نصوص أدبية بلا مساطر معقوفة , أُطر مقوّلبة
بقلم مهدي قاسم
جودة النصوص الأدبية المميزة بملامحها الإبداعية الأصيلة ، غالبا ما تخلق طابعها أو جنسها الأدبي الخاص بها ، و أحيانا تكون خارج المسميات والتصنيفات والمدارس الأدبية ، كنصوص مفتوحة على ضفافها أو آفاقها الواسعة دون أن تحدها مساطر معقوفة أو أُطر مقوّلبة مسبقة ، نقول هذا لأن المدارس التجريبية الأدبية المتتالية كادت أن تقف عند ” رواية التشيؤ ” بقيادة الروائي الفرنسي ألن روب غرييه حينا ، و عند رواية الواقعية السحرية لكّتاب أمريكا اللاتينية بزعامة الروائي الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز ” ولكنها لم تكتفِ بذلك إنما استمرت تخوض النزعة التجريبية بتوظيف أدوات ومفردات ومناخات تعبيرية ورمزية ، مستعينة بالفن السينمائي أو التشكيلي وحينا بتداعيات و مزج أزمنة وكذلك بتهويمات سيكولوجية ، و أحيانا ب” بتطرف تجديدي ” مقبول ومستحسن ، من قبل فئة معينة من متلقين ، بحيث تستحيل اللغة التعبيرية المكثفة أو السردية الروائية ــ ممزوجة بمسحة شعرية أو نثرية ذات بعد رمزي في أحيان أخرى ــ إلى ..أن تكون هي ــ أي اللغة ــ ذاتها بطل النص بدلا من أشخاص ..
ولكن رغم ذلك ، فلا مهرب من تذكير بأن النص القصصي ــ بغض النظر عن أسلوبه التعبيري ــ الذي يعكس المشاعر أو الهم الإنساني العام في مضامينه ــ يبقى هو أكثر قبولية و أصالة وخلودا على مر الأزمان ، ولعلنا يكفي أن نذكر هنا قصص الكاتب الروسي أنطون تشيخوف ــ مثلا وليس حصرا ــ وانتشارها حتى الآن وكيف أنها لا زالت تحظى بإعجاب مئات آلاف من قراء في بقاع شتى من العالم ، يتضح ذلك من خلال عشرات منصات ومواقع تحمل أسمه وتنشر قصصه ورواياته القصيرة ..
إذن فإن النزعة التجريبية أمر حسن ومحمود ولكن النص المكتوب على هذا الأساس التجديدي ، ليس بالضرورة أفضل أو ذات حمولة إبداعية مميزة ، تفوق الجودة الإبداعية للقصة الكلاسيكية لكل من تشيخوف ، أو أرنست همنغواي ، أو غارسيا ماركيز ، أم الكاتب الفرنسي غي دي موباسان ــ مثلا .