مخاطر زواج القاصرات الذي هو ضد الشريعة الإسلامية وضد القيم الإنسانية النبيلة

بقلم: أ. د. سامي الموسوي

القرآن الكريم هو كتاب الله المنزل والذي يعتبر الدستور الإلهي الذي يوجه حياة المسلمين في مختلف جوانبها. من خلال التدبر في آيات القرآن الكريم، يمكننا أن نرى أنه وضع أسسًا لدولة مدنية لا تعتمد على السلطة الكهنوتية أو الدينية المطلقة، بل على مبادئ العدل، والمساواة، والتعاون بين أفراد المجتمع.

بالإضافة إلى ذلك، يشدد القرآن على أهمية العلم والمعرفة، حيث يبدأ بأول كلمة نزلت على النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهي “اقْرَأْ” (العلق: 1). هذا التشجيع على القراءة والعلم يعكس رؤية الإسلام لمجتمع متعلم ومثقف قادر على اتخاذ القرارات الصائبة الرشيدة بناءً على المعرفة والعقل. بناءً على هذه المبادئ، يمكن القول إن القرآن يدعو إلى إقامة دولة مدنية تضمن حقوق الأفراد وتحقق العدالة الاجتماعية بعيدًا عن التسلط الديني أو الكهنوتي.

القرآن الكريم، وهو الكتاب المقدس في الإسلام ومصدر التشريعات، جاء برسالة تجديدية تهدف إلى تحرير الناس من العديد من القيود الدينية والاجتماعية والعبودية والرق التي كانت مفروضة عليهم في فترة ما قبل الإسلام. من بين هذه القيود، يمكن القول إن القرآن سعى إلى إلغاء التسلط الديني الذي كان يمارسه بعض القادة الدينيين في ذلك الوقت. كانت هذه الفترة مليئة بالممارسات التي تفرضها الطبقات الدينية على العامة، مما كان يحد من حرياتهم ويجعلهم تابعين بشكل كامل لتلك السلطات.

واحدة من المبادئ الأساسية التي روج لها القرآن هي التوحيد، أو الإيمان بإله واحد. هذه الفكرة جاءت لتحد من السلطة المطلقة التي كانت تمارسها الكهنة والطبقات الدينية على الناس. بدلاً من الاعتماد على وسطاء بين الإنسان والله، جاء الإسلام ليؤكد على العلاقة المباشرة بين المؤمن وخالقه، مما يعني تحرير الأفراد من أي تسلط ديني وسيط.

القرآن الكريم، باعتباره النص المقدس في الإسلام، يحتوي على العديد من الآيات التي تشير إلى مبدأ التوحيد ونبذ التسلط الديني. إحدى الآيات التي يمكن الاستشهاد بها في هذا السياق هي قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} (البقرة: 256)، وسوف نركز في نهاية المقال على مصطلح (الرشد) في تحديد زواج القاصرات والقاصرين. حيث ان هذه الآية تبرز مبدأ الحرية الدينية وتؤكد على أن الإيمان يجب أن يكون ناتجاً عن اقتناع داخلي وليس نتيجة إكراه خارجي بأي وسيلة كانت بما في ذلك التخويف والقهر النفسي.

آية أخرى تعزز هذه الفكرة هي قوله تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} (الكهف: 29). هذه الآية تعطي الإنسان حرية اختيار الإيمان أو الكفر، مما يعزز فكرة الابتعاد عن التسلط الديني وفرض العقيدة بالإكراه أيا كان.

كما نجد في الآية {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ، لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ} (الغاشية: 21-22). انها تشير بوضوح إلى دور الرسول ﷺ كمذكر وليس كمسيطر، مما يؤكد على ضرورة الابتعاد عن التسلط الديني وترك الحرية للناس في اتخاذ قراراتهم الدينية بحرية ومسؤولية شخصية.

يُعتبر التعايش السلمي بين مختلف الفئات المذهبية والدينية أساساً لبناء مجتمع متماسك ومتقدم. في هذا السياق، من المهم أن يُدرك الجميع أن فرض رأي مذهبي أو ديني معين في قوانين الأحوال الشخصية يهدد هذا التعايش ويؤدي إلى التفرقة والتمييز. الأحوال الشخصية تشمل مسائل مهمة مثل الزواج والطلاق والميراث، وبالتالي يجب أن تكون هذه القوانين شاملة ومتوازنة لتعكس تنوع المجتمع كما أراد الله في محكم كتابه الكريم وليس كما يريد أصحاب السلطة الدينية دون أساس يستندون عليه من القران الكريم بل يخالفون القران – كما سنوضح ذلك ادناه.

