2024-09-13
تساءل “معهد ستيمسون” الأمريكي عما إذا كان الاتفاق الأمني الأخير المبرم بين العراق وتركيا، سيؤدي الى تقليص النفوذ الإيراني في العراق، معتبرا ان الاتفاق يعكس رغبة انقرة الطويلة في التخلص من حزب العمال الكوردستاني، ورغبة بغداد في الحصول على المياه وتحقيق التنمية الاقتصادية.
وبعدما قال التقرير الأمريكي الذي ترجم ؛ ان جاري العراق، الى تركيا وايران، تنافستا تاريخيا على النفوذ في العراق، اشار الى مذكرة التفاهم الموقعة بين انقرة وبغداد في العاصمة التركية، بعد الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الى العراق في نيسان/ابريل الماضي، حيث أنه من خلال تصنيف حزب العمال الكوردستاني كمنظمة محظورة، فإن تركيا تسعى الى إضفاء الشرعية على عملياتها العسكرية عبر الحدود وتعزيز حضورها في السياسة والأمن العراقيين.
وبحسب التقرير، فإن تركيا التي تعارض تطلعات الأقلية الكوردية الكبيرة لديها، تنفذ عمليات توغل عسكرية عبر الحدود تستهدف حزب العمال الكوردستاني منذ الثمانينيات، مضيفا أن تصنيف الحزب باعتبار انه يمثل “تهديدا مشتركا” و”منظمة محظورة” يشير الى محاولة إضفاء الشرعية على “الحرب على الإرهاب” التي تقوم بها انقرة تركيا ورفع مستوى هذه الحرب.
لكن التقرير لفت إلى أن هذا الاتفاق التركي-العراقي، لم يمر من دون جدل، حيث انتقدته الميليشيات العراقية الموالية لإيران مذكرة التفاهم، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الصفقة الجديدة كانت مدفوعة بشكل جزئي ب”اتفاقية المياه الاستراتيجية” المبرمة بين العراق وتركيا، حيث ان المياه ظلت لفترة طويلة سببا للنزاعات بين البلدين، حيث تقول بغداد أن السدود التركية تؤدي الى تراجع منسوب المياه لديها، بينما تعتبر انقرة ان على العراق تطوير البنية التحتية القديمة للري، من أجل تحقيق كفاءة أفضل في استخدامات المياه.
وبالاضافة الى ذلك، لفت التقرير الى ان مذكرة التفاهم الامنية تأتي بالتزامن مع المشروع الاقتصادي الضخم بقيمة بقيمة 17 مليار دولار بين تركيا والعراق والذي يستهدف إنشاء ممر حيوي بين آسيا وأوروبا عبر تركيا يسمى “طريق التنمية”.
ورأى التقرير أن حصول تركيا على موطئ قدم قوي لصناعتها في الشرق الأوسط، يتيح لها توسيع حصتها في السوق وتعزيز الانتاج والارباح، مما يساهم في الحد من التضخم، وزيادة فرص العمل، وتقوية الأسس الاقتصادي التي تقوم عليها.
أما من الناحية الاستراتيجية، فإن مشروع “طريق التنمية” بالنسبة لأردوغان، فإنه قد يساعد تركيا وبغداد على تقويض تطلعات الحكم الذاتي الكوردي لإضعاف حزب العمال الكوردستاني.
وبعدما لفت التقرير إلى أن النفوذ التركي في العراق في ظل دكتاتورية صدام حسين، كان يتمتع بالقوة من خلال الاستثمارات المتعددة وحجم التجارة الكبير، استدرك قائلا إنه منذ التدخل الأمريكي في العام 2003 والإطاحة بنظام صدام، عمدت إيران الى ترسيخ وجودها في السياسة العراقية، حيث تدعم أكثر من عشرة أحزاب سياسية بالاضافة الى تمويلها وتدريبها الفصائل العسكرية المتحالفة معها.
وفي حين اشار التقرير الى صعود الحشد الشعبي كقوة متحالفة مع إيران، وغضب الميليشيات من الوجود العسكري الأمريكي، وانتقاد جماعات مثل حزب الله العراقي بشدة مشروع “طريق التنمية”، إلا أنه لفت الى أن وزير وزير الخارجية التركي هاكان فيدان اعلن بالفعل ان ان الحشد الشعبي أيد مذكرة التفاهم الامنية الجديدة والتوصيف الوارد فيها حول حظر حزب العمال الكوردستاني.
وتابع التقرير؛ أن إيران استفادت تاريخيا من شبكة من الوكلاء، مثل الميليشيات الشيعية وغيرها من الأطراف الفاعلة غير الحكومية، لممارسة نفوذها في العراق”، مضيفا في الوقت نفسه أن العلاقات التركية العراقية كانت مدفوعة بدرجة كبيرة بالخلافات حول التوغلات العسكرية التركية، وحقوق المياه، وبيع النفط من اقليم كوردستان، وهي خطوة تعتبرها بغداد غير قانونية، في حين ردت الحكومة العراقية بتعليق المدفوعات الاتحادية للموظفين في الإقليم.
وأضاف التقرير أن تركيا تفوقت خلال السنوات الأخيرة، على إيران كمصدر رئيسي للسلع التجارية إلى العراق، مشيرا الى ان الشركات التركية استثمرت في العديد من مشاريع البناء والبنية التحتية في كافة أنحاء المدن العراقية، بما في ذلك في قطاعات الطاقة والمياه والبتروكيماويات.
وختم التقرير بالقول أن تركيا تتمتع ايضا بنفوذ واسع في شمال العراق، حيث تتنافس مع إيران، حيث يدعم كل منهما احزابا سياسية كوردية مختلفة، في حين ان سنجار، وهي موطن الاقلية الايزيدية، تحولت إلى مركز للمؤامرات والصراعات، وبمثابة ساحة معركة استراتيجية لمجموعة متنوعة من الدول والفصائل المسلحة والجواسيس.
وأضاف التقرير؛ أنه بينما برزت تركيا وايران كقوتين مهيمنة في سنجار، فإن تركيا تركز أيضاً على الموصل وكركوك ودهوك، الغنية بالنفط.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط