لص صريح : قصة قصيرة

لص صريح : قصة قصيرة

بقلم مهدي قاسم

في مكان ما ، ثمة رجل يجلس في حديقة بيته باسترخاء مريح ، متصفحا في لابتوب في حالة من استغراق تام ، دون أن ينتبه إلى شخص غريب ، كان يتسلل إلى الحديقة ، و يرفع كرسيا ، ولكنه فعل ذلك ، في هذه المرة بجلبة مسموعة ، كأنما ليثُير عن قصد انتباه الرجل الجالس في الحديقة، ثم تحرك حاملا الكرسي بكل هدوء ، و بخطوات غير مستعجلة ، خارجا نحو الشارع العام ، حينما لاحظ ذلك رجل الحديقة فما كان منه إلا أن قفز من مكانه كملسوع ، صائحا بغضب واستنكار :
ـــ هيه !.. ماذا تفعل أيها اللص الوقح ؟ .. ألم تر هذا الكرسي ملك لي و فوق ذلك تريد سرقته من تحت أنفي !..
فرد سارق الكرسي بنفس الهدوء وبرودة الأعصاب متسائلا :
ــ افهم من كلامك إنك تدرك أهمية حق الملكية الخاصة أليس كذلك ؟ .
ــ طبعا !.. و كيف لا !.. حتى الحمار يفهم ذلك إذا الأمر يتعلق بمربطه الدائم !..
ــ إنه لشيء جميل حقا أن تعترف بأهمية حق الملكية الخاصة ..
بعد لحظات صمت قصيرة أردف سائلا ضمن نفس السياق :
ـــ ولكن هل لي أن أسألك : كم من أيام تستغرق عملية صنع كرسي كهذا ؟ ..
فرد مالك الكرسي بدهشة من غرابة السؤال :
ــ لا أعلم بالضبط .. ولكن أفترض .. ربما .. يستغرق يوما أو يومين يعني حسب مستلزمات ظروف العمل ..
ــ ممتاز!.. وهل تعلم أن عملية كتابة قصة أو رواية ــ مثلا ــ كم من أيام أو أسابيع تستغرق ؟
ــ لا .. لا أعلم : فأنا لستُ كاتبا ولا جربتُ الكتابة لكي أعرف ..
ــ طيب !.. أنا ..بصفتي كاتبا سأقول لك : إن كتابة قصة أو رواية قد تستغرق مدة أسابيع أو حتى سنة كاملة أو أكثر بالنسبة للرواية المتقنة بشكل جيد على وجه التحديد ، وما دمنا عند كتابة القصة والرواية وباقي النصوص الأدبية الأخرى ، فأنا الكاتب فلان الفلاني و حضرتك اعتاد على نشر مقاطع أو فصولا من قصصي ورواياتي و نصوصي الأخرى باسمك ، إذن فخّذ كرسيك ، ولكن كفّ عن سرقة كتاباتي لإنها هي الأخرى تُصنف ضمن حقوق الملكية الخاصة ، حالها في ذلك حال كرسيك هذا ، أو أية قطعة أخرى من أثاث بيتك ..
فعند ذاك ابتسم رجل الحديقة ابتسامة مشوهة شاحبة ، وهو يهمهم بكلمات غير مفهومة على شكل تمتمة غامضة ومبهمة حينا و يمسح على جبينه المتعرق بغزارة حينا آخر ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here