الجفاف والتغير المناخي «يفتكان» بنحل ديالى و يتسببان بتدني إنتاج العسل


2024-08-20
لم تقتصر أزمة الجفاف التي يعاني منها العراق منذ نحو ثلاثة عقود من الزمن واشتدت حدتها في السنوات الأربع الأخيرة، على ضرب الزراعة فقط وانحسار المساحات الخضراء، بل أنها طالت أيضاً قطاع إنتاج العسل، حيث يكافح العسل العراقي للحفاظ على مكانته رغم المعوقات الكثيرة التي تواجه معظم النحالين، جراء قسوة الجفاف الذي يهدد استدامة خلايا النحل، فضلا عن إغراق السوق بالعسل المستورد.

حيث شهدت محافظة ديالى، تراجعا في إنتاج العسل لأسباب في مقدمتها تراجع الغطاء النباتي والتغير المناخي وهو ما أدى الى انحسار المراعي الطبيعية للنحل.

يشار إلى أن 30 بالمئة من النحالين في ديالى، قد تركوا المهنة واتجهوا إلى مجالات أخرى لتأمين قوتهم، بسبب الجفاف وكذلك لإغراق السوق بالعسل المستورد وخصوصاً من إيران التي لديها منفذ حدودي مع المحافظة، بحسب تصريحات حكومية.

إذ قال علوان عبد الرزاق المياحي رئيس الجمعية النموذجية للنحالين العراقيين في تصريح تابعته “العالم الجديد”، إن “كمية هذا العام لم تبلغ نصف ما حققته محافظة ديالى مما كانت تحققه في كل عام قبل 3 سنوات”.

وأضاف أن “كمية انتاج العسل في ديالى منذ بداية العام والى الان تقدر بـ50 طنا فقط وهذا يعني حتى مع انتهاء العام لانتوقع ان يبلغ او يتجاوز 100 طن، بعكس السنوات الماضية التي حققت من 150 الى 200 طن سنويا”.

وأوضح أن “أهم الأسباب التي أدت إلى تراجع الإنتاج، هي التأثير المناخي الذي جلب الأمطار في وقت متأخر وهذا أثر بشكل كبير على الازهار و أشجار الكالبتوس، فضلا عن تراجع الغطاء النباتي والمساحات الخضراء خلال السنوات الماضية”.

وأشار الى أن “المعوقات التي تواجه مربي النحل هي عدم توفير غطاء نباتي يوفر للنحل بيئة جاذبة ومنتجة للنحل، ناهيك عن عدم وجود زراعة كافية لزهرة عباد الشمس وهناك بعض الأمراض التي تصيب الأشجار وحالات الجفاف التي تعاني منها البلاد”.

ويلجأ النحالون في ديالى وعدة محافظات أخرى الى الارتحال خلال فصل الصيف نحو المناطق الشمالية، وهو إجراء سنوي معتمد بسبب موجات الحر اللاهبة التي تؤثر على ديمومة وتكاثر النحل، بهدف زيادة تكاثر النحل والبحث عن مناطق الأزهار، وكذلك حماية النحل من الحشرات والطيور التي تعتاش على النحل.

يشار إلى أن مهنة النحالين تعد وسيلة لكسب الرزق للآلاف من العراقيين في مختلف المحافظات عبر سنوات طويلة من الزمن، حيث يتوارثها أغلبهم أو يكتسبها علميا في حياته، لكنها باتت اليوم مهددة بخطر كبير يتمثل بالعسل المستورد المكتسح للأسواق، إضافة لخطر أزمة المياه وشح الموارد.

ويعاني العراق من أزمة جفاف قاسية، ألقت بظلالها على كافة أنواع المهن والحيوانات، وسبق وأن كشفت “العالم الجديد”، عن تراجع أعداد الجاموس من ملايين إلى آلاف بسبب الجفاف، فضلا عن تأثر الأسماك والكائنات الحية الأخرى في الأهوار والأنهار بسبب الجفاف، حيث نفقت أعداد كبيرة منها، وهذا يضاف إلى تغيير الطيور المهاجرة لمسارها وعدم هبوطها في العراق.

وبما يخص العسل، فإن العراق يعد من الدول مفتوحة الحدود مع عدم وجود رقابة وضرائب على المواد المستوردة، وغالبا ما يتصدر قوائم المستوردين من دول إيران وتركيا والصين، والعسل هو أحد هذه المواد التي يتم استيرادها بشكل مستمر وبأسعار بخسة، مقارنة بالعسل المحلي، فضلا عن دخول كميات كبيرة عن طريق التهريب، تجنبا لأي إشكال في المنافذ الحدودية.

كما جرى الكشف مؤخرا، عن استيراد أنواع هجينة من النحل نشرها في الحقول ما تسبب بأزمة مضاعفة للنحالين العراقيين، لكون النحل المستورد حمل معه أمراضا تسببت بالقضاء على أعداد هائلة من النحل العراقي.

ولا تقل أسعار العسل الصافي من المنتج المحلي عن 60 ألف دينار للكيلوغرام الواحد، أما المستورد فسعره 40 ألف دينار للكيلو، ومن الممكن التمييز بين العسل الأصلي وغيره من خلال الأسعار، بحسب العاملين في سوق النحالين ببعقوبة.

ومنذ العام 2021 بدأ إنتاج العسل يتراجع بشكل كبير في العديد من المحافظات وبالأخص في مناطق وسط وجنوب العراق بسبب موجة الجفاف التي أدت إلى انخفاض مناسيب المياه في الأنهار والبحيرات والأهوار إلى مستوى خطير وغير مسبوق، لتبلغ ذروتها خلال العام الماضي حيث لم يجد العديد من النحالين مساحات خضراء في محافظات يتغذى عليها النحل.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here