عدالة اللاعدالة العادلة
بقلم مهدي قاسم
كنت ولا زلتُ ، اشعر بنفور من الطيور الجارحة المفترسة التي تتغذى على طيور و حيوانات أضعف منها ، و أقل حيلة للخلاص ، و التي تفرسها ملتهمة إياها بقسوة ، وهي حيّة تتقلب صارخة من نهش و تمزقات اللحم بفعل ضربات المنقار المعقوف والحاد وبين التناول المتأني ..
فالطبيعة تبدو كأنها صماء وطرشاء وبلا عيون ، وربما بقلب من صخرة صلدة ..
فهي لا تتدخل قطعا لتنقذ حمامة أو طير آخر ، من بين مخالب صقر أو نسر جبار الذي يتلذذ بمذاق لحم الفريسة الهشة ،..
أو كأن توقف هزة أرضية قد تؤدي إلى مقتل آلاف من بشر بين صغير و كبير يقضون اختناقا وموتا بطيئا تحت الأنقاض ..
وهي نفس الحالة تحدث مع الإنسان حينما يتعرض لمحنة عصية ، أو لمرض عضال ينخر جسده كأسنان منشار ، لينتهي محتضرا ببطء مع ألم لا يُطاق حتى يتمنى المريض الموت بأسرع وقت ممكن ..
دون أي امل في الخلاص أو الشفاء رغم مئات من دعوات رجاء واستغاثة :
فلا من سميع و لا مجيب ..
إلا في حالات استثنائية نادرة
للوهلة الأولى يستغرب المرء من هذه اللامبالاة العجيبة الخالية من أية شفقة إلهية ..لكننا بعد تفكير وتامل سرعان ما نكتشف ، انه ربما الأمر هنا يتعلق بعدالة اللاعدالة لتنظيم و ضبط قوانين الطبيعة على هذا النحو القاسي لضمان الاستمرارية حتى الأبدية !..
خطرت على بالي هذه السطور بينما كنتُ أسمع آخر رسالة لصديقتي وجارتي في البناية المقابلة المترجمة المجرية لروايات إسبانية ) ” ماريا دونباخ و التي كانت أحيانا تستعين بي ، لترجمة بعض الكلمات أو المفردات العربية الواردة ،ــ بشكل عابر ــ في تلك الروايات الإسبانية التي كان تقوم بترجمتها إلى المجرية) و التي قضت نتيجة مرض سرطان شرس و مزمن فتّاك ، ولكن على طريقة و استعدادات عسكري مسلكي منضبط يقاتل خصمه بأخلاقية الفرسان النبلاء الغابرين ..
إذن عبثا تستغيث حمامة وهي بين مخالب طائر العقاب الجارح ..
ولا كذلك الإنسان ،هذا المخلوق الهش المنذور للموت في كل الأحوال ، ولكن يبدو هذا لا يكفي أحيانا ، إنما يتحتم على بعضهم أن يعاني ويتعذب أيضا قبل الرحيل النهائي ..
أجل …….. ربما ….. إنها ….
عدالة اللاعدالة العادلة .
حسب منطق وقوانين الخالق الأعظم ! ..
أو حسب ترتيبات ديكتاتوراتنا الإمبراطورية العظيمة :
الطبيعة الخلاقة الساحرة والخارقة بكل المقاييس !.