددًا على أنهم سيسعون لحل هذه المشكلة معهم.

وقال اردوغان في هذا الجانب : هم يريدون منا حلها وستكون خطواتنا بهذا الاتجاه، وهناك أيضًا قضايا تتعلق بتدفق الغاز الطبيعي والنفط إلى تركيا، وسنسعى إلى معالجتها أيضًا”.

اما مايتعلق بوجود القواعد العسكرية التركية في مناطق كردستان العراق فقد شكلت هذه المسألة إشكالية المسوغ القانوني لهذه القواعد داخل الأراضي العراقية، واستخدامها من قبل تركيا كنقاط انطلاق لتنفيذ عمليات عسكرية ضد عناصر حزب العمال الكردستاني داخل الأراضي العراقية.

فتركيا تزعم أن لها الحق في إنشاء قواعد عسكرية داخل الأراضي العراقية وفقا لاتفاقية أمنية بين البلدين وقعت عام 1984، في حين أوضح وزير الخارجية العراقية فؤاد حسين أن هناك “محضرا رسميا موقعا من قبل وزير الخارجية العراقية آنذاك طارق عزيز مع نظيره التركي عام 1984 يتعلق بالسماح للقوات التركية بدخول الأراضي العراقية ولمدة عام واحد فقط بمسافة لا تتجاوز 5 كيلومترات”.

وقد أعلن العراق عام 2022، “تسجيل أكثر من 22 ألف انتهاك تركي للأراضي العراقية منذ عام 2018، وأن الحكومة العراقية قدمت 296 مذكرة احتجاج على التدخلات التركية”.

ولطمأنة الجانب العراقي فقد أعلن وزير الدفاع التركي يشار غولر خلال الشهر الجاري أن أنقرة وبغداد تتجهان لتوقيع اتفاقية استراتيجية للمرة الأولى منذ سنوات طويلة مشيرا الى إن “الأنشطة المتعلقة بمكافحة الإرهاب مستمرة ويمكن توقيع اتفاقية مع الجانب العراقي لحل الاشكالات القائمة بهذا الجانب .

من جانبه قال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، إن “زيارة أردوغان ستُختتم بتوقيع مذكرات تفاهم مهمة في إطار العلاقة الاستراتيجية والشراكة في مجالات النقل والطاقة والأمن والاقتصاد وتعاون رجال الأعمال في البلدين”.
وأضاف في تصريح صحفي أن “زيارة أردوغان إلى العراق ستكون نقلة نوعية في مستوى العلاقة والتفاهم والتعاون بين البلدين، خصوصاً أن العراق حريص على إنهاء أسباب الخلاف، ومنها حل موضوع الجماعات المسلحة التي تقوم بضرب البلدين على حد سواء، الأمر الذي يرفضه الدستور العراقي جملة وتفصيلاً”.

وأكد الأعرجي أن “عناصر تلك الجماعات يجب أن يلقوا السلاح وينهوا هذه الحالة بأسرع وقت ممكن”.

وفيما يتعلق بمشروع طريق التنمية اكد وزير المواصلات والبنى التحتية التركي / عبد القادر أورال أوغلو/ أنه عند اكتمال مشروع طريق التنمية الذي يمر من العراق والأراضي التركية، فإن عملية شحن البضائع ستنخفض إلى 25 يوما فقط.

وأوضح أورال أوغلو في تصريح متلفز يوم امس الأحد، أن حركة السفن التي تمر عبر قناة السويس تستغرق 35 يوما، وأكثر من 45 يوما عبر رأس الرجاء الصالح، أما عند اكتمال طريق التنمية فإن الوقت سينخفض إلى 25 يوما.

واعلن الوزير التركي أن المرحلة الأولى من المشروع سيتم تشغيلها العام المقبل، مشيرا إلى أنهم يخططون لبناء 1200 كم من السكك الحديدية والطرق السريعة ونقل الطاقة وخط للاتصالات ضمن نطاق المشروع.

واشار الى أنه في إطار المشروع سيتم بناء خط سكة حديد من قرية “أوفاكوي” الحدودية مع العراق إلى أوروبا، مؤكدا أن مشاريع النقل الوطنية والدولية لها أهمية حيوية لتركيا.

يذكر ان مشروع “طريق التنمية”، طريق برية وسكة حديدية تمتد من العراق إلى تركيا وموانئها، ويبلغ طول الطريق وسكة الحديد 1200 كيلومترا داخل العراق، ويهدف المشروع إلى نقل البضائع بين أوروبا ودول الخليج .

من جانبه اكد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وخلال وجوده في الولايات المتحدة ، إن زيارة الرئيس التركي ليست زيارة عابرة، مبينا أنه وللمرة الأولى نجد هناك رغبة حقيقية لدى العراق وتركيا بالذهاب إلى الحلول وليس ترحيل للملفات.

وشدد على عدم السماح بأن تكون الأرض العراقية منطلقا للاعتداء على تركيا، وكذلك عدم السماح بالرد المباشر دون التنسيق مع العراق، مبينا أنه، سيبحث مع الرئيس التركي وضع المعالجات لملف المياه.

هذا ومن المتوقع وحسب ما اعلن عنه وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ان يتم توقيع أكثر من 20 اتفاقية مع العراق خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بغداد اليوم الاثنين .

وقال فيدان في تصريح صحفي يوم امس الاحد : ان “هدفنا الاساس تطوير العلاقات مع العراق بحيث يكون الاستقرار الإقليمي والازدهار والتنمية ممكنا، وإضفاء طابع مؤسسي على علاقاتنا، وبذل ما بوسعنا لتطوير النظام والازدهار في المنطقة”.

وأضاف: “أتممنا الاتفاقات الأولية لتوقيع أكثر من 20 اتفاقية خلال زيارة الرئيس اردوغان الى بغداد .

واشار في هذا الإطار إلى الأعمال الجارية منذ فترة طويلة بين البلدين في مجالات منها الأمن والطاقة والزراعة والمياه والزراعة والصحة والتعليم.

وأوضح أن الرئيس أردوغان سيلتقي رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في بغداد حيث سيُعقد اجتماع عمل، وسيتم التوقيع على الاتفاقيات بعد ذلك ./انتهى

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here