حينما يكون الموتى أعزاء و محبوبين بعد موتهم * !
بقلم مهدي قاسم
قال بنبرة مترعة بمشاعر الأسى و الأسف ، و لكن ممزوجة بسخرية مضمرة في نفس الوقت :
ــ آه !.. لو يعلم الموتى كم نحن نهتم بهم بعد رحيلهم مباشرة ،ونذرف عليهم نوافير من دموع ساخنة حتى احمرار العينين و التهاب الحدقتين !..
و الذين طالما أهملناهم ، نسيا منسيا ، مرميين ، مقذوفين بحدة على قارعة الهموم والمعاناة ، تحيطهم جدران صمتهم …..
دون أن نستذكر وجودهم ، وهم أحياء يرُزقون في رحاب الحياة العاصفة بتقلبات ومطبات منهكة و قاسية !..
رد الثاني متفقا بل و مضيفا ، كأنما تكملة للفكرة المطروحة :
ــ فعلا و عين الصواب ما تقوله !.. إذ ثمة صديق لي ، كان عنده فصيلا كاملا من أقرباء و أصدقاء ومعارف ، في الوقت الذي يعاني من شدة العزلة والوحدة الموحشة والحرمان العاطفي ، دون أن يخطر ذات يوم على بال أحدهم استفسارا عنه ، مع أن الأمر لم يكن آنذاك يكلفهم أكثر ضربة أصبع مجانية وسريعة على المسنجر ، لبعث رسالة له كتعبير عن الاهتمام به قليلا ، ولكن ما أن توفي حتى اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي لأيام طويلة بكلمات رثاء و عزاء ، مع عرض مشاهد فيديو بكاء ونحيب ، كأنما ، حزنا شديدا عليه ! .
استحسن الأول جوهر الفكرة قائلا ، ربما كنوع من تبرير ساخر أيضا :
ــ ربما هذا يرجع إلى أن بعضا من هؤلاء القوم عندهم شعور بالواجب الاجتماعي أقوى بكثير من مشاعر المحبة الصادقة والعطف الإنساني النبيل ، لكونهم مفتونين بالمظاهر أمام الآخرين ..
وبعد لحظات صمت قصيرة أردف :
!..ـــ و لكن شتان بين الاثنين ..
* مقطع حواري من قصة لي بعنوان ” عند تقاطع المتاهة “
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط