2024-05-17
يعتبر مرض الحمى النزفية من “أخطر” الأمراض الانتقالية المشتركة بين الحيوان والإنسان، وبينما تؤكد لجنة الصحة في البرلمان العراقي أن أعداد الإصابات في ارتفاع “أكثر من المعتاد” منذ عامين، يبيّن المستشفى البيطري في محافظة كربلاء أن من ضمن الإجراءات المخطط لها عند حدوث أي إصابة بالمرض إحاطة منطقة البؤرة على مدار 15 كم لمنع دخول وخروج الحيوانات للمنطقة المسجل فيها إصابة بالحمى النزفية.
ويسجل العراق 40 إصابة بالحمى النزفية منذ مطلع العام الحالي 2024، بينها 5 وفيات، وفق ما أعلنته وزارة الزراعة العراقية أول أمس الأربعاء، وتصدرت محافظة ذي قار أعداد الإصابات بـ15 حالة بينها حالتا وفاة، بينما كانت لنينوى 6 إصابات ووفاة واحدة، وبابل 4 إصابات ووفاة واحدة، أما أعداد إصابات بغداد فبلغت 6 إصابات ووفاة واحدة، فيما أعلنت كركوك تسجيل إصابتين بالحمى النزفية أمس الخميس.
“أكثر من المعتاد”
ويعود ارتفاع الإصابات البشرية بمرض الحمى النزفية إلى اختلاف درجات الحرارة، حيث يقول عضو لجنة الصحة النيابية، باسم الغرابي، إن “حشرة القراد الناقل لمرض الحمى النزفية تمر بسبات في فصل الشتاء وتنشط في فصل الصيف، لذلك تسجل إصابات في هذا الوقت عند كل موسم، وهي في ارتفاع أكثر من المعتاد منذ عامين”.
ويرجع الغرابي خلال حديثه ، نشاط المرض إلى “الرعي والجزر العشوائي في الشوارع، ما يتطلب حملة إرشادية وإجراءات علاجية من قبل وزارة الصحة العراقية التي لديها معلومات كاملة عن الحمى النزفية، كما أن بروتوكول العلاج متوفر ويتم القضاء على حشرة القراد من خلال المبيدات وتغسيل وتغطيس الأغنام وغيرها”.
وحاولنا التواصل مع وزارة الصحة العراقية لغرض الاستيضاح حول آخر تطورات مرض الحمى النزفية وأعداد الإصابات والإجراءات المتخذة، لكن الوزارة اكتفت بوجود “تصريح معمم” بهذا الخصوص.
وكانت مدير المستشفى البيطري في ديالى، ابتسام جاسم، أعلنت في تصريح سابق لوكالة شفق نيوز (في 8 أيار الجاري)، حالة الاستنفار للوقاية من الحمى النزفية في مناطق المحافظة، خاصة وأن الأخيرة سجلت عدة وفيات وإصابات العام الماضي، مبينة أن “21 فريقاً بيطرياً يتجول يومياً في مناطق المحافظة وينفذ حملات مكافحة وتغطيس للمواشي لقتل الوسط الناقل للفيروس وهو قراد الهايلوما، فضلاً عن إجراءات مشددة تفرض على نقل المواشي بشكل عام وفقاً للتعليمات البيطرية”.
غلق مناطق البؤر
أما في محافظة كربلاء، فقد تم تنفيذ حملة وطنية مجانية بدأت من 15 نيسان الماضي وتستمر لغاية 15 حزيران المقبل، للوقاية من مرض الحمى النزفية وللقضاء على الوسيط الناقل لهذا المرض، وتضمنت هذه الحملة التي تمتد لشهرين وتشمل جميع مناطق وأقضية ونواحي محافظة كربلاء والمربين فيها، رش وتغطيس الحيوانات كافة باستخدام مبيد الدلتامثرين الذي يعتبر العلاج المناسب للقضاء على الوسيط الناقل لهذا المرض وهي حشرة القراد.
أفاد بذلك مدير المستشفى البيطري في كربلاء، الدكتور وسام الجابري، ويؤكد لوكالة شفق نيوز، أن “مرض الحمى النزفية يعتبر من أخطر الأمراض الانتقالية المشتركة بين الحيوان والإنسان، وتم تسجيل حالات إصابة به في أغلب المحافظات العراقية، لكن لم تسجل محافظة كربلاء أي إصابة لهذه السنة حتى الآن، وذلك لاتخاذ المستشفى البيطري بالتعاون مع الحكومة المحلية مجموعة إجراءات”.
ومن تلك الإجراءات، يوضح الجابري، “تشكيل خلية أزمة بالتنسيق مع قيادة عمليات كربلاء لمنع دخول الحيوانات من المحافظات المسجلة فيها إصابات بالمرض ولمراقبة محلات الجزارين والقصابين فيما يخص هذا المرض، ومن أهم الإجراءات التي تم اتخاذها هي منع حالات الجزر العشوائي وتم ضبط الكثير من المخالفين، وذلك لأن هذا المرض يستهدف بشكل أكثر القصابين والجزارين وأيضاً ربات البيوت، وذلك لتعاملهم المباشر مع اللحوم التي قد تكون ملوّثة”.
ويضيف، أن “من ضمن الإجراءات أيضاً الكشف والتحري عن هذا المرض بالتعاون مع الحراس الوبائيين الذي تم توزيعهم على محافظة كربلاء بالتنسيق مع مختاري المناطق، وفي حال حدوث أي إصابة سيتم إحاطة المنطقة على مدار 15 كيلومتر كبؤرة دائرية لمنع دخول وخروج الحيوانات منها”.
ويؤكد، أن “الإجراءات الاحترازية مستمرة لحين عبور فترة نشاط حشرة القراد في الحيوانات التي تستمر من شهرين إلى ثلاثة أشهر، وبعدها ستختفي هذه الحشرة وتقل عدد الإصابات بهذا المرض”.
وفي ظل انتشار المرض في بعض المحافظات العراقية، التقت وكالة شفق نيوز بعدد من القصابين في محافظة كربلاء للاطلاع على الإجراءات المتخذة للوقاية من مرض الحمى النزفية، حيث يقول القصاب أبو محمد والقصاب أبو علي اللذين يعملان في محالات متجاورة بقضاء الهندية، إنه “بعد سماع انتشار مرض الحمى النزفية بدأنا باتخاذ إجراءات وقائية بضمنها شراء الذبائح من الوقفة أو الجوبة، على أن تكون الذبائح خاضعة للفحص، وأن تذبح داخل الأماكن المخصصة (المصلخ) للحفاظ على سلامتنا وسلامة المواطنين”.
وكان إستشاري طب الأسرة، الدكتور علي أبو طحين، أكد في تصريح سابق لوكالة شفق نيوز، على أهمية الذبح في المجازر بعيداً عن المواطنين أو في وسط الشارع، مع ارتداء الكفوف وغسل اليدين، فضلاً عن ضرورة التخلص من النفايات الحيوانية بطريقة سليمة.
والحمى النزفية، هي حمى فيروسية تنتقل عادة من الحيوانات المصابة للبشر عبر الدماء الملوثة أو اللحوم، مع أن الفيروس يموت إن طبخ اللحم المصاب والملوث بالفيروس بشكل جيد، فإنه قد ينتقل حتى عبر دم الحيوانات المصابة.
ويحذر الخبراء من أن الفيروس قد ينتقل أيضاً من إنسان لآخر، خاصة عن طريق الاتصال الجنسي أو اللعاب ومختلف سوائل الجسم، وتشمل الأعراض المبكرة الحمى والتعب أو الضعف أو الشعور العام بالتوعك، والدوار وآلام العضلات أو العظام أو المفاصل، والغثيان والقيء والإسهال.
أما الأعراض التي قد تصبح مهددة للحياة فتشمل نزيفاً تحت الجلد أو في الأعضاء الداخلية أو من الفم أو العينين أو الأذنين، وخللاً وظيفياً في الجهاز العصبي، مع الغيبوبة والهذيان وأحياناً الفشل الكلوي والتنفسي والكبدي.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط