الصراع داخل «الاتحاد الوطني» يشتعل.. من المستفيد؟


2024-09-19
السليمانية
يتجه الصراع داخل الاتحاد الوطني الكردستاني إلى أعلى مستوى، وذلك بعد قيام قوة أمنية تدعى القوات الخاصة “كومنادوز” بالسيطرة على مقر مؤسسة جاودير التابعة للقيادي البارز في “الاتحاد” ملا بختيار.

ويعد ملا بختيار أحد أبرز قيادات الخط الأول في الاتحاد الوطني الكردستاني، والمسؤول السابق لهيئته العاملة، وأحد مؤسسي الحزب برفقة صديقه المقرب رئيس الجمهورية الراحل وزعيم الحزب السابق جلال طالباني، وهو أيضا والد زوجة زعيم الحزب الحالي بافل طالباني،

وتكشف مصادر مطلعة، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، عن قيام الرئيس الحالي للاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني بـ”توجيه قوة عسكرية من الكوماندوز، لإغلاق مؤسسة جاودير، الثقافية والإعلامية التي يشرف عليها ملا بختيار، مع سحب عناصر الحماية التابعة له”.

وتبين المصادر، أن “طالباني يريد إفراغ ساحة الحزب (الاتحاد الوطني) من قيادات الرعيل الأول، من المنافسين له، مع رغبته في البقاء كزعيم أول للحزب، في خطوة لاستكمال خطواته السابقة التي تمكنت من عزل ابن عمه والرئيس المشترك السابق للاتحاد الوطني، لاهور شيخ جنكي”.

وكان ملا بختيار قد وجّه انتقادات لاذعة مؤخرا للاتحاد الوطني الكردستاني وقيادته الحالية، واصفا إياها بأنها تقود الحزب للانهيار.

وأعلنت مؤسسة “جاودير” التنويرية عن تعرض مقرها ومقر السياسي الكردي ملا بختيار لمداهمة نفذتها قوة من الكوماندوز، الأسبوع الماضي، فيما أشارت إلى أن الهجوم استهدف مقر المؤسسة “جاودير” ومركز إشعاع الثقافة في گلاوەژ بمنطقة حي المهندسين في السليمانية.

وتفيد المصادر، بأن “تيارا جديدا يتشكّل داخل الاتحاد الوطني من المعارضين لسياسة طالباني، حيث كان يقوده ملا بختيار وعدد من القيادات الكبيرة داخل الحزب، ما حدا برئيسه بافل طالباني، القيام بحملة تصفية وسحب النفوذ والحمايات من هؤلاء”.

وتضيف أن “طالباني، يخشى من صعود التيار المعارض له داخل حزبه، لذلك بدأ بحملة تصفية، ويرغب بحصر القرار وجميع الأمور بيده وبيد شقيقه قوباد طالباني (نائب رئيس حكومة إقليم كردستان)، لذا فإنه تحرك لإنهاء نفوذ ملا بختيار داخل الحزب، وسيسعى لفصله منه بشكل رسمي ونهائي خلال اجتماع المجلس القيادي المقبل”.

والاتحاد الوطني الكردستاني هو ثاني أكبر الأحزاب في إقليم كردستان، ويتمتع بنفوذ كبير داخل محافظة السليمانية، وشهد الحزب خلال السنوات الأخيرة سلسلة صراعات، كان أبرزها انشقاق نوشيروان مصطفى (توفي في 9 أيار مايو 2017) من الحزب وتشكيله لحركة التغيير، ثم انشقاق برهم صالح، وتشكيله تيارا سياسيا، قبل أن يعود للحزب ويتسلم منصب رئاسة الجمهورية كمرشح عن الاتحاد.

من جهته، يشير السياسي الكردي المستقل، لطيف الشيخ، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إلى أن “الصراع داخل الاتحاد الوطني الكردستاني أخذ منحى خطيرا، خاصة وأن الرئيس الحالي للحزب بافل طالباني يرغب بأن يصبح الزعيم الأوحد له”.

ويلفت الشيخ، إلى أن “هناك صراعا داخل قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني بين القيادات الكبيرة التي كانت مع جلال طالباني، وبين التيار الشاب، أدى لعزل ملا بختيار وعدد من قادة الرعيل الأول”.

ويؤكد أن “بافل يرى أن القيادات الكبيرة تفكر بعقلية قديمة، والمعيار السياسي الجديد يتطلب رؤية جديدة، وتلك القيادات كانت تعترض على تقارب طالباني مع المحور الشيعي الإيراني، على حساب علاقته مع المحيط الكردي، والابتعاد عن العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب”.

ويتابع السياسي المستقل، أن “ما جرى مؤخرا مع ملا بختيار، سيتكرر مع قيادات أخرى، فقد حصل مع برهم صالح، حيث لم يبق له أي منصب داخل الاتحاد الوطني، وسيتكرر ذات الأمر مع القيادات الكبيرة الأخرى المتبقية داخل الاتحاد الوطني”.

وشهدت السنوات الماضية وتحديدا في عام 2021، قيام بافل طالباني، بتجريد ابن عمه لاهور شيخ جنكي من منصب الرئيس المشترك للحزب، فضلا عن الاستيلاء على جميع المؤسسات التي يمتلكها، وتجريد أشقاء جنكي من جميع المناصب التي كانوا يسيطرون عليها، وسحب جميع الامتيازات منهم.

إلى ذلك، يرى الكاتب والمحلل السياسي، آرام مجيد، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “ما جرى مؤخرا في الاتحاد الوطني الكردستاني سيفضي إلى تشكيل جبهة قوية معارضة لقيادة الحزب الحالية برئاسة بافل طالباني”.

ويؤكد مجيد، أن “خصوم طالباني، وهم كل من لاهور شيخ جنكي، وملا بختيار، وبرهم صالح، وشخصيات أخرى، سيجتمعون في انتخابات برلمان إقليم كردستان، وقد يشكلون تيارا واسعا”.

ويضيف أن “جميع هؤلاء لهم مجموعة كبيرة من المؤيدين، ورغم الاختلافات فيما بينهم، لكنهم سيجتمعون لغرض التصدي لسياسة رئيس الاتحاد بافل طالباني الذي بات الزعيم الأول داخل الحزب”.

ويردف الكاتب والمحلل السياسي، أن “هذا الانقسام ليس في مصلحة الاتحاد الوطني الكردستاني، وكان المفروض تأجيله لما بعد انتخابات كردستان، لكن صراع الزعامة والنفوذ، هو الذي جعل الأمور تصل إلى هذا المستوى، وبالتالي فإن الأمر قد ينعكس على مدينة السليمانية التي ما تزال تشعر بالمظلومية إزاء أربيل”.

ويوضح أن “الحزب الديمقراطي الكردستاني هو المستفيد الأكبر من هذه الصراعات، وقد يحاول استقطاب تلك المجموعة المعارضة لبافل طالباني، بغرض مساومة الاتحاد الوطني، أو مواجهته بسياسة الأمر الواقع”.

وشكل لاهور شيخ جنكي حزبا عرف باسم جبهة الشعب، لغرض خوض انتخابات برلمان كردستان، والتي من المقرر أن تجري في العشرين من شهر تشرين الأول أكتوبر المقبل.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here