2024-09-18
السليمانية
مع قرب انطلاق العام الدراسي في العراق، يبدو أن اعتصام الكوادر التربوية في إقليم كردستان ستهدد تلك الانطلاقة بالتعثر، لجهة استمرار عدم صرف الرواتب وتأخرها وعدم إقرار الترفيعات والعلاوات المطلوبة.
وحددت وزارة التربية في حكومة إقليم كردستان تاريخ الـ25 من شهر أيلول سبتمبر الحالي موعدا لانطلاق العام الدراسي الجديد، لكن هذا التاريخ قد لا يشهد انطلاقه فعلا في جميع مدن ومحافظات الإقليم، فالسليمانية وحلبجة ما تزالان تعترضان على تأخر صرف رواتب الموظفين، فضلا عن عدم إقرار الترفيعات والعلاوات للكوادر التربوية المتوقفة منذ حوالي 10 سنوات.
ويقول عضو لجنة الاحتجاجات في السليمانية سامان علي، إن “حكومة الإقليم التي وصفها بأنها غير شرعية ومنتهية الولاية، تمارس ما اسمه سياسة تسويف المطالب، وتأخيرها”.
ويهدد علي، خلال حديثه لـ”العالم الجديد”، بأنه “في حال لم يتم تنفيذ مطالب الكوادر التربوية بالكامل، فإننا سنعود للإضراب العام عن الدوام في محافظتي السليمانية وحلبجة وأطرافهما”.
وكانت المحكمة الاتحادية العليا، ألزمت، في شباط فبراير الماضي، حكومة بغداد بدفع رواتب موظفي إقليم كردستان مباشرة، دون إرسالها إلى سلطات الإقليم، في ظلّ تأخير في تسليم جزء من الرواتب على مدى أشهر.
ورغم قرار المحكمة الاتحادية إلا أن حكومة الإقليم تصر على توطين الرواتب في مشروع حسابي، الذي يضم مجموعة بنوك داخل إقليم كردستان.
ويضيف أن “مطالبنا تتلخص بتنفيذ قرار المحكمة الاتحادية الخاص بتوطين رواتب الموظفين على المصارف الاتحادية، لأن حكومة الإقليم تريد استمرار الفساد والسرقة، لذلك ترفض قرار التوطين”.
ويعزو تأخير أو عدم صرف الرواتب كل 30 يوما، إلى “عدم التزام حكومة الإقليم، وأحزاب السلطة الحاكمة، التي ترفض الالتزام بقرار التوطين، وتحاول المماطلة والمراوغة”.
فيما يبين أن “المطلب المهم للكوادر التربوية، يتمثل بإعادة العمل بقانون الترفيعات والعلاوات للمعلمين والمدرسين، والتي توقفت في عام 2015، بحجة نقص السيولة المالية في ذلك التوقيت، والآن بعد حوالي 10 سنوات، ما تزال متوقفة، رغم توفر الأموال، وخلاف ذلك سنواصل الإضراب هذا العام، وننزل إلى الشارع بتظاهرات مجدداً، لغرض المطالبة بحقوقنا المشروعة”.
وشهد العام الماضي تأخيرا بانطلاق العام الدراسي في السليمانية، بسبب الإضراب من قبل المعلمين، الذين كانوا يحتجون على قرار تأخير صرف الرواتب، وعدم تنفيذ قانون الترفيعات والعلاوات.
ولم ينطلق العام الدراسي في السليمانية، إلا مطلع شهر كانون الثاني يناير، ما تسبب بتأخير لمدة 3 أشهر، وهو الأمر الذي انعكس على نتائج الامتحانات النهائية للمراحل الوزارية.
من جهته، يؤكد الباحث في الشأن التربوي فرمان خليل، أن “العملية التعليمية في إقليم كردستان تشهد تراجعا غير مسبوق، بسبب مشاكل الإضراب عن الدوام، وعدم حل مسألة الترفيعات والعلاوات التي تطالب بها الكوادر التربوية”.
ويوضح خليل، في حديثه لـ”العالم الجديد”، أن “العام الدراسي الماضي في إقليم كردستان، كان أشبه بتمشية حال، خاصة في السليمانية وحلبجة، التي لم يدرس فيها الطلبة سوى 3 أشهر ونصف تقريبا، إذا ما احتسبنا العطل والمناسبات”.
ويلفت إلى أن “هذا الأمر أثر على الوضع التعليمي، وكان ينبغي على حكومة الإقليم ووزارة التربية معالجة جميع المشاكل، قبل انطلاق العام الدراسي الحالي، لأن أي تأخير في الانطلاق، يعني تراجعاً كبيراً، ستدفع ضريبته الأجيال المقبلة”.
وأوقفت حكومة إقليم كردستان، العمل بنظام الترفيعات والعلاوات للكوادر التربوية عام 2015، إبان الأزمة الاقتصادية التي مر بها الإقليم، جراء سيطرة تنظيم داعش على عدد من المدن العراقية، وخلافات الموازنة مع بغداد آنذاك.
ومنذ ذلك الحين، فإن رواتب الكوادر التربوية في الإقليم من المعلمين والمدرسين ثابتة، وهذا ما ترفضه تلك الكوادر، وتعتبر الأمر فيه ظلم واضح، ولا يراعي مسألة الخدمة، وظروف العمل.
من جهته، يرى رئيس اتحاد المعلمين في إقليم كردستان، أحمد كرمياني، أن “وزارة التربية وحكومة الإقليم بشكل عام، تعملان بكل جهدهما لحل مشاكل المعلمين”.
ويضيف كرمياني، خلال حديثه لـ”العالم الجديد”، أن “الجميع يعلم بأن قضية الرواتب حاليا بيد الحكومة الاتحادية في بغداد، وحكومة الإقليم تعمل بمفاوضات طويلة عريضة، لغرض التوصل لصيغة مشتركة، وحل مشكلة الرواتب”.
وينبه إلى أن “اتحاد المعلمين يدعم حقوق الكوادر التربوية، ونؤيد مطالبهم في العمل بقانون الترفيعات والعلاوات، وصرف رواتبهم بشكل منتظم، لكن الإضراب عن الدوام يضر بالعملية التعليمية”.
ويتابع رئيس اتحاد المعلمين في إقليم كردستان، “تجاوزنا إشكاليات العام الماضي، وقضية تأخر الدوام في السليمانية وحلبجة، ونأمل أن لا يتكرر هذا المشهد، ونحن لدينا تنسيق ودورات تأهيل مكثفة، لغرض الاستعداد لانطلاق العام الدراسي”.
ويردف “كما نريد من الكوادر التربوية، أن يطالبوا بحقوقهم، لكن ما نأمله أن لا يتم استغلالهم من قبل الجهات السياسية، لا سيما ونحن على اعتاب انتخابات برلمان إقليم كردستان”.
وكانت المحكمة الاتحادية قد أقرت بصرف رواتب الموظفين في إقليم كردستان وإبعادها عن المشاكل السياسية، كما نص قرارها على توطين تلك الرواتب في المصارف الاتحادية حصراً.
ورغم قرار المحكمة الاتحادية فإن حكومة الإقليم تصر على توطين الرواتب في مشروع حسابي، الذي يضم مجموعة بنوك داخل إقليم كردستان.
وبالرغم من الزيارات المتبادلة للوفود السياسية والفنية، والتي كان آخرها زيارة وزيرة المالية طيف سامي، إلى أربيل، إلا أن مسألة رواتب الموظفين، ما تزال تنطوي على الكثير من التعقيدات والإشكاليات الإدارية والقانونية.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط