2024-08-29
بغداد
عَرف العراق العديد من السرقات “الغريبة والجديدة” بعد عام 2003، إلا أن أخطرها سرقة السلاح في ظل الوضع الأمني الهش وانتشار الجماعات المسلحة وارتفاع مستوى الجريمة.
وفي حادثة ليست الأولى من نوعها، شهد قضاء الرطبة في الأنبار، سرقة أسلحة فوج بالكامل مع كمية كبيرة من مادة (الكاز) تكفي لنحو شهر، من قبل آمر سرية المقر، فيما لاذ الأخير بالهرب إلى جهة غير معلومة.
وقالت مصادر مطلعة لـ”العالم الجديد”، إن “وزارة الدفاع شكلت أمس الأول الثلاثاء، لجنة وأرسلتها إلى الفرقة الخامسة من الجيش العراقي بقضاء الرطبة في محافظة الأنبار”، مبينة أنه “تم التأكد من سرقة أسلحة الفوج الثالث من قبل آمر سرية مقر الفوج والذي يشغل أيضا منصب معاون آمر الفوج، وعلى مدار 6 أشهر”.
وأضافت المصادر أن “المقر يضم أسلحة بالمئات متنوعة بين خفيفة ومتوسطة، حيث تمت سرقة 200 بندقية m16 و34 بندقية m4 و16 مسدس والتر”، مشيرة إلى أن “الحادثة ليست الأولى، حيث حدثت في البصرة قبل نحو عام وتمت سرقة أكثر من 10 آلاف إطلاقه من الفرقة المدرعة التاسعة، كما تعرض سلاح مقر الفرقة السادسة في جانب الكرخ ببغداد إلى السرقة، وتمت محاكمة عدد من الضباط المتورطين بالحادثة”.
وأشارت إلى أن “حادثة الرطبة تمت من قبل مساعد آمر الفوج الثالث لواء 19، آمر سرية المقر، وعندما تم كشف الأمر هرب إلى جهة غير معلومة”، مبينا أن “هناك محاولات من قبل وزارة الدفاع لملمة الأمر وعدم نشره على وسائل الإعلام”.
ويُعدّ السلاح المنفلت في العراق من أكثر التحديات التي تعيق الأمن والاستقرار في البلاد، لما له من تأثيرات على الأمن المجتمعي.
ولا يوجد إحصاء رسمي بعدد قطع السلاح الموجودة داخل المجتمع العراقي، لكن التقديرات تتحدّث عن أرقام متفاوتة بالعادة بين 13 و15 مليون قطعة سلاح متوسط وخفيف، أبرزها بنادق “كلاشنكوف” و”بي كي سي” و”آر بي كي” الروسية، إلى جانب مدافع “هاون” وقذائف “آر بي جي” التي باتت تُستخدم أخيراً بكثرة في النزاعات القبلية في جنوب ووسط البلاد.
وتملك معظم هذه الأسلحة الجماعات المسلّحة، إلى جانب العشائر، بينما يحرص العراقيون على امتلاك قطع سلاح داخل منازلهم كجزء من ثقافة ما بعد 2003، وانعدام الأمن، واضطرار العراقيين للتفكير بالدفاع عن أنفسهم من اللصوص والاعتداءات المتوقعة.
وسبق لرئيس الحكومة محمد شياع السوداني، وأن أورد في منهاجه الوزاري، فقرة تخص السيطرة على السلاح المنفلت وحصره بيد الدولة، وهي ذات الفقرة التي وردت في كافة البرامج الحكومية لرؤساء الحكومات السابقة، لكن لم تنفذ، لا سابقا ولا حاليا.
وتزدهر تجارة السلاح بشكل عام في بعض مناطق المحافظات، وفي بغداد فأن مركزها يكاد يكون أطراف مدينة الصدر شرقي العاصمة.
وكان أمين مشجب في أحد مراكز الشرطة ضمن قضاء المسيب بمحافظة بابل قام، في عام 2022، بسرقة 160 بندقية، وتم فتح تحقيق بالحادث، إلا أن نتائج التحقيق لم تفض لشيء.
وتصنف wisevoter العراق في المرتبة 25 عالميًا من بين أكثر من 200 دولة ينتشر فيها السلاح بيد المدنيين، حيث يبلغ معدل انتشار السلاح بيد المدنيين في العراق بواقع 19.6 قطعة لكل 100 نسمة، أي أن نسبة الانتشار تبلغ نحو 20%، أما معدل الموت بهذا السلاح يبلغ 6.57 قتلى لكل 100 ألف نسمة حتى عام 2020.
وفي حال عكس هذه الإحصائيات على عدد السكان في العراق، يتضح أن 19.6 قطعة لكل 100 شخص، يعني أن هناك قرابة 8.5 ملايين قطعة سلاح في العراق البالغ عدد سكانه 43 مليون نسمة، و بينما يبلغ معدل الموت 6.57 لكل 100 ألف نسمة سنويًا، فهذا يعني وجود أكثر من 2800 وفاة بأعمال عنف سنويا في العراق على يد هذا السلاح.
يذكر أن النائب عن التحالف الوطني حسين المالكي كشف في عام 2015، عن سرقة مشجب للأسلحة تابع لرئاسة الوزراء، مبينا بان كمية السلاح المسروقة تقدر بما يكفي لتجهيز فرقة عسكرية، وقد تم تهريبها على وجبات في سيارة مسؤول برئاسة الوزراء.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط