2024-09-22
يعود ملف الانتخابات المبكرة للواجهة مجددا، عقب المطالبة بها من قبل رئيس حزب تقدم ورئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، بوصفها جزءا من المنهاج الحكومي الذي صوت عليه البرلمان، في ثاني دعوة من هذا النوع بعد دعوة مماثلة لرئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، وسط إشكالات سياسية يواجهها رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، بسبب قضايا “التنصت” وتزايد الخلافات السياسية، لكن مراقبين استبعدوا هذا الخيار، بسبب الوضع المتأزم في العراق والمنطقة، ولرفضه من قبل أطراف فاعلة في الإطار التنسيقي “الشيعي”.
وكان الحلبوسي، قال في حديث متلفز يوم أمس الأول الجمعة، أن الانتخابات المبكرة ستجري في نيسان أبريل أو آيار مايو 2025، لأنها أصبحت ملزمة وفقا للمنهاج الوزاري.
ويقول القيادي في الإطار التنسيقي عقيل الرديني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الإطار التنسيقي لا يوجد لديه أي توجه نحو الانتخابات المبكرة، وهذا الأمر لم يطرح أو يناقش داخل الإطار طيلة الفترة الماضية، بل طرح فقط زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، وهو وجهة نظر شخصية له ولا يوجد دعم لها من أي طرف من أطراف الإطار”.
ويضيف الرديني، أن “ما تحدث به رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، يندرج ضمن المناورة السياسية ومحاولة للضغط السياسي على الأطراف الأخرى داخل الإطار التنسيقي، للحصول علي مكاسب في ملف رئاسة البرلمان، لكن الحلبوسي وغيره من الأطراف السياسية السنية وحتى الكردية، ليسوا مع الانتخابات المبكرة، والكل مع إكمال الدورة الحكومية بشكل كامل”.
ويتابع القيادي في الإطار، أن “كل مبررات الذهاب إلى الانتخابات المبكرة غير متوفرة، خاصة في ظل الاستقرار الحكومي والسياسي، والنجاحات في الكثير من الملفات من قبل حكومة السوداني، ولذا فكل دعوات وأمنيات الانتخابات المبكرة، ولدت ميتة ولا نتوقع أي تفاعل سياسي حقيقي معها”.
وكان رئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، دعا في حزيران يونيو الماضي، إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في البلاد بحلول نهاية العام الحالي 2024، مؤكداً أنّ حكومة رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني ملزمة بذلك ضمن برنامجه الانتخابي، كما طالب المالكي بقانون “يمنع المسؤولين التنفيذيين (رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة والمسؤولين) من المشاركة في الانتخابات”.
وفي آذار مارس 2023، صوّت البرلمان على قانون التعديل الثالث لقانون الانتخابات، الذي أعاد اعتماد نظام الدائرة الواحدة لكل محافظة، مع صيغة سانت ليغو النسبية (بفارق 1.7)، فيما لم يتطرق إلى فكرة الانتخابات المبكرة.
إلى ذلك، يشير الباحث في الشأن السياسي أحمد الشريفي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المعارضة للسوداني وحكومته أصبحت واضحة ومعلنة من قبل اطراