عقوبة السارق في القرآن الكريم: المتهمون بالفساد العراقيون الهاربون في الخارج (ح 3)

الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله جل جلاله “وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ” ﴿المائدة 38﴾ وروي عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قطع سارقا في مجن ثمنه ثلاثة دراهم. وقال بعضهم: لا تقطع الخمس إلا في خمسة دراهم، واختاره أبو علي الجبائي، وقال: لأنه بمنزلة من منع خمسة دراهم من الزكاة في أنه فاسق. وقال بعضهم: تقطع يد السارق في القليل والكثير، وإليه ذهب الخوارج، واحتجوا بعموم الآية، وبما روي عن النبي أنه قال: ” لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده ” وهذا الخبر قد طعن أصحاب الحديث في سنده، وذكر أيضا في تأويله: إن المراد بالبيضة بيضة الحديد التي تغفر الرأس في الحرب، وبالحبل حبل السفينة. واختلف أيضا في كيفية القطع، فقال أكثر الفقهاء: إنه إنما يقطع من الرسغ، وهو المفصل بين الكف والساعد، ثم إن عند الشافعي تقطع يده اليمنى في المرة الأولى، ورجله اليسرى في المرة الثانية، ويده اليسرى في المرة الثالثة، ورجله اليمنى في المرة الرابعة، ويحبس في المرة الخامسة، وعند أبي حنيفة لا تقطع في الثالثة. وقال أصحابنا: إنه تقطع من أصول الأصابع، وتترك له الإبهام والكف، وفي المرة الثانية تقطع رجله اليسرى من أصل الساق، ويترك عقبه، يعتمد عليها في الصلاة، فإن سرق بعد ذلك خلد في السجن، وهو المشهور عن علي عليه السلام، وأجمعت الطائفة عليه، وقد استدل على ذلك أيضا بقوله “فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ” ولا شك في أنهم إنما يكتبونه بالأصابع. ولا خلاف أن السارق إنما يجب عليه القطع، إذا سرق من حرز، إلا ما روي عن داود، أنه قال: ” يقطع السارق وإن سرق من غير حرز ” والحرز في كل شيء إنما يعتبر فيه حرز مثله في العادة، وحده عندنا كل موضع لم يكن لغير مالكه الدخول إليه، والتصرف فيه إلا بإذنه “جَزَاءً بِمَا كَسَبَا” أي: افعلوا ذلك بهما مجازاة بكسبهما وفعلهما “نَكَالًا مِنَ اللَّهِ” أي: عقوبة على ما فعلاه.

عن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله جل جلاله “وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ” ﴿المائدة 38﴾ المراد بالنكال هنا العقوبة الدنيوية.. ومهما اختلفت الشرائع السماوية والأرضية في تحديد الجريمة، ونوع العقوبة، وشروط تنفيذها فإنها تتفق على أن الهدف منها ردع المجرم عن الإجرام حفظا للأمن وصيانة للمصالح، قال الإمام علي عليه السلام: (السلطان وزعة اللَّه في أرضه). ولا يلتفت إلى قول بعض الفقهاء: ان الهدف من العقوبة مجرد سقوط العذاب عن المجرم في الآخرة.. أجل ان اللَّه أعدل وأرحم من أن يجمع بين عقوبتين على جرم واحد. ولقطع يد السارق شروط: 1 – أن يكون المسروق في حرز، ويخرجه السارق منه، فمن سرق سيارة – مثلا – من كاراج مقفل يحد، ويرجع السيارة إلى أهلها، ومن سرقها من الطريق، أو من كاراج غير مقفل فلا يحد، بل يعزر بما يراه الحاكم، ويرجع المسروق إلى صاحبه. ولا خلاف في ذلك. 2 – اتفقوا على أنه لا قطع إلا في ربع دينار أو أكثر. وقال أبو حنيفة: بل في دينار. 3 – أن يكون السارق بالغا، لحديث: (رفع القلم عن الصبي، حتى يحتلم، وعن المجنون، حتى يفيق، وعن النائم، حتى يستيقظ). وقال المالكية: لا فرق بين الصغير والكبير. 4 – أن يكون السارق عاقلا، لحديث (رفع القلم). 5 – اتفقوا على ان الوالد لا يقطع إذا سرق من مال ولده، لحديث: (أنت ومالك لأبيك) وقالت المذاهب الأربعة، وبعض فقهاء الشيعة: الأم مثل الأب. وقال الحنفية والشافعية والحنابلة: لا يقطع أحد الزوجين بسرقة مال الآخر. وقال المالكية: لا يقطع إذا سرق من بيت يسكنان فيه معا، وإلا قطع. وقال: الشيعة: يقطع إطلاقا إلا إذا سرقت الزوجة لنفقتها ونفقة أولادها. 6 – أن لا تكون السرقة في عام المجاعة، فإذا سرق الجائع مأكولا، حيث لا وسيلة لسد حاجته إلا السرقة فلا حد عليه.

جاء عن صحيفة العرب العراق يسترد مطلوبين في قضايا فساد من ملاذاتهم بالخارج: وكانت الهيئة قد أعلنت في الثالث والعشرين من فبراير الماضي عن اتفاق مبدئي بين رئيس الهيئة القاضي حيدر حنون والشيخ غصن بن هلال العلوي رئيس جهاز الرقابة المالية والإدارية في سلطنة عمان على إبرام مذكرة تفاهم في مجال مكافحة الفساد وتبادل المعلومات والتحريات حول المتهمين المطلوبين قضائياً، وأموال الفساد المهربة إلى الخارج، بغية استردادها. ولم تسترد السلطات العراقية حتى الآن سوى على 317.5 مليار دينار من أصل أكثر من 3.7 تريليون (نحو مليارين ونصف المليار دولار) في ما يعرف بـ”سرقة القرن”، وفق البيانات الرسمية الصادرة عن مجلس القضاء. وعدّ رئيس الوزراء العراقي “سرقة القرن”، بأنها “واحدة من الملفات الصارخة لاستباحة المال العام وللتخادم والتواطؤ بين السراق ومؤسسات رسمية وحزبية كلها متورطة في سرقة 3.7 تريليون”. وفي وقت سابق، عاد الحديث عن “سرقة القرن”، إثر ظهور وثائق رسمية تثبت رفع الحجز عن عقارات تعود إلى المتهم الرئيس في القضية نور زهير وزوجته في العاصمة بغداد ومحافظة البصرة، مع معلومات غير مؤكدة عن مغادرته البلاد. والوثائق التي جرى تداولها بشكل واسع من قبل متفاعلين على منصات التواصل الاجتماعي، صادرة عن وزارة العدل إلى مديريات التسجيل في الكرخ الأولى والرصافة الثانية والبصرة الأولى لرفع إشارة الحجز عن نحو 50 عقارًا تعود إلى زهير، الذي استحوذ مع متهمين آخرين على أكثر من 3.7 تريلون دينار من حسابات الأمانات الضريبة في مصرف الرافدين. وتثير القضية، التي كشف عنها في منتصف أكتوبر، وتورط بها مسؤولون سابقون كبار ورجال أعمال، سخطا شديدا في العراق الغني بالنفط والذي يستشري فيه الفساد. وعلى الرغم من أن الفساد متفش في كل مؤسسات الدولة في العراق، إلا أن المحاكمات التي تحصل في هذه القضايا قليلة، وإن حصلت فهي تستهدف مسؤولين صغارا.

جاء عن موقع اندبندنت عربية عن أول ضربة عراقية لمعقل فساد المسؤولين بالخارج للصحافي جبار زيدان: تحركات عراقية ومفاوضات مع سلطنة عمان أثمرت عن استعادة مسؤولين كبيرين سابقين متورطين في قضايا فساد فما قصتهما؟ خطوة غير مسبوقة استرد بها العراق مديرين مدانين بقضايا فساد من سلطنة عمان بعد القبض عليهما، في فبراير (شباط) الماضي، إذ لطالما ظنوا أن دول الملاذ ستكون منفذاً رئيساً للفاسدين وسارقي المال العام في الهرب من العدالة، لكن بغداد لجأت أخيراً إلى عقد اتفاقات دولية لاسترداد المطلوبين من سرقة المال العام. وأعلنت هيئة النزاهة الاتحادية العراقية، تمكن بغداد من استرداد اثنين من المدانين الهاربين، هما المدير العام للتخطيط العمراني في وزارة الإعمار والإسكان والبلديات والأشغال العامة سابقاً، والمدير العام لدائرة زراعة الأنبار سابقاً، بعد إلقاء القبض عليهما في أراضي سلطنة عمان، بناءً على أوامر القبض الدولية وملفات الاسترداد التي نظمتها الدائرة بالتعاون مع المحاكم المتخصصة، وفقاً لإذاعة البحث الصادرة عن مجلس وزراء الداخلية العرب. وقالت إن فريقاً من دائرة الاسترداد برفقة مفرزة أمنية من مديرية الشرطة العربية والدولية في وزارة الداخلية (الإنتربول)، تسلموا المدانين بقضايا استغلال المنصب الوظيفي والإضرار العمدي بأموال الدولة العراقية والاستيلاء عليها من دون وجه حق في العاصمة مسقط، ووصلا صباح أمس الإثنين إلى مطار بغداد الدولي، وذلك من أجل تسليمهما إلى الجهات القضائية. وكانت الهيئة قد أعلنت في الثالث والعشرين من فبراير الماضي عن اتفاق مبدئي بين رئيس الهيئة القاضي حيدر حنون والشيخ غصن بن هلال العلوي رئيس جهاز الرقابة المالية والإدارية في سلطنة عمان على إبرام مذكرة تفاهم في مجال مكافحة الفساد وتبادل المعلومات والتحريات حول المتهمين المطلوبين قضائياً، وأموال الفساد المهربة إلى الخارج، بغية استردادها.

جاء عن موقع الجزيرة رئيس الوزراء العراقي للجزيرة: التحقيقات القضائية كشفت تورط أسماء كبيرة في قضية “سرقة القرن”: استرداد دفعة: وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أعلن رئيس هيئة النزاهة في العراق القاضي حيدر حنون أن سلطات بلاده استردت دفعة جديدة من أصل 3.7 تريليونات دينار عراقي (2.5 مليار دولار) من الأموال الخاصة بالأمانات الضريبية التي تم الاستيلاء عليها ضمن ما تعرف “بسرقة القرن”، التي تورط فيها مسؤولون سابقون كبار ورجال أعمال. ويصنف العراق ضمن الدول الأكثر فسادا في العالم، إذ احتل المرتبة 157 عالميا بين 180 دولة ضمن تقرير مؤشرات مدركات الفساد الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية العام الماضي.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here