تنظيم قوانين الأحوال الشخصية في مجتمع متعدد المذاهب يتطلب نهجاً شاملاً يعتمد على مبادئ العدالة والمساواة. يجب أن تُصاغ هذه القوانين بطريقة تضمن احترام حقوق الجميع دون استثناء، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو المذهبية. هنا يأتي دور القانون المدني الذي يمكن أن يكون حلاً عملياً، حيث يقدم قاعدة قانونية عامة تُعنى بحقوق الأفراد بغض النظر عن خلفياتهم الدينية ولكم في رسول الله اسوة حسنة فهو صاحب الدولة المدنية.

إن فرض رأي مذهبي أو ديني في قانون الأحوال الشخصية قد يؤدي إلى شعور بعض الفئات بالظلم والإقصاء، مما يهدد الوحدة الوطنية ويزيد من حدة التوترات الاجتماعية. لذلك، ينبغي أن يكون الحوار والتفاهم هما الركيزتان الأساسيتان في صياغة هذه القوانين، بحيث تعكس التعددية وتحترم حقوق الجميع. هذا النهج ليس فقط ضماناً للعدالة، بل هو أيضاً ركيزة أساسية لتحقيق السلام الاجتماعي والتنمية المستدامة وفوق هذا وذاك يجب ان يضمن حقوق الافراد خاصة الأطفال والنساء.

ان شريعة محمد ﷺ تمزج بين القيم الإنسانية العامة والمبادئ الأخلاقية النبيلة وقد أسست هذه الشريعة دولة مدنية تقوم على العدل والمساواة بين الأفراد، بغض النظر عن دينهم أو عرقهم، مما يعكس القيم الإنسانية العالمية. ومن الجدير بالذكر أن الشريعة الإسلامية اهتمت بحقوق الإنسان بشكل كبير، فقد نصت على حماية حقوق المرأة والطفل والأقليات، وأكدت على أهمية العدل والمساواة في التعامل مع الجميع. كما وضعت الشريعة قوانين صارمة تهدف إلى مكافحة الفساد والظلم، وتشجيع التعاون والتضامن بين أفراد المجتمع. هذه القيم الأخلاقية والإنسانية كانت ولا تزال أساسًا لبناء مجتمع مدني تعددي متماسك ومستقر.

يُعد زواج القاصرات قضية حساسة ومعقدة تتعلق بحقوق الإنسان، حيث أن الزواج المبكر ينتهك العديد من الحقوق الأساسية للفتيات. أولاً، يحرم هذا الزواج الفتيات من حقهن في التعليم، حيث يجبرن على ترك المدرسة والانخراط في حياة زوجية ومسؤوليات أسرية في وقت مبكر جدًا من حياتهن. هذا الحرمان من التعليم يحد من فرصهن في الحصول على وظائف محترمة ويؤثر سلبًا على قدرتهن على الاستقلال الاقتصادي.

ثانيًا، يعرّض زواج القاصرات الفتيات لمخاطر صحية جسيمة. الحمل في سن مبكرة يمكن أن يكون خطيرًا جدًا على صحة الفتاة، حيث أن أجسامهن قد لا تكون مستعدة بعد لتحمل الحمل والولادة. هذا قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة لكل من الأم والطفل. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يتعرضن للعنف الأسري والجسدي والنفسي، مما يزيد من معاناتهن ويؤثر سلبًا على صحتهن النفسية.

كما و يحد زواج القاصرات من حرية الفتاة في اتخاذ قرارات حياتية مهمة ويجعلها تعتمد بشكل كبير على زوجها أو عائلتها. هذا الانتهاك لحقوق الإنسان يتطلب تدخلًا من الجهات المعنية والمجتمع لوضع حد لهذه الممارسات وتعزيز الوعي والتعليم حول مخاطر زواج القاصرات وتشجيع السياسات التي تحمي حقوق الفتيات يمكن أن يساهم في تحقيق تغيير إيجابي ويضمن مستقبلاً أفضل لهن.

يعد زواج القاصرات من الظواهر الاجتماعية المثيرة للجدل والتي تحمل مخاطر جدية على الزوجة والزوج على حد سواء. أولاً، من الناحية الصحية، تعاني الزوجة القاصرة من مخاطر كبيرة على صحتها الجسدية والنفسية. الجسد غير الناضج للفتاة القاصرة قد لا يكون مستعدًا لتحمل الحمل والولادة، مما يزيد من احتمالية حدوث مضاعفات صحية خطيرة مثل فقر الدم والنزيف والولادة المبكرة والوفاة للام والطفل. نفسيًا، يمكن أن يؤدي الزواج المبكر إلى اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب والقلق، نتيجة للضغوط الكبيرة المفروضة عليها والمسؤوليات التي تتجاوز قدراتها.

ومن الناحية التعليمية والاجتماعية، يؤدي زواج القاصرات إلى انقطاع الفتاة عن التعليم والحد من فرصها في تحقيق طموحاتها المهنية والاجتماعية. هذا الانقطاع عن الدراسة يمكن أن يؤدي إلى زيادة نسبة الأمية والفقر، مما يفاقم من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية للأسرة والمجتمع ككل. بالإضافة إلى ذلك، قد تشعر الفتاة بالعزلة الاجتماعية نتيجة لفقدانها علاقاتها مع أقرانها وانخراطها في دور الزوجة والأم في سن مبكرة.

أما بالنسبة للزوج، فعلى الرغم من أنه قد يبدو في موقع القوة، إلا أنه يواجه تحديات جدية. الزواج من قاصرة يمكن أن يضع الزوج تحت ضغوط اجتماعية وقانونية. علاوة على ذلك، قد يواجه الزوج صعوبات في التعامل مع شريكة حياة غير ناضجة وغير مستعدة لتحمل مسؤوليات الزواج والحياة الأسرية. هذه التحديات يمكن أن تؤدي إلى توتر العلاقات الزوجية وزيادة نسبة الطلاق، مما يؤثر سلبًا على استقرار الأسرة ومستقبل الأطفال إذا وُجدوا.

أما من الناحية الاجتماعية، فإن زواج القاصرات يسهم في استمرار دورة الفقر والجهل، حيث أن الفتاة التي تتزوج في سن مبكرة غالباً ما تحرم من فرصة استكمال تعليمها، مما يقلل من فرصها في الحصول على عمل لائق ومستقل في المستقبل. هذا يؤدي إلى تفاقم الفقر والاعتماد على الآخرين، ويعزز الفجوة الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي زواج القاصرات إلى تكريس الأدوار التقليدية للجنسين وتقييد حرية المرأة في التمتع بحقوقها الإنسانية الأساسية.

من أبرز المخاطر الصحية التي تواجهها الفتيات القاصرات هو الحمل المبكر، حيث أن أجسادهن لم تكتمل نموها بعد، مما يزيد من احتمالية حدوث مضاعفات صحية خطيرة أثناء الحمل والولادة. قد تتعرض الفتيات لمشاكل مثل تسمم الحمل، وتمزقات في الجهاز التناسلي، ونزيف حاد، مما قد يهدد حياتهن وحياة الجنين.

زواج القاصرات له آثار اجتماعية سلبية كبيرة. يؤثر هذا الزواج على التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات، حيث تُحرم الفتيات من فرص التعليم والعمل، مما يؤدي إلى دورة من الفقر والإقصاء الاجتماعي.

في القرآن الكريم، لا توجد آيات صريحة تذكر سنًا محددًا للزواج. ومع ذلك، هناك آيات تشير إلى أن الزواج يجب أن يكون مبنيًا على الرضا والتفاهم بين الطرفين. على سبيل المثال، في سورة النساء، الآية 19، يقول الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا…” مما يشير إلى أن الزواج يجب أن يكون مبنيًا على موافقة الطرفين. وهذا يتطلب رشدا ونضوجًا عقليًا وعاطفيًا، وهو ما قد لا يتوفر لدى القاصرات. بالإضافة إلى ذلك، فان القيم الإسلامية العليا تدعو إلى مراعاة حقوق الفتيات وحمايتهن من الزواج المبكر الذي قد يضر بمصالحهن الصحية والنفسية والتعليمية.

يعتبر الرشد شرطًا هامًا في الزواج وفقًا للشريعة الإسلامية كما هو موضح في القرآن الكريم. الرشد يتضمن النضوج العقلي والعاطفي الذي يمكن الفرد من اتخاذ قرارات حكيمة ومسؤولة في الحياة الزوجية. ينص القرآن في سورة النساء (آية 6) (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ. وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُو. وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِف. وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ. فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ. وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا) على أهمية اختبار الأطفال اليتامى حتى يظهروا رشدهم قبل تسليمهم أموالهم، وهذا مبدأ عامًا يمكن تطبيقه على الزواج أيضًا.

الرشد في الزواج لا يتعلق فقط بالعمر الزمني، بل يشمل أيضًا القدرة على التفاهم والتواصل وتحمل المسؤولية المشتركة. الفرد الرشيد هو من يستطيع التفكير بموضوعية واتخاذ قرارات ناضجة تصب في مصلحة الأسرة والمجتمع. لذلك، فإن الرشد يُعتبر معيارًا أساسيًا لضمان استقرار العلاقة الزوجية وتحقيق السعادة والرضا بين الزوجين.

إضافة إلى ذلك، يهدف شرط الرشد إلى حماية حقوق الزوجين وضمان عدم تعرض أي منهما للظلم أو الاستغلال الذي يفرزه الزواج القاصر. الزواج هو عقد مقدس يتطلب التزامًا جادًا ومسؤولية كبيرة، ومن هنا تأتي أهمية الرشد كشرط لضمان أن كلا الزوجين قادرين على تحمل هذه المسؤولية.

الرشد هو مفهوم عميق يشير إلى القدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة والمناسبة في مختلف جوانب الحياة. يعتبر الرشد نتاجًا لتراكم الخبرات والمعارف، وهو يتطلب التوازن بين العقل والعاطفة. فإذا كان الغي يمثل الضلال والانحراف عن الطريق الصحيح، فإن الرشد هو البوصلة التي توجه الإنسان نحو الصواب والحكمة.

الرشد يتجلى في العديد من الصور؛ منها القدرة على التحليل الدقيق للمواقف، والتمييز بين الخير والشر، وأخذ العبرة من التجارب السابقة. ولعل الرشد يكون أكثر وضوحًا في القرارات الحياتية الهامة مثل اختيار شريك الحياة، أو اتخاذ قرار مهني مصيري، أو حتى في التصرف في المواقف اليومية التي تتطلب حكمة وحنكة. الفرد الرشيد هو الذي يسعى دائمًا لتحقيق التوازن بين مصالحه الشخصية والمصلحة العامة ومصلحة الطرف الاخر وهو ما لا تتمكن منه الفتاة القاصرة ولا الفتى القاصر، والراشد هو الذي يقدر أهمية الوقت والجهد في الوصول إلى الأهداف المنشودة.

في النهاية، الرشد ليس مجرد حالة ذهنية، بل هو سلوك متكامل يعكس نضج الفرد وتوازنه. يمكن تحقيق الرشد من خلال التعلم المستمر والانفتاح على الآراء المختلفة، والاستفادة من تجارب الآخرين. في مجتمعنا، يعتبر الرشد صفة محمودة يتمنى الجميع الوصول إليها، لأنها تعني حياة أكثر استقرارًا وسعادة.

وقد جاء مفهوم الرشد في العديد من الآيات القرآنية كما في سورة الكهف، الآية 66: “قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا” و في هذه الآية، يطلب النبي موسى عليه السلام من الخضر أن يعلمه مما علمه الله من الحكمة والصواب، وهو ما يُعتبر رشدًا.

وفي سورة الجن، الآية 14: “وَأَنَّا مِنَّا ٱلْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا ٱلْقَٰسِطُونَ. فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَٰٓئِكَ تَحَرَّوْ. رَشَدًا” في هذه الآية، يُذكر أن من أسلم من الجن قد اهتدى إلى الرشد، وهو الطريق المستقيم والصواب.

وفي سورة البقرة، الآية 256: “لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ. قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيِّ. فَمَنْ يَكْفُرْ بالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن باللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بالْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَا. وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” هذه الآية توضح أن الهداية والصواب (الرشد) قد أصبح واضحًا للجميع، ومن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد اختار الطريق الصحيح.

هذه الآيات تُبرز معاني الرشد وكيفية التمييز بين الصواب والضلال، وتشير إلى أهمية السعي لتحقيق الرشد في الحياة.

وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ ﴿٥١ الأنبياء﴾

وفي أَسماء الله تعالى الرشيدُ: هو الذي أَرْشَد الخلق إِلى مصالحهم أَي هداهم ودلهم عليها فالراشِد والرَشيد، وهو نقيض الضلال، إِذا أَصاب وجه الأَمر والطريق أي يستطيع ان يميز بوضوح ما يخص احواله ومستقبله ذكرا كان ام انثى. وهذا لا يتم للإنسان الا بعد تراكم بعض الخبرات لديه من الحياة.

ان اغلب الدول تعتبر سن الرشد او (بداية النضج في التفكير) هو من عمر ١٨ سنة اما علميا فان مراحل عمر الانسان هي: مرحلة الرضاعة وهي من الولادة الى سنتين ثم الطفولة ما قبل المدرسة الى حد ٥ سنوات ثم الطفولة المدرسية الى حد عمر ١٢ سنة ثم المراهقة من ١٢ الى ١٨ سنة تليها مرحلة ما بعد المراهقة ثم تبدأ مرحلة سن الرشد وبداية نضوج الادراك والعقل وتبدأ في سن ٢١ سنة تليها في عمر ٣٠ سنة بداية التفكير العقلاني الأكثر توازنا. والقران الكريم أشار الى سن الرشد كمعيار دال. اما فقهاء الدين فقد اعتمدوا على احاديث غير صحيحة وممارسات شخصية تخالف ذلك المعيار القرآني.

اما رسول الله فهو لم يتزوج امرأة عمرها اقل من ١٨ سنة وكانت أصغرهن عائشة (رض) وكان عمرها حين الزواج ١٩ الى ٢٠ سنة.

وبعملية حسابية بسيطة كانت (أسماء اخت عائشة) تكبرها بعشر سنوات وقد هاجرت وهي بعمر ٢٧ الى ٢٨ سنة اذن يكون عمر عائشة حينها ١٧ الى ١٨ سنة ثم تزوجت النبي بعد سنتين من هجرتها أي يكون عمر عائشة عند زواجها ١٩ الى ٢٠ سنة. هذا من ناحية ولو حسبناها من ناحية وفاة أسماء اخت عائشة فهي ماتت عن عمر ١٠٠ سنة وذلك في عام ٧٢ هجرية. اذن ١٠٠ يطرح منها ٧٢ يكون ٢٨ سنة عمر أسماء عند الهجرة فيكون عمر عائشة اذن ١٨ سنة عند الهجرة. وبما انها تزوجت النبي بعد سنتين من الهجرة فان عمرها عند الزواج كان على الأقل ٢٠ سنة.

اما الذي قال بان عائشة كان عمرها ٩ سنوات هو شخص واحد فقط اسمه (هشام بن عروة) أي رواية ذكرها هو ولم تذكر من غيره على ان عمر عائشة كان ٧ سنوات عندما خطبها و٩ سنوات عندما تزوجها رسول الله ﷺ وهذا غير صحيح اطلاقا كما تقدم بالدليل.

ذكر بعض المؤرخين ان هشام بن عروة رحل من المدينة الى العراق ومات في عهد ابي جعفر المنصور وفي اخر أيام حياته أصيب بالنسيان فصار ينسى كثيرا ولعل ذكره للرواية التي لم يذكر مثلها في المدينة حول عمر عائشة كان عندما اصبح ينسى. وفيما بعد دحض العديد من الباحثين هذه الرواية (راجع كتابنا – سدرة المنتهى وكتابنا Jujube Tree at the End of universe ) على هذا الرابط

https://www.amazon.in/s?i=digital-text&rh=p_27%3Aد.+سامي+نوح+حسن&s=relevancerank&text=د.+سامي+نوح+حسن&ref=dp_byline_sr_ebooks_1

والرابط:

https://www.amazon.in/s?i=digital-text&rh=p_27%3ADr.+Sami+Nooh++Hassan&s=relevancerank&text=Dr.+Sami+Nooh++Hassan&ref=dp_byline_sr_ebooks_1

الخلاصة ان القران الكريم حدد سن الرشد وهو ما بعد ٢٠ سنة كمعيار للزواج ومسؤوليته واعبائه وان هذا هو العمر الذي تزوج فيه الرسول ﷺ عائشة (رض) اصغر أمهات المؤمنين من ازواجه.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here