شذرات عن العيد في الاسلام (ح 9)

الدكتور فاضل حسن شريف

تكملة للحلقة السابقة يقول الشيخ حبيب الكاظمي في موقع السراج: قوله سبحانه وتعالى “قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ” (المائدة 114) أنظروا إلى أدب المسيح عيسى ابنِ مريم عليه السلام هو رَفعَ هذا الطَلب إلى السَماء، ولكن بشيءٍ من التحوير والتبديل، ما قال: اللهم أنزل علينا مائدةً لنأكل منها، وتطمئنَ قلوبنا، بل قال: أولاً: “تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا” إن مسألة وجود أيام خالدة في كُلٍّ أُمة أمرٌ مُتعارفٌ في كُلِّ الأُمم، يقول المسيح عليه السلام: رَبنا أنتَ عندما تُنزل علينا مائدة، فهذا: فَخر، وكرامة، وعِناية خاصة، لذا فإننا نتخذُ هذا اليَوم عِيداً لأولنا وآخرنا، أي في كُلِّ عامٍ نتذكرُ فيه إنزال هذهِ المائدة، نحتفل بذلك اليَوم. فإن كان نزولُ المائدة من السماء مناسبة للاحتفال والعِيد، فكيفَ بنزول ما هو أعظم من المائدة؟.. أليس ميلاد النَبي الأعظم صلی الله عليه هذهِ المائدة السماوية الكبرى، أعظمُ مائدة نزلت من السماء، هذهِ المناسبة ألا تستحق أن تكون عيداً؟ ثانياً: “وَآيَةً مِّنك”َ هذهِ المائدة آيةٌ إلهية، وآيةٌ سماوية، أي: اجعل هذهِ المائدة علامة من علامات العناية الخاصة بأُمة المسيح عليه السلام. ثالثاً: “وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِين” (المائدة 114) لقد جَعلَ الأكلَ من هذا الطعام في مرحلةٍ لاحقة. فإذن، إن المسيح عليه السلام طلب أن يكون هذا الطعام آية، وعلامة من علامات العناية الإلهية، وهذا أمر معنوي، ثُمَّ بعد ذلك طلب الرزق المادي.. فالحواريون جعلوا الطعام مُقدماً على اطمئنان القَلب، بينما المسيح عليه السلام جَعلَ اطمئنانَ القَلب مُقدماً على الأكل وعلى الرزق.

صلاة الإمام الرضا عليه السلام في يوم العيد: ولقد قدر لإمامنا الرضا عليه السلام في يوم مجيد من أيام التاريخ أن يؤم المسلمين في صلاة العيد طلب من الإمام أن ينوب عنه. ويا لهوان الدنيا أن ينوب الرضا عليه السلام ذلك الخليفة الغاصب الفاسق، فيروى: (أَنَّ اَلْخَلِيفَةَ اَلْمَأْمُونَ وَجَدَ فِي يَوْمِ عِيدٍ اِنْحِرَافَ مِزَاجٍ أَحْدَثَ عِنْدَهُ ثِقْلاً عَنِ اَلْخُرُوجِ إِلَى اَلصَّلاَةِ بِالنَّاسِ فَقَالَ لِأَبِي اَلْحَسَنِ عَلِيٍّ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَا أَبَا اَلْحَسَنِ قُمْ وَ صَلِّ بِالنَّاسِ فَخَرَجَ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ قَصِيرٌ أَبْيَضُ وَ عِمَامَةٌ بَيْضَاءُ نَظِيفَةٌ وَ هُمَا مِنْ قُطْنٍ وَ فِي يَدِهِ قَضِيبٌ فَأَقْبَلَ مَاشِياً يَؤُمُّ اَلْمُصَلَّى وَ هُوَ يَقُولُ اَلسَّلاَمُ عَلَى أَبَوَيَّ آدَمَ وَ نُوحٍ اَلسَّلاَمُ عَلَى أَبَوَيَّ إِبْرَاهِيمَ وَ إِسْمَاعِيلَ اَلسَّلاَمُ عَلَى أَبَوَيَّ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ اَلسَّلاَمُ عَلَى عِبَادِ اَللَّهِ اَلصَّالِحِينَ فَلَمَّا رَآهُ اَلنَّاسُ أُهْرِعُوا إِلَيْهِ وَ اِنْثَالُوا عَلَيْهِ لِتَقْبِيلِ يَدَيْهِ فَأَسْرَعَ بَعْضُ اَلْحَاشِيَةِ إِلَى اَلْخَلِيفَةِ اَلْمَأْمُونِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ تَدَارَكِ اَلنَّاسَ وَ اُخْرُجْ صَلِّ بِهِمْ وَ إِلاَّ خَرَجَتِ اَلْخِلاَفَةُ مِنْكَ اَلْآنَ فَحَمَلَهُ عَلَى أَنْ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَ جَاءَ مُسْرِعاً وَ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَعْدُ مِنْ كَثْرَةِ اَلزِّحَامِ عَلَيْهِ لَمْ يَخْلُصْ إِلَى اَلْمُ. صَلَّى فَتَقَدَّمَ اَلْمَأْمُونُ وَ صَلَّى بِالنَّاسِ).

جاء في منتدى جامع الأئمة في خطب الجمعة للسيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: بمناسبة مرور عيد الفطر نتكلم عن فكرة العيد في الإسلام: أن العيد الحقيقي هو يوم حصول الحادثة المفرحة نفسه. وهذا هو مراد الآية الكريمة حين تقول: “تَكُونُ لَنَا عِيدًا” (المائدة 114) يعني بمناسبة نزول المائدة من السماء التي هي سبب الفرح والابتهاج ولم يقل انها تكون لنا عيدا نحتفل به كل عام. الا اننا يمكن ان نلاحظ ان المناسبات السنوية الاسلامية او الدينية على كلا الشكلين من هذه الناحية فمنها ما يكون ذكريات سنوية لحوادث سابقة في صدر الاسلام وربما اكثرها كذلك وهو الاعم الاغلب منها بما فيها مناسبات ولادات ووفيات المعصومين سلام الله عليهم وعيد الغدير. الأيام التي تكتسب أهميتها باعتبار أن حادثة مهمة قد وقعت فيها كولادة النبي صلى الله عليه وآله وولادة امير المؤمنين عليه السلام ووقعة بدر ويوم المعراج ويوم الغدير ونحو ذلك فهذه ايام المناسبات التي تعطي للمسلمين بتجدد الذكرى كل عام ما يمكن أن تعطيه من إلهام مقدس لكل فرد مسلم بمقدار حاله ومستواه.

تكملة للحلقة السابقة جاء في شبكة المعارف الاسلامية الثقافية عن العيد دلالاته ومعانيه: أعياد المسلمين: انسجامًا مع رؤيته للكون والإنسان والحياة، أقرَّ الإسلام أعيادًا اعتبرها تُحقّق الهدف من بعثة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وهو تحصيل السعادة والخلاص في الآخرة والفوز العظيم في جنّة الخلد، إضافة إلى تحقيق الرّفاه والعيش الرغيد في هذه الدنيا، لا للفرد نفسه وحسب، ولكنّ للجماعة المسلمة، بل للإنسانيّة كلها، إذا سارت في طريق الإسلام وهداه. إنّ الأعياد الإسلامية يمكن تصنيفها ضمن طائفتين، تنطلقان من الهدف والغاية التي يجعل العيد المعين لأجلها، إحداهما فرديّة وذاتيّة وإن كانت لا تخلو من بُعد جماعي، والطائفة الأخرى جماعية لها بُعد فردي كذلك. الطائفة الأولى: أما الطائفة الأولى فتتمثّل في عيدي الفطر والأضحى.

في شهر ذي الحجة أحداث لها أهمية في الإسلام وفيها فريضة الحج، والاجتهاد في العشر الاوائل من الشهر ومنها صيام التسع الاوائل منه، ويوم عرفة وأيام العيد والتشريق، ثم عيد الغدير فيوم المباهلة. طالما ان الانسان مكرم “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ” (الاسراء 70) فان قتله يعد انتهاك لهذا التكريم الا ما حدده الشرع. ورد في الروايات أن السلف نهى عن حمل السلاح للافراح أيام العيد إلا أن يخافوا عدوا.

وفي الصين: يحتفلون به كما يحتفلون بالعيد يحيى المسلمون فى الصين بالعاصمة بكين والمقاطعات المسلمة خاصة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم والمناطق القروية،ذكرى المولد النبوى الشريف، حيث يعتبر الصينيون هذا اليوم بمثابة عيد، يشبه احتفالاتهم بعيد الفطر وعيد الأضحى وعيد رأس السنة الهجرية، حيث يتوجه كافة أفراد الأسرة لأداء الصلاة فى المساجد وإحياء السيرة العطرة للرسول عبر الخطب والمحاضرات، ثم تقديم الحلوى والأطعمة الصينية التقليدية لكل منطقة. اما باقى المراسم الاحتفالية وتقديم الحلوى والأطعمة خلال الاحتفال بالمولد النبوى فى الصين، إنه يبدأ عقب الانتهاء من المحاضرات والخطب فى المساجد وأداء الصلاة، فى قاعات المناسبات داخل هذه المساجد وتقدم ولائم الطعام إلى جميع الحضور من المسلمين وأصدقائهم وجيرانهم من غير المسلمين أيضا، حيث تتضمن أطباقا تقليدية منها الدجاج والكبد، والخبز وشوربة القمح، حيث يستمتع الجميع على موائد متقاربة تجمعهم الوحدة والصداقة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here