تشهد العديد من مؤسسات الدولة في الآونة الأخيرة موجة من التعيينات الجديدة دون أن تكون هناك خطة اقتصادية واضحة تدعم هذه الخطوات.
ومع أن توفير فرص العمل يُعد من أهم أولويات الحكومة لتحسين الأوضاع المعيشية وتخفيف معدلات البطالة، إلا أن غياب التخطيط الإستراتيجي قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات المالية والاقتصادية في البلاد.
فإطلاق التعيينات على نحو عشوائي دون دراسة احتياجات السوق أو القدرات المالية للدولة قد يؤدي إلى زيادة العبء على الموازنة العامة، ويعرقل جهود التنمية المستدامة، مما يستدعي وقفة حقيقية لإعادة النظر في هذه السياسات.
وانتقد النائب عن الإطار التنسيقي، ثائر الجبوري، غياب التخطيط الاقتصادي والتنموي في إطلاق التعيينات بمختلف مؤسسات الدولة، مشددا على أهمية تفعيل الجوانب الإنتاجية لإضافة إيرادات جديدة تسهم في تغطية النفقات التشغيلية.
وقال الجبوري، إن “الاقتصاد لا يمكن ان يُبْنَى على نحو عشوائي، والأخطاء التي وقع فيها العراق تكمن في التعيينات العشوائية والبطالة المقنعة في مؤسسات الدولة والمجاملات الحاصلة من الحكومات المتعاقبة للحصول على حالة الرضى الشعبي، لكنها تسببت في فوضى اقتصادية”.
وأردف، أن “التعيينات يجب ان تكون فيها جدوى وتنمية اقتصادية، بحيث الرواتب يجب ان تكون مقابل الإنتاج بدلا من ان تكون عبء ينهش في الاقتصاد العراقي”.
وتابع الجبوري، أن “هناك تخطيط فاشل من قبل الحكومات المتعاقبة، حيث لم تضع خطة إنتاجية اقتصادية مقابل التعيينات التي تطلق بين الحين والأخر، إذ يجب ان تكون هناك تنمية اقتصادية مقابل تشغيل الآخرين”.
من جهته، استعرض المختص في الشأن المالي والاقتصادي مصطفى اكرم حنتوش، إمكانية إيقاف التعيينات في العراق لمدة عشر سنوات من أجل تعديل ميزان النفقات.
وقال حنتوش، ان “الحكومات العراقية المتعاقبة لا تقوم بالتعيين لأنها بحاجة لهذه التعيينات، بل لأنه لا يريد أي عمل حقيقي في القطاع الخاص، ولهذا الحكومة تعين مئات الآلاف، بسبب عدم وجود فرص عمل للشباب في القطاع الخاص، وهذا الأمر لم تجد له أي حلول حقيقية الجهات والشخصيات المسؤولة في الدولة”.
وبين ان “إيقاف التعيينات لسنة واحدة في العراق أمر مستحيل، وليس لعشر سنوات، فالعراق لا يمتلك قطاعاً خاص، والقطاع الخاص عبارة عن فقاعة إعلامية في العراق، فالعراق فيه ما يقارب 45 مليون نسمة يحتاج إلى آلاف المدن الصناعية والأف المعامل حتى تكون هناك نهضة اقتصادية حقيقية لتفعيل القطاع الخاص على نحو حقيقي”.
وأضاف ان “القطاع الخاص يفعل عبر وجود خطة تنظيمية من قبل الحكومة عبر منح جزء من التخصيصات المالية للبنى التحتية للقطاع الخاص عبر إنشاء أسواق شعبية وعلوات وإعطاء قروض للمشاريع المختلفة، خاصة ان البنك المركزي العراقي أوقف القروض دون أي دراسة، وهذا دمر السوق العراقي، فهذه القروض متوقفة منذ ما يقارب سنتين، ولا يوجد أي عمل حقيقي في القطاع الخاص، ولا يوجد أي إضافة أو تطور بهذا القطاع”.
وأكد المختص في الشأن المالي والاقتصادي ان “القطاع الخاص يحتاج إلى تفعيل، وإلى موازنة تنظيمية سنوية، ويحتاج إلى مبادرات للقروض وقوانين، وبعد تفعيل هذا القطاع هنا يكون العراق فقط لا يحتاج إلى التعيينات، وبخلاف ذلك العراق سيبقى يحتاج إلى تعيينات، ولا يمكن إيقافها لأي فترة قصيرة، ولهذا سيبقى مستمرة خلال هذه الحكومة وخلال الحكومات العراقية المقبلة”.
وفي وقت سابق، كشف عضو اللجنة المالية جمال كوجر، عن توجه حكومي لتقليل الترهل الوظيفي في العراق، مشيراً إلى أن “العراق بحاجة إلى إيقاف التعيينات لـ10 سنوات لكي يتمكن من ضبط ميزان النفقات”.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط