2024-09-14
بغداد
ما زالت مسألة تأخير دفع الرواتب لموظفي الدولة مثار قلق وجدل في الأوساط الاقتصادية، على الرغم من بعد الخطر المالي، لكن خبيرا اقتصاديا حذر من أزمة قد تتفجر بعد شهرين أو أكثر بسبب انخفاض أسعار النفط وتقليل صادراته، وفيما قلل مستشار حكومي من الأزمة، تحدث خبير قانوني عن حق الموظف باللجوء إلى القضاء الإداري في حال تأخر وصول مستحقاته.
ويقول الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، خلال حديث ، إن “أمر توفير الرواتب حتى الآن ما زال تحت السيطرة، وحتى لو حصل تأخير فهو محدود، وهو في الغالب يتعلق بوزارة الكهرباء فقط لظروف خاصة وإجراءات عالقة مع وزارة المالية”.
لكن المرسومي، يستدرك بالقول إن “مشكلة الرواتب قد تظهر بعد شهرين، إذ سنعاني أزمة في السيولة بسبب تراجع أسعار النفط وانخفاض حجم الصادرات النفطية، وهذا قد يؤدي إلى أزمة في توفر الدينار العراقي، إذ قد لا تمتلك الحكومة الدينار اللازم لتغطية الإنفاق العام بما فيه الرواتب”.
وفيما يتعلق بتأخير الرواتب، يؤكد أن “ذلك يعود إلى تسليم الرواتب نهاية كل شهر، لكن ما حصل من تأخر حتى بداية الشهر الجديد أمر مختلف”، لافتا إلى أن “التأخير قد يحصل بشكل كبير في المستقبل، إذا ما بقيت ظروف السوق النفطية على حالها، وربما نعود إلى عام 2020 عندما كانت تصرف الرواتب كل 40 يوما”.
ويؤكد أن “الحديث عن الحلول يجب أن يكون في وقت الوفرة، إذ من المفروض أن يمتلك العراق صندوقا سياديا يستخدمه كمصد في وقت الأزمات، وكذلك يجب تنويع الإيرادات وضبط النفقات العامة والحد من عدم الترشيد الموجود في المالية العامة، لكن يبدو أن العراق لا يتعض من التجارب السابقة، ويستمر في التعامل الاقتصادي السيئ”.
ويخلص إلى أن “الاعتماد على النفط، سياسة عالية المخاطر، فالنفط عالم متقلب وتحصل في سوقه موجات ارتفاع تتبعها موجات انخفاض، وربما سنشاهد موجة هبوط في الأسعار خصوصا إذ هدأت الأزمات الجيوسياسية كالحرب في غزة والحرب الروسية الأوكرانية”.
وحصل في الأشهر الماضية تأخير في دفع رواتب الموظفين، لاسيما وزارة الكهرباء، الأمر الذي سبب تذمرا وقلقا، وأدى إلى تظاهرات في محافظات مختلفة وإضراب عن العمل.
ويوم أمس الجمعة، قال عضو اللجنة مصطفى الكرعاوي، عضو اللجنة المالية النيابية، إن “الوزارة أكدت على أن الرواتب مؤمنة بالكامل، ربما يحصل بعض التأخير بين الحين والآخر لبعض المؤسسات لكن الرواتب مؤمنة”.
وكانت اللجنة أكدت في وقت سابق، أن العراق يمر بتحد كبير وخطير يتعلق بالسيولة المالية، وأشارت إلى أن تأخير تسلم الموظفين لرواتبهم بفارق عشرة أيام عن الموعد المحددِ يعني عدم وجود النقد الكافي لدى وزارة المالية لتمويل وزارات ومؤسسات الدولة.
من جهته، يعلق المستشار المالي للحكومة مظهر محمد صالح، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “الحكومة تولي الرواتب اهتماما خاصا، فكما هو معلوم، يزيد عدد متسلمي الرواتب الحكومية على أربعة ملايين موظف عامل في الدولة، وبموجب نظام الإعالة المعتمد في العراق، تصبح بالمتوسط مسؤولية كل موظف تغطية معيشة خمسة أشخاص من عائلته، ما يعني أن أكثر من 20 مليون مواطن عراقي يعيش على نظام الرواتب والأجور والمنح الحكومية”.
ويفيد صالح، بأن “المبادئ التي تقوم عليها السياسة المالية العراقية تأخذ بالحسبان أولوية سلامة المواطن والحفاظ على استدامة عيشه بشكل عام وشريحة الموظفين بشكل خاص، وبناء على ذلك، فإن أولوية استدامة نظام الرواتب الشهرية في النفقات العامة يؤازروه بلا شك نظام للأمن الغذائي الذي يوفر سلات الغذاء لسد حاجة 40 مليون مواطن عراقي وبشكل شهري منتظم”.
ويشير إلى أن “هذه الآليات المؤازرة لاستقرار مستوى المعيشة تعبر عن جوهر فلسفة المالية العامة في تشييد أولوياتها عند تصميم الموازنات السنوية، حيث يتقدمها استقرار الحياة المعيشية للمواطنين كأولوية أولى”، نافيا “الأقاويل والتكهنات في تداول هذا الموضوع الحساس، فسياسة الرواتب الحكومية ثابتة في انتظام مدفوعاتها على الدوام”.
وكان صالح حذر، قبل ثلاثة أيام، من أن العراق قد يواجه أزمة بالموازنة في عام 2025 بسبب انخفاض أسعار النفط، المصدر الرئيسي لإيرادات البلاد، وتحدث في مقابلة مع “رويترز” عن عدم وجود مشكلات كبيرة في عام 2024، “لكننا نحتاج إلى انضباط مالي أكثر صرامة في عام 2025”.
ويعتمد العراق، ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، بشكل كبير على عائدات النفط.
إلى ذلك، يجد الخبير القانوني عدنان الشريفي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الرواتب استحقاق لا يجوز التلاعب بتوقيتاتها، وبإمكان الموظف الذي يتأخر راتبه اللجوء إلى محكمة القضاء الإداري عن أي تأخير يحصل في الراتب”.
وعن إمكانية كسب الشكوى خصوصا وأن توقيتات الرواتب غير محددة، يضيف الشريفي، أن “الحق باللجوء إلى القضاء الإداري مضمون إذا كانت الأدلة موجودة، فالقاعدة القانونية تقول إن المعروف عرفا كالمشروط شرطا، والمعروف أن الرواتب تدفع كل ثلاثين يوما، ومع أنهم لم يحددوا يوما معينا لتوزيع الرواتب، لكنهم حددوا الاستحقاق كل ثلاثين يوما”.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط