الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في کتاب محاضرات في فقه الإمامية (الخمس) للسيد محمد هادي الميلاني وتعليق السيد فاضل الميلاني: الأنفال: قال المحقق: ويلحق بذلك مقصدان: الأول في الأنفال. وهي ما يستحقه الإمام من الأموال على جهة الخصوص، كما كان للنبي صلى اللَّه عليه وآله، وهي خمسة: الأرض التي تملك من غير قتال، سواء انجلى أهلها أو سلموها طوعا، والأرض الموات سواء ملكت ثم باد أهلها أو لم يجر عليها ملك كالمفاوز وسيف البحار ورؤوس الجبال، وما يكون بها، وكذا بطون الأودية والآجام. الأنفال: جمع نفل بسكون الفاء أو فتحها، بمعنى الغنيمة والزيادة، وتسمى صلاة التطوع نافلة لزيادتها على الفريضة ولعل السر في التسمية هاهنا هو زيادتها على الخمس الذي يستحقه الإمام عليه السلام، وما قاله المحقّق: (ما يستحقه الإمام ) مع أن الآية المباركة: “يَسْئَلُونَكَ عَنِ الأَنْفالِ قُلِ الأَنْفالُ لِلَّهِ والرَّسُولِ” (الأنفال 1) لم يذكر فيها ما يفيد ذلك، ناظر إلى ما ورد في الأخبار من أن ما كان للَّه والرسول فهو للإمام عليه السلام. وبالجملة، يدلّ على ما ذكره من الاستحقاق بنحو الخصوص نفس هذه الآية، مضافا إلى الروايات الدالة على ذلك، وعلى تعداد الأنفال. وهذه الروايات كثيرة ذكرها صاحب (الوسائل) ففي بعضها قوله عليه السلام: (والأنفال كل أرض خربة باد أهلها، وكل أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب، ولكن صالحوا صلحا، وأعطوا بأيديهم على غير قتال، وله رؤوس الجبال وبطون الأودية والآجام، وكل أرض ميتة لا رب لها) وفي بعضها: (وكل أرض خربة، وبطون الأودية، فهو لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم، وهو للإمام من بعده يضعه حيث يشاء).
عن ما رواه أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: (إن اللَّه جعل لنا أهل البيت سهاما ثلاثة في جميع الفيء، فقال تبارك وتعالى: “واعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ولِلرَّسُولِ ولِذِي الْقُرْبى والْيَتامى والْمَساكِينِ وابْنِ السَّبِيلِ” (الأنفال 41) فنحن أصحاب الخمس والفئ، وقد حرمناه على جميع الناس ما خلا شيعتنا). ما في تفسير الإمام العسكري عليه السلام عن آبائه عن أمير المؤمنين: (أنه قال لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: قد علمت يا رسول اللَّه سيكون بعدك ملك عضوض وجبر، فيستولى على خمسي من السبي والغنائم، ويبيعونه فلا يحلّ لمشتريه لأن نصيبي فيه، فقد وهبت نصيبي منه لكل من ملك شيئا من ذلك من شيعتي لتحل لهم منافعهم من مأكل ومشرب، ولتطيب مواليدهم، ولا يكون أولادهم أولاد حرام. قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: ما تصدّق أحد أفضل من صدقتك، وقد تبعك رسول اللَّه في فعلك، أحل الشيعة كل ما كان فيه من غنيمة، وبيع من نصيبه على واحد من شيعتي، ولا أحلَّها أنا ولا أنت لغيرهم).
وعن النساء المأخوذة: في الحرب بين المسلمين والكفار، أو بين الكفار أنفسهم، أو المأخوذة بالسرقة والخدعة، و (أخرى) يراد بها شراء الأمة بعين ما كان نفلا، أو بعين ما فيه الخمس من الغوص مثلا، أو الربح غير المخمّس من السنة الماضية، أو من هذه السنة مع كون الشراء زائدا على المئونة. و (ثالثة) يراد بها الزواج الذي يكون المهر فيه من الأنفال أو الربح غير المخمس من السنة الماضية أو من هذه السنة مع كون التزويج زائدا على المئونة. أما الأول: فذلك هو المتيقن من الروايات كما هو واضح. وأما الثاني: فالظاهر دخوله في عموم روايات التحليل لطيب الولادة، مضافا إلى ما قدمناه من رواية سالم بن مكرم، مضافا إلى ما رواه في ( المستدرك ) (عن تفسير علي بن إبراهيم في قوله تعالى: “حَتَّى إِذا جاؤُها وفُتِحَتْ أَبْوابُها وقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُم” (الزمر 73)، أي طاب مواليدكم، لأنه لا يدخل الجنة إلا طيّب الولادة: “فَادْخُلُوها خالِدِينَ” (الزمر 73)، قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن فلانا وفلانا غصبوا حقنا، واشتروا به الإماء، وتزوجوا به النساء، ألا وإنا قد جعلنا شيعتنا من ذلك في حل لتطيب مواليدهم).
وعن ما ورد في الحديث في (أصول الكافي) في باب (أن الأئمة هم الهداة) عن أبي بصير قال: (قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: “إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ” (الرعد 7). فقال: رسول اللَّه المنذر، وعلي عليه السلام الهادي إلى أن قال لو كانت إذا نزلت آية على رجل، ثم مات ذلك الرجل ماتت الآية، مات الكتاب، ولكنه حي يجري فيمن بقي كما جرى فيمن مضى. ثم إن القاعدة على مبنى كون الخمس ملكا لأربابه ومشاعا في المال يراجع المكلف الحاكم في إفراز هذا المشاع، فيتصدق بالسهم المبارك عن المعصوم بملاك ما ثبت من الصدقة في اللقطة ونحوها، ضرورة إن عدم المعرفة لصاحبها لم يكن له الدخالة في الحكم، وإنما الموجب للتصدق هو عدم إمكان الإيصال إلى صاحبها. ولعله كان بملاحظة أن مال الغير إذا لم يمكن إيصاله بعينه إليه فيوصل إليه بدله وهو الصدقة. ويمكن أن يقال: إنه يصرفه فيما يعلم أن المعصوم عليه السلام يرضى به من باب العلم بالرضا بشاهد الحال، ونظرا إلى أن مفاد قولهم عليهم السلام: (لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفسه) هو كون ذلك علة تامة لحلية التصرف في المال.
عن ما رواه الكليني عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: (قلت له: إن بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم فقال عليه السلام: الكفّ عنهم أجمل ثم قال: يا أبا حمزة، إن الناس كلهم أولاد بغايا ما خلا شيعتنا، قلت: كيف لي بالمخرج من هذا؟ فقال لي: كتاب اللَّه المنزل يدل عليه، فإن اللَّه تبارك وتعالى جعل لنا أهل البيت سهاما ثلاثة في جميع الفيء فقال تبارك وتعالى: “واعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ولِلرَّسُولِ ولِذِي الْقُرْبى والْيَتامى والْمَساكِينِ وابْنِ السَّبِيلِ” (الأنفال 41) فنحن أصحاب الخمس والفئ، وقد حرمناه على جميع الناس ما خلا شيعتنا، واللَّه يا أبا حمزة ما من أرض تفتح ولا خمس يخمّس فيضرب على شيء منه إلا كان حراما على من يصيبه فرجا كان أو مالا).
وعن ما ورد من أن ( أولى الناس بالأنبياء أعلمهم بما جاؤوا به ) بتقريب استفادة الولاية من هذه العبارة بزعم أنها بمثابة قوله تعالى: “وأُولُوا الأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ” (الأحزاب 6) يستفاد منها أولوية العالم في أن ينال من الأنبياء ما كان لهم من الشأن في أمتهم. والجواب: أنه لا يستفاد منها أكثر من أقربية العالم إليهم من سائر الناس بحسب المنزلة والمكانة. ما ورد من أن (العلماء أمناء الرسل) بتقريب أن يفسّر الأمين بمعنى الوكيل والنائب. والجواب: إن أمانتهم بلحاظ أنه قد أودعوا أحكام شريعة الرسل، وهم لا يخونون فيها، فاللازم تصديقهم فيما يبلغونه عن الرسل.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط