2024-09-21
الأنبار
ما يزال ملف الطرق الخارجية، واحدا من الملفات المعقدة التي لم تجد لها الحكومة حلولا تذكر، وتحمل معها صفحة من صفحات الفشل المستمر على مدى العقود الماضية، إذ تشهد تلك الطرق حوادث مرورية مستمرة، يذهب ضحيتها المئات من المواطنين، ومن بينها، الطريق الذي يربط قضاء بيجي الواقع في محافظة صلاح الدين، بقضاء حديثة التابع لمحافظة الأنبار، لاسيما وأنه مهم لربط محافظات الشمال بالغرب، إذ يعد الأسوأ حاليا، كونه يفتقر لأبسط إجراءات السلامة، وبات مثالا بارزا على ملفات الفساد التي تنخر المؤسسات الحكومية، فبالرغم من إحالته إلى الإعمار لأكثر من أربع مرات، إلا أن المشروع ما زال متلكئا، والطريق مازال سيئا، ويحمل معه وبشكل شبه يومي حوادث مميتة، تذهب ضحيتها العشرات من المسافرين.
ويقول عضو مجلس محافظة الأنبار عدنان الكبيسي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مجلس محافظة الأنبار أخذ على عاتقه جملة من الملفات، ومنها ملف الطرق الرئيسة والخارجية، وإيلاؤه أهمية قصوى”.
ويضيف الكبيسي، أنه “يجري العمل على إكمال الطريق الرابط بين مدن غرب الأنبار مع مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار، وأيضا تم إعمار طريق الصقلاوية، وطريق الفلوجة رمادي، وهنالك طرق أخرى يجري العمل عليها تباعا”، مبينا أن “الطرق الخارجية، هي من اختصاص وزارة الإعمار والإسكان، باعتبارها تحتاج إلى ميزانيات كبيرة، وهي تربط بين عدة محافظات، وبالتالي يصبح العمل من اختصاص الوزارة، لأنها هي الجهة المعنية بالأمر”.
ويتابع “طرحنا على وزارة الإعمار ملف تأهيل طريق بيجي حديثة، باعتباره طريقا مهما ويربط الأنبار مع المحافظات الشمالية، وتلقينا وعودا، بأنه سيكون من أولويات الوزارة في المرحلة المقبلة، خاصة وهنالك خطة من رئيس الوزراء لتأهيل وإعمار جميع الطرق الخارجية”.
وطريق حديثة بيجي، هو أحد الطرق الحيوية في البلاد، إذ يربط غرب العراق بمحافظات الوسط والشمال، ويستخدم كثيرا من قبل الموظفين في مصافي الشمال والقوات الأمنية، واستغل تنظيم داعش هذا الطريق، لغرض التمدد والانتشار في محافظات الأنبار وصلاح الدين وصولا إلى كركوك ونينوى، كونه ممرا حيويا يربط بين تلك المحافظات.
كما أنه الطريق الذي يصل مدن غرب الأنبار مع بحيرة الثرثار ومناطق شمال صلاح الدين، وصولا إلى العاصمة بغداد.
ويعاني سائقو السيارات والمسافرين على طريق بيجي حديثة، من وعورة الطريق ورداءته، بسبب وجود التخسفات الكبيرة، وأيضا، كون الطريق عبارة عن ممر واحد، ما يؤدي لوقوع حوادث مرورية عديدة وبشكل شبه يومي.
إلى ذلك، يبين الناشط المدني نهاد الحديثي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هذا الطريق مهم وحيوي، لكنه يمثل أكبر واجهات الفساد في الأنبار وصلاح الدين، والحكومة العراقية بشكل عام، بسبب إحالته أكثر من مرة للتنفيذ دون تحقق ذلك على أرض الواقع”.
ويؤكد الحديثي، أن “الطريق يمثل واجهة اقتصادية للأنبار ولصلاح الدين وعموم العراق، فهو ممر الشاحنات التجارية من تركيا وإقليم كردستان، باتجاه الأنبار، ويمكن الاستفادة الاقتصادية منه بصورة كبيرة”، مضيفا “كما أن الممر الرئيسي لمصفى بيجي النفطي، وهو أكبر المصافي النفطية في العراق، التي تضم أكثر من خمسة آلاف موظف، كما أنه طريق عسكري مهم، لتنقلات القوات الأمنية بين الشمال والغرب”.
ويستطرد أن “الطريق ليس طويلا، وهو بحدود 144 كيلو مترا، ولا يحتاج لمبالغ عالية، ويمكن تقاسم المبلغ من ميزانية الأنبار وصلاح الدين، والتعاون مع وزارة النفط، باعتبارها جهة مستفيدة، لوجود مصفى بيجي”.
وفي حصيلة غير رسمية، فإن الحوادث المرورية على هذا الطريق، ومنذ مطلع العام الحالي، تسبب بوفاة أكثر من 40 مواطنا، فيما سقط العشرات من المصابين، بجروح متفاونة.
وأغلب الحوادث، كانت بسبب اصطدام الشاحنات مع سيارات صغيرة، كون الطريق عبارة عن ممر واحد، ولا يستطيع السائق التحكم بالسرعة، عند مواجهته سيارة أخرى، لضيق المسافة.
من جانبه، يؤكد الصحفي الأنباري زيدون ماجد، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “تكلفة إعمار طريق بيجي حديثة لا تتجاوز 50 مليار دينار كحد أعلى، وتحويله إلى ممرين، لغرض تقليل الحوادث المرورية”.
ويتابع ماجد، أن “الطريق تمت إحالته لغرض الإنجاز، ولكن تأخر التأهيل والإعمار، في أكثر من مناسبة، بحجة حرب داعش، ومرة بسبب الأموال والأزمة الاقتصادية، ومرة بسبب الفساد المستشري في مؤسسات البلد”، مضيفا أن “أكثر من 50 كيلو متر في هذا الطريق هي ترابية، وليس فيها حتى خدمة الإنترنت والاتصالات، وبالتالي تكثر على هذا الطريق الحوادث الأمنية، ودائماً ما يقوم تنظيم داعش بعمليات نصب العبوات والخطف”.
ويكمل حديثه “لذلك أصبح من الضروري تأهيل الطريق وإعماره، وتشغيل الإنارة، وهذا الأمر سيعطي الحيوية، وسينشط الحركة الاقتصادية، لأنه ستكثر المطاعم والمحلات محطات الوقود، على جانبي الطريق، وبالتالي فإنها فرصة لتشغيل الأيدي العاملة”.
وتعاني الأنبار من تردي الطرق الرابط بين مدنها، وسبق وأن طالب محافظ الأنبار السابق علي فرحان الدليمي ونائبه الفني، بالإسراع بتأهيل الطريق الرابط بين غرب الأنبار مع شرقها لأهميته الحيوية، وللحفاظ على أرواح المواطنين وتجنب الحوادث اليومية التي أصبحت مخيفة ومروعة وأخرها راح ضحيته تسعة أشخاص بحادث سير بين البغدادي وحديثة.
ولا تنفرد الأنبار بهذه الظاهرة فـ”طرق الموت” موجودة في جميع المحافظات العراقية من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، وتحصد يوميا عشرات الضحايا والمصابين من دون أن تتم معالجة هذه المشكلة.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط