ضابط إسرائيلي يكشف كواليس 150 ساعة تحقيق مع السنوار: سيقاتل حتى الشهادة


الجمعة 16 فبراير 2024
“كانت لديه تلك العيون القاتلة، وسيقاتل حتى الموت”.. هذا ما قاله المحقق الإسرائيلي السابق في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بين) مايكل كوبيفي، عن التحقيق الذي أجراه مع زعيم حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، والذي امتد لنحو 150 ساعة قبل أكثر من 30 عاماً، عندما كان السنوار في سجون الاحتلال.

وتحدث كوبيفي لصحيفة “التايمز” البريطانية، في حوار ترجمه “الخليج الجديد”، عن مقابلته مع السنوار، التي أجراها باللغة العربية، واصفاً إياه بالرجل المتدين، الذي يحفظ القرآن عن ظهر قلب، والذي نظر للمحقق باحتقار، وكانت حواجبه السوداء مثل الفحم محاطة بالكراهية لإسرائيل.

وادعى كوبيفي أنه أثناء إجراء التحقيقات مع السنوار، لم يستخدم القوة الجسدية لانتزاع الاعترافات من السنوار، معتمداً على التحقيق النفسي للوصول إلى المعلومات.

وأضاف: “أنه لولا السنوار لما تمكنت حماس من تنفيذ هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، حيث ينسب إليه الفضل في تطوير علاقاتها مع إيران وحزب الله، وتوسيع شبكة الأنفاق تحت غزة، وإنشاء قوة كوماندوز النخبة، التي اجتاحت الحدود الإسرائيلية.

ولفت كوبيفي، إلى أن هذا عنف من قبل السنوار أدى إلى إبقاءه في الحبس الانفرادي لسنوات عديدة، لكن خلال هذه الفترة، حصل على كتب عن السياسة الإسرائيلية، استخدمها لتعلم اللغة العبرية ودراسة رؤساء وزراء البلاد المتعاقبين.
وأضاف كوبيفي عن شخصية السنوار قائلاً: “كان يعرف كيف يقنع الناس بالعمل معه، وتعاونت سلطات السجن معه، لأنهم أرادوا أن يكون السجن هادئاً”.

وكشف أن السنوار اعترف بجرائمه، قائلاً: “كان يؤمن بالجهاد ضد إسرائيل، وعلى الرغم من اتهامه بـ4 جرائم قتل فقط، إلا أنه اعترف بارتكاب 12 جريمة قتل في المجمل”.

ووفق كوبيفي، فقد ناضل من أجل كسر إرادة السنوار، واكتشف أن طريقته الوحيدة هي الاعتماد على مرشده الشيخ أحمد ياسين، الذي أنشأ المجمع الإسلامي في الثمانينات من القرن الماضي، وكان في السجن وقتها.

وزعم أنه أمر الشيخ ياسين بإصدار فتوى أجبرت تلميذه على الإجابة على أسئلة المحقق بصدق.

وكما ادعى أن السنوار اعترف بهدوء عن مسؤوليته عن قتل عدد من الأشخاص.

وكان السنوار مسؤولا عن وحدة “المجد” العسكرية في الضفة، ونشرت (شين بيت) ما قالت إنها اعترافات للسنوار لمحققه.
وحسب كوبيفي، فقد كان القائد التاريخي صلاح الدين الأيوبي، الذي استعاد القدس من الصليبيين، هو ملهم السنوار.

وتقول الصحيفة إن السنوار أُنقذ على يد الأطباء الإسرائيليين عندما أزالوا ورماً من دماغه في فترة سجنه التي استمرت 22 عاما.

واعتُقل السنوار عام 1989 بتهمة قتل عملاء للاحتلال الإسرائيلي.

وتقول الصحيفة إن قلة من الإسرائيليين تفهم السنوار أكثر من كوبي الذي قضى 150 ساعة، وهو يحقق معه عندما كان مسؤول التحقيق في (شين بيت) ما بين 1987- 1993.

وقال كوبيفي: “هو ذكي جدا.. لا أعتقد أنه سفاح.. هو عقلاني ولم يظهر أبدا عواطف، ولم يبتسم أبدا، فهو متشدد وكان فخورا بأنه مقاتل”.

وأطلق سراح السنوار مع 1025 سجينًا آخر في عام 2011 كجزء من صفقة إطلاق سراح جلعاد شاليط، وهو جندي إسرائيلي احتجزته “حماس” كأسير في غزة، حيث تمت الموافقة على الصفقة من قبل حكومة سابقة برئاسة بنيامين نتنياهو.
ولدى عودته إلى غزة، أصبح السنوار رئيسا لحركة “حماس” في القطاع في عام 2017، ونجا من محاولات اغتيال إسرائيلية عدة.

واستطرد المحقق الإسرائيلي، الذي تقاعد في العام 2007 أنه شعر بالفزع عندما تم إطلاق سراح السنوار، وقال: “أعترف بذكاء هذا الرجل وصفاته الملهمة”.

واعتقدت حكومة بنيامين نتنياهو أن “حماس” في ظل قيادة السنوار، تم احتواؤها ولم تعد مهتمة بالحرب قدر اهتمامها بالحصول على تصاريح عمل للفلسطينيين في إسرائيل، وكذا وصول الرواتب للموظفين التي دفعتها قطر بموافقة إسرائيلية.

ويعتبر السنوار (61 عاما)، في وجهة النظر الإسرائيلية، العقل المدبر لهجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، وهو من أكثر المطلوبين لإسرائيل، حيث وزّع جنود إسرائيليون منشورات في أنحاء غزة، يعرضون فيها مكافأة قدرها 400 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات قد تؤدي إلى القبض عليه.

وكان التصميم على العثور على زعيم “حماس” في غزة واضحاً هذا الأسبوع، عندما نشر جيش الاحتلال لقطات لكاميرات المراقبة تظهر بعض الأشخاص يسيرون عبر نفق، يظن الجيش الأسرائيلي أنهم زوجة السنوار وأطفاله.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري: “نحن مصممون على القبض عليه وسوف نقبض عليه”، مضيفاً: “لكن حتى الآن تمكن السنوار الرجل المسؤول عن مقتل أكثر من 1200 إسرائيلي في مذبحة العام الماضي، من الإفلات من القبض عليه”.
ويرى كوبيفي أنه لن يكون هناك انتصار لإسرائيل في معركتها بدون العثور على السنوار، وقال: “يجب قتل الأشخاص المتورطين بالمذبحة”، مؤكدا أن طبيعة السنوار تؤكد أنه “لن يغادر غزة، بل سيقاتل حتى الشهادة، فلديه مبادئ ولن يستسلم ولن يهرب إلى خارج القطاع مهما حدث”.

كما شدد على أن السنوار سيظل خطرا على القوات الإسرائيلية ويجب عدم اعتقاله، وقال: “من الأفضل عدم أسر السنوار، بل قتله حالا”.

وأضاف أن اعتقاله يعني “أيخمان آخر”، في إشارة للمسؤول النازي الذي اختطفته إسرائيل من الأرجنتين وحاكمته وأعدمته.

ووضعت دولة الاحتلال الإسرائيلي القضاء على السنوار، وقائد كتائب القسام محمد الضيف كأهداف عليا للحملة البرية التي يشنها الجيش في غزة.

وسبق أن توعد رئيس نتنياهو ووزير دفاعه يوآف جالانت، ومسؤولين آخرين، باغتيال قادة “حماس” داخل غزة وخارجها، كأحد أهداف العدوان الحالي في غزة.

وخلف العدوان الإسرائيلي على غزة 28 ألفا و775 شهيدا فلسطينيا وأصاب قرابة 70 ألفا، معظمهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، بحسب السلطات الفلسطينية، فضلا عن دمار هائل وأزمة إنسانية كارثية غير مسبوقة، مع شح إمدادات الغذاء والماء والدواء، ونزوح نحو مليوني فلسطيني، أي أكثر من 85% من سكان القطاع، بحسب الأمم المتحدة.

وللمرة الأولى منذ قيامها عام 1948، تخضع إسرائيل للمساءلة أمام العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية أممية، بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here