أفهام: عقول
وهم: التمسك المطلق برأي أو تصور والتصلد فيه , ولا يمكنك أن تتحرر منه أو تسمح لمَن يعارضه أن يتفحصه , وهو نوع من القوقعة الفلاذية التي يتمترس فيها البشر.
البشر مخلوق يميل للتوهم والسقوط في حبائل الأوهام بأنواعها , بل أن المسيرة البشرية في معظم أحداثها وتداعياتها وإنجازاتها محكومة بإرادة الوهم.
والأوهام تتنوع وتتعدد , والسائد منها الأوهام العقائدية والتحزبية والفكرية والفئوية والطائفية , والتي تمكنت من الأجيال وسحقتها ببعضها.
ذلك أن الأوهام المتمكنة من البشر تستعبده وتسخره للقضاء على نفسه وما حوله , وكأنها طاقة إنتحارية صارخة لا يمكن ردعها أو كبح جماحها.
فكم من الأوهام هيمنت على الأجيال وتملكتها ودفعت بها إلى مصارات مروعة , ويأتي في مقدمتها الحروب الشرسة المتوحشة القاسية , لأن المتوهمين بها ينقطعون ويفقدون التواصل مع واقعهم وما حولهم ويعيشون في ظلمات أوهامهم , ولهذا تكون أفعالهم مروعة وفاحشة وغير مسبوقة.
ذلك أن الوهم من أعراض وعلامات الجنون , والمتوهمون مجانين بكل وضوح , مما يدفعهم إلى الإتيان بما لا تستوعبه الأفهام بسبب فقدان قدرات التقدير الصحيح والتقييم المعقول , فيكون السلوك معبّئا بمفردات وتطلعات الأفون.
ومن أخطر الأوهام تلك التي تتصل بعقيدة حزبية أو مذهبية أو دينية , عندها تتحول الأديان إلى جحيم وتستعر فيها التفاعلات الدامية والصراعات الحامية , ويكون القتل الفاحش مسوّغا ومبررا ومن طقوس العقيدة والدين.
والذي يقرأ تأريخ السلوك البشري , يتضح أمامه المزيد من الجرائم والمآثم والخطايا المرتكبة بحق الإنسانية , وفي جميع المجتمعات مهما كانت عقائدها وأديانها وأحزابها.
ولنا في القرن العشرين الشواهد المروعة العديدة على ما قامت به الأحزاب والعقائد , وما حصل في بدايات القرن الحادي والعشرين من حماقات وجرائم بإسم الدين والمذهب والمعتقد.
وجميعها ناجمة عن أوهام مرضية إستفحلت وتمكنت من بشرها المُستعبَد بها!!
د-صادق السامرائي
2\8\2018
Read our Privacy Policy by clicking here