بسم الله الرحمن الرحيم
من جرائم عصابة البعث الارهابية الدموية
(تنشر لاول مرة) مهداة الى من يحن للزمن الجميل
علي محسن التميمي
(من اجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض , فكانما قتل الناس جميعا , ومن احياها فكأنما احيا الناس جميعا) ( ومن يقتل مومنا متعمدا فجزاوءه جنهم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما)
سال الامام علي ع الخوارج ( الذين قتلوا الصحابي عبد الله بن الخباب بن الارت وزوجته وبقروا بطنها واستخرجوا جنينها وقتلوه) من منكم قتل عبد الله بن الخباب وزوجته؟
فشهر الخوارج كلهم سيوفهم وقالوا كلنا اشترك في قتله , فقال ع والله لو اقرت البشرية كلها بقتل عبد الله لاحلت لي دماوهم وقاتل الخوارج ولم يسلم منهم الا بضعة اشخاص , وكان عددهم اربعة الاف (كتبت مقالة عام 2005 وبعدها بجريدة كندية تصدر بمونتريال (موقف الامام علي ع من القتلة الارهابيين) ونشرت بمواقع عراقية.
1- كنت مدرسا في متوسطة الحي بين الاعوام (1973-1974-1975) وكان لي زميل حميم مدرس علي الجصاني من الكوت اظن اسم والده حسين , ونقلوه من الكوت حيث يسكن مع عائلته الى الحي معاقبا لرفضه الانتماء لحزب البعث الدموي وكان يعاني من السفر من الكوت الى الحي يوميا وكان شقيقه يشتغل ب (اورزدي باك) بالكوت وهو متدين وله اولاد , وسجنته عصابة البعث بأمن الكوت والسبب ان مدير ( اورزدي باك) بعثي , ومعاونه مستقل متدين ووزعت مصلحة المبايعات الحكومية على فروع اورزدي باك بالمحافظات اواني زجاجية ( مواعين فرفوري كبيرة) بريطانية ويابانية , فقام مدير اورزدي باك بالكوت بالطلب من الموظف شقيق صديقي (المدرس علي, بان يرسلها كلها الى اقارب المدير واصدقائه البعثيين , وكتب احد الموظفين تقريرا على المدير فجاءت لجنة تحقيقة من بغداد واستدعوا شقيق علي فقال امرني المدير بارسالها (الكارتونات) الى اقاربه ومعارفه , فطلبوا تغير افادته ويقول ان معاون المدير هو من امره بذلك فرفض وقال لا اخون الله وأخون ضميري , فاعتقل لاسابيع وكان يزوره شقيقه المدرس علي , وقد تعرض لتعذيب رهيب ليشهد زورا على شخص متدين مخلص مستقيم , لانقاذ مديره البعثي السارق , وبعد رفضه الافتراء على معاون المدير اصيب بانهيار عصبي بسبب التعذيب الرهيب , في احد الايام جاء شقيقه على المدرسة وهو حزين جدا فلمحت ذلك على وجهه وسلمت عليه, فحكى قصة أخيه بألم ومرارة وحرارة وانفجر باكيا , وألححت عليه , فقال ذهبت كالعادة لمواجهة شقيقي , فبصق بوجهي وشتمني واراد ضربي ولم يعرفني , كنت اعرف انه كلما رفض الافتراء على برىء يعمل معه يوْخذ للتعذيب.
2- حدثت قصة مشابهة لشاب كردي مسيحي بأتاوة بكندا, عند استقراري باوتاوة عام 1987 تعرفت على عبد الصمد الفيلي البطل الذي تخشاه سفارة النظام , وكان يتابع العاملين فيها وطلاب البعثة بالجامعة باوتاوة وكارلتون وكنا نوزع المنشورات بالجامعتين لفضح نظام العصابة ومرة منعونا بجامعة اوتاوة فذهبنا للجامعة الاخرى , ومرة التقينا بالشاب الكردي في (الريدوسنتر) والسوق( الماركيت) وسلمنا عليه وكان يتكلم بصورة طبيعية ثم يتكلم (شيش بيش) كلمات وعبارات لا رباط لها , واحيانا نلتقي به ماشيا ويحدث نفسه ويدخن , مرة قال لي ( المان يلاحقوني اينما ذهبت , اريد الخلاص منهم يجلس معنا في المقهى ويدفع قهوته او شاي المرحوم عبد الصمد الذي حكى لي قصته قال جاء هذا الشاب الكردي الشمالي لكندا طالبا اللجوء هربا من اجرام العصابة الصدامية الدموية الارهابية الكيمياوية وحصل على (الكرين كارت) اقامة دائمية قبل الحصول على الجنسية وبعد مدة اشتاق لزيارة اهله , وذهب للخارجية الكندية فأعطوه وثيقة سفر (ترفل دوكيومنت) وسافر للشمال , ولم يعد , وحاول اقاربه بأوتاوة معرفة مصيره بعد أشهر فعلموا ان اعتقل بالامن , بسبب طلبه اللجوء السياسي بكندا , ومارسوا اقذر انواع التعذيب والشاب ليس سياسيا , التقيت به انا والمرحوم عبد الصمد الذي يعرفه قبلي بسنوات فذهب ابناء عمومته لوزير الخارجية الكندي (جوكلارك) توفي قبل فترة وطلبوا منه جلب ابن عمهم من سجون صدام , فاتصل الوزير بطارق عزيز مهددا اياه اذا لم يطلقوا سراحه , واطلق سراحه ووصل لاوتاوه وقد اصيب ايضا بانهيار عصبي وكنا نلتقي به (بالريدوسنتر) وبالمقهى والسوق , ونسلم عليه فيتكلم (شيش بيش) لاتفهم كلمة مما يقول , ويكرر الالمان يتابعونني العصابة تلاحقني من بغداد لتركيا وسوريا ويتركنا ويكمل طريقه , وهو شاب لا علاقة له بالسياسة , والله اعلم اين هو وماذا حدث له.
3- بعد تركي العراق عام 978 اشتغلت مدرسا بالمغرب والجزائر تعرفت على عراقي يدرس بمدينة طنجة علي الحلفي وكنا نتزاور في العطل وهو معارض للنظام في عام 979 في عطلة الصيف كنت في بيته فجاء صديقه الحميم مدرس فيزياء من النجف وقضينا اغلب العطلة وشجعته على البقاء بالمغرب لكن الاخ الحلفي شجعه للعودة للعراق فقلت له دعه يبقى هنا , فقال انا تركت العراق وانت ايضا ونريد من الاخ (ح ظ م) يبقى هنا من الذي سيسقط النظام ؟ فقلت له هذا النظام الاقذر الاحقر الاغدر مدعوم من قبل ابو ناجي والعم… وبقيه دول الاستكبار ويستعمل الطرق الاقذر في التعذيب بدأ بالعلماء والمتدينين والاخ مدرس الفيزياء (ح) النجفي متدين وهو شاب, على كل حال قرر الاخ العودة لمدينة امام المتقين وحجز تذكرة عودة (على الانتظار) اذا تاخر راكب يعطونه مقعده وسافرت معه من طنجة للدار البيضاء وقال لي ادع الله لاحصل على كرسي وافترقنا في ايلول 1979 وفي عام 1980 قررنا الذهاب للجزائر بسيارتي للبحث عن تعين انا والاخ علي الحلفي والسيد عباس الاعرجي مدرس رياضيات بتطوان وقررنا السفر مساء الخميس من طنجة الى وجدة ومنها للجزائر فقلت لهم انا اكره السياقة ليلا كثير من السواق في المغرب يتعاطون المخدرات والحوادث عالية جدا فقررنا البقاء والسفر فجر الجمعة , وفي المساء طرقت الباب ففتجتها فوجدت شخصا لا اعرفه فتكلمت معه باللهجة المغربية فاجابني بالعراقية قلت اخ تفضل مرحيا بك انت اضعت العنوان تبحث عن احد , فقال انا (ح) مدرس الفيزياء والله لم اعرفه رغم انه قضى شهرا بطنجة عام 1979 وتعانقنا وسالت دموعي , كان هيكلا عظميا فقد عشر كغم من وزنه , قلت له مذا حدث ؟ قال سجنك الانفرادي بالحي كان جنة بالنسبة لسجني ( اعتقلت 1 حزيران عام 978 بسجن انفرادي صغير المرحاض , اجلكم الله داخله وفراش تراب ارض السجن ووسادتي حذائي والتحفت سقف السجن , فقدت بعض وزني ولن انسى تلك الايام الرهيبة من حياتي ابدا متذكرا قول شوقي (قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم ان يكون رسولا) وقول الجواهري (لو جازللحر الكريم تعبدا لوجدت عبدا للمعلم ساجدا) وقال الحاج (ح) دعوني اصلي واحكي قصتي , اصابعه مكسره كانوا يضربونهم بسياط محشوه حصاة او احجار على الرووس فيحاول السجين حماية راسه فيضع يديه على راسه فكسروا اصابعه , وكان يوصينا اذهبوا لقضاء الحاجة (للمرحاض) قبلي لاني احتاج لوقت طويل , مزقوا أمعاءه اجلسوه على قنينة زجاجية , اما السجن فهو زنزانة ضيقة ارتفاعها اقل من متر وصغيرة وصنعوا فيها 30 سجينا, لا يستطيع السجين الوقوف ولا النوم, يجلسون 15 مقابل 15 , وتضع المجموعة الاولى ارجلها تحت والمجموعة الاخرى تضع ارجلها فوق وعندما تتعب المجموعة الاولى ترفع ارجلها فوق ارجل المجموعة المقابلة , والاكل (شوربة لايتقبلها الحيوان) وخبزا اسود يابس ويسمحون للسجين لقضاء الحاجة مرتين يوميا, لعنكم الله يا أوغاد يا ايتام صدام الله كرم الانسان وكرمنا بني ادم واسجد الملائكة له فهل يرضى الجلادون ان يفعل بهم المعرضون بمثل فعالهم , يقول اخي كنا نقرا القران وادعية كميل والافتتاح لشهر رمضان وادعية الامام علي ع والسجاد , وفي احد الايام بعد اخراج السجين للتعذيب الرهيب والاستجواب يرجع للزنزانة وكان معنا شاب نجفي في الثانوية متدين بعد عودته من التعذيب شاهدنا ملامح وجهه قد تغيرت تماما لا استطيع وصف ذلك وبعد دخوله انفجر باكيا وحاول الانتحار بضرب راسا بالحائط عدة مرات فأمسكناه وهداناه وهو يبكي بشدة ويتلعثم في اخراج كلماته فعرفنا اخيرا انهم اغتصبوا شقيقته الشابه المومنة امامه وهي تصرخ وتتوسل , والسبب اخبروه اذا اعترفت بانك جاسوس لايران او امريكا او أسرائيل سنة سنغتصب شقيقتك , فقال لا املك اي جواز سفر ولا اتكلم الفارسية ولا الانكليزية ولا العبرية فكيف اتجسس ولم يكن يعلم انهم اعتقلوا شقيقته ولما رفض اعتدوا عليها . الاخ المدرس الذي كان معه نقل القصة لي واقسم باغلظ الايمان, وهذه نقطة من بحر اجرامهم.
علي محسن التميمي
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط