نزيف السماء المتدفق طوفانا كاسحا ! *
بقلم مهدي قاسم
نزيف السماء الشديد والمتواصل ، منذ أيام طويلة ، على شكل شلالات طوفانية زاحفة ، كوحش أعمى ولكن سريع ، تكتسح أغلب بلدان أوروبا الوسطى و الشرقية ، مخلفة ضحايا عديدين و دمارا هائلا في ممتلكات و بيوت الناس ..
بالطبع ليس هناك فقط ، إنما في أنحاء و بقاع أخرى من العالم حيث ثمة أمطار غزيرة متواصلة تهطل بجنون ــ كأنما ثمة بحرا ينقلب رأسا على عقب ــ فسرعان ما تتحول إلى طوفان مندفع بعجالة برق نحو بلدات ومدن كبيرة لتغرقها برمتها ..
..
حتى يبدو الأمر ، كأنما ثمة جنونا موازيا و منسقا بين هوس بشر و هستيرية الطبيعة ــ ربما كرد فعل الطبيعة على نزعة جشع ضباعية غير محدودة عند كثير من الناس ــ إشباعا دائما لنزعة الاستحواذ والتملك ، طبعا ، عبر تخريب حديقة الله الجميلة الساحرة المتجسدة بهذه الأرض المباركة التي تهبنا كل ما هو طيب ولذيذ من طعام وفواكه ونبات زاهية ألوان ..
والملفت إن بشرا طمّاعين و جشعين لا يتعظون من إشارات وإنذارات الطبيعة المتواصلة والمتجسدة بعمليات حدوث كوارث طبيعية مختلفة ذات صلة بهذا التخريب ، فيواصل هؤلاء و أولئك عمليات تخريبهم من خلال نشر تلوث كثيف على مدار اليوم ، فضلا ـ وهذا ما هو الأسوأ ــ عن إبادة غابات كبيرة وعملاقة ، بهدف بناء مولات و وحدات سكنية ، ليغتنوا أكثر فأكثر على حساب تدمير الطبيعة ، التي تعرف كيف تنتقم ، و أن كانت لا تختار بين إنسان جشع وبين بشر يحافظون على جمال و رونقة الطبيعة وازدهارها الدائم !..
لقد سبق أن كتبنا مرارا عن عمليات تخريب الطبيعة بسبب جشع البشر و سنبقى نكتب طالما هذه العمليات التخريبة متواصلة و جارية
* حبي الدائم نهر الدانوب ” الأزرق ” هو الآخر أصبح ” الآن متخما ، بدينا ، عريض الأرداف والمنكبين ، بفيوض متواصلة قادمة طوال الوقت ، و ذلك لعدم توقف هذا النزيف الفضي الهاطل من جرح السماء المفتوح بزرقة معتمة و مدلهمة بغيوم داكنة !..
بالطبع إذا اقتضت الحاجة سأنظم إلى فصائل ووحدات حاملي أكياس الرمال لكبح الدانوب من نزهة غير مرغوبة داخل مناطق و أحياء بودابست .