بعد الحزمة الأولى من مشاريع الري..العراق يطلق مشروع التحديث الأول لاستراتيجية المياه


2024-08-28
مع قرب انتهاء موسم الصيف واحتلال العراق أعلى سلم درجات الحرارة المسجلة عالميا، واستمرار دول المنبع بعدم اعطاء العراق حصته العادلة من المياه، باتت أزمة المياه تنذر بكارثة وشيكة تحيط بالبلاد.

فبعد الحزمة الأولى من مشاريع المياه والري، أعلنت وزارة الموارد المائية، اليوم الأربعاء، إطلاق مشروع التحديث الأول لاستراتيجية موارد المياه في البلاد، فيما أكدت تنفيذه عبر ائتلاف دولي متخصص.

ويفقد العراق 100 كيلومتر مربع من الأراضي الزراعية سنوياً نتيجة التصحُّر ويخلُص تقرير، صدر عن وزارة الموارد المائية العراقية، إلى أن موجات الجفاف الشديد المتوقعة حتى سنة 2025 ستؤدي إلى جفاف نهر الفرات بشكل كامل في قطاعه الجنوبي، بينما سيتحوَّل نهر دجلة إلى مجرى مائي بموارد محدودة.

إذ قال وزير الموارد المائية عون ذياب، خلال مؤتمر صحفي ، إن “المشروع سيقوم بتنفيذه ائتلاف دولي متخصص وبمشاركة كافة الوزارات والجهات المعنية بقطاع المياه في العراق”.

وأضاف، أن “هذا المشروع خطوة حاسمة في مسيرتنا الوطنية نحو تحشيد الاستدامة في إدارة هذه الموارد الحيوية وخارطة الطريق نحو المستقبل المستدام، خاصة في ظل التحديات الكبيرة التي نواجهها بشح المياه وتأثيره المحتمل في مختلف جوانب الحياة”.

وأشار، الى أن “الموارد المائية ليست مجرد أساس للحياة بل هي شريان حيوي لاستدامة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في ظل التغيرات المناخية المتسارعة والزيادة السكانية المتنامية على نهري دجلة والفرات”.

وشدد على ضرورة “القيام بتحديث الدراسة الاستراتيجية لمواكبة هذه التغيرات والتكيف مع الحقائق الجديدة على أرض الواقع”.

وأشار إلى ، ان “هذه الدراسة لها أهمية كبيرة حيث تمثل دليلاً علمياً وعملياً لإيجاد الإدارة المتكاملة لموارد المياه والأراضي، وهي آلية مرنة تتيح للحكومة التخطيط الفعال والمتسدام لاستخدام هذه الموارد في مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية”.

ووجه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في 26 آب أغسطس الجاري، بإطلاق الحزمة الأولى من مشاريع المياه والري ضمن الاتفاقية الإطارية بين العراق وتركيا، الموقعة بين الجانبين في شهر نيسان الماضي، التي تضمّ 13 مشروعاً، إضافة إلى المشاريع التي تندرج ضمن الخطة الاستثمارية”.

وأكد السوداني أن “إطلاق هذه المشاريع سيوفر إدارة جديدة لملف المياه”، مبيناً “أهمية التركيز على محطّات المعالجة، ومشاريع الصرف الصحي، ومشاريع الموارد المائية، والمشاريع الاستراتيجية، وكذلك ضرورة دراسة مشاريع الاستصلاح الزراعي والرّي، وسدود حصر المياه من خلال مجموعة من الوزارات المعنية، وتشكيل فرق فنية في كل وزارة لاختيار المشاريع الاستراتيجية المستقبلية”.

وتوزعت المشاريع بواقع 6 مشاريع ضمن وزارة الموارد المائية، و5 مشاريع ضمن مسؤولية وزارة الإعمار والإسكان والبلديات، ومشروعين ضمن وزارة الزراعة، وتنوعت بين مشاريع استصلاح الشبكات الإروائية، أو أنظمة الري المغلقة، أو مشاريع بزل القنوات الرئيسية والفرعية، أو السدود لخزن الماء.

وأعلنت وزارة الزراعة، في 12 آب أغسطس الجاري، فقدان العراق 60% من الأراضي الزراعية المروية بالأنهار، بسبب الجفاف.

وكانت لجنة المياه والاهوار البرلمانية، كشفت في 12 مايو آيار الماضي، عن عدم تطبيق تركيا الاتفاقية بشأن الحصص المائية العادلة، داعية الحكومة إلى استغلال الحكومة مقررات القمة العربية التي عقدت في المنامة لضمان حصوله على حقوقه المائية من تركيا.

وشدد البيان الختامي للقمة العربية التي عقدت في العاصمة البحرينية المنامة، في 16 آيار مايو الماضي، على أن الأمن المائي العربي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، خاصة لكل من جمهورية مصر العربية وجمهورية السودان، والتشديد على رفض أي عمل أو إجراء يمس بحقوقهما في مياه النيل، وكذلك بالنسبة للجمهورية العربية السورية، وجمهورية العراق فيما يخص نهري دجلة والفرات، والتضامن معهم في اتخاذ ما يرونه من إجراءات لحماية أمنهم ومصالحهم المائية، معربين عن القلق البالغ من الاستمرار في الإجراءات الأحادية التي من شأنها إلحاق ضرر بمصالحهم المائية.

ووصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في 22 نيسان أبريل الماضي، إلى العاصمة بغداد في زيارة هي الاولى منذ 13 عاما، فيما وصف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، زيارة اردوغان الى العراق، بأنها “ليست زيارة عابرة”، وستتضمن لأول مرة وضع الحلول بدلا من ترحيل الأزمات، فيما وقع العراق مع تركيا ، 26 اتفاقية ومذكرة تفاهم تتعلق بمجالات مختلفة أبرزها اتفاقية إدارة الموارد المائية.

ورغم الترحيب الرسمي، فقد أثارت الاتفاقية غضب خبراء المياه لعدم إنهائها الخلاف حول “محلية” أم “دولية” نهري دجلة والفرات، وعدم الوضوح في تحديد كميات المياه التي سيتم إطلاقها إلى العراق، حيث تعتبر أنقرة نهري دجلة والفرات نهرين محليين تركيين، وليسا نهرين دوليين.

وحذر تقرير صادر عن منظمة اليونسكو، فى 1 إبريل نيسان الماضي، بأن يكون العراق مقبل على حرب مياه بحلول العام 2050.

وأدى ارتفاع درجات الحرارة في العراق إلى انخفاض كبير في هطول الأمطار السنوي، والذي يبلغ حاليا 30 في المئة، ومن المتوقع أن يصل هذا الانخفاض إلى 65 في المئة بحلول عام 2050.

وأصبحت تربية الجاموس “عبّ” على عاتق المربين فغياب المراعي الخضراء أدى إلى ارتفاع “العلف النباتي” من 300 الف دينار للطن الواحد إلى 800 ألف.

ويرى مختصون أن العراق مقبل على كارثة بيئية اذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن، وهذا سيكون بمثابة كارثة إنسانية لبلاد ما بين النهرين، وبالتالي هجرة الريف إلى المدينة في ظل عدم نجاح الحلول الحالية، فمن الأفضل للسلطات العراقية التوجه إلى إستراتيجية وطنية جديدة، تعمل على ترشيد استخدام المياه، ورسم سياسة ري جديدة للأراضي الزراعية، وتحديد حصص المحافظات، والعمل بجدية على وقف التجاوزات الموجودة في بعضها.

ويشتكي العراق منذ سنوات من السياسات المائية غير العادلة التي تنتهجها تركيا، عبر بناء العديد من السدود على نهر دجلة ما تسبب بتراجع حصصه المائية، وأيضاً إيران، من خلال تحريف مسار أكثر من 30 نهراً داخل أراضيها للحيلولة دون وصولها إلى الأراضي العراقية، بالإضافة إلى ذلك، فاقمت مشكلة الجفاف وقلة الأمطار خلال السنوات الأربع الأخيرة من أوضاع البلاد البيئية والزراعية.

وانخفض الحجم الإجمالي للمياه الواردة من دجلة والفرات بشكل ملحوظ من 93.47 مليار متر مكعب في عام 2019 إلى 49.59 مليار متر مكعب في عام 2020، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى تصرفات دول المنبع.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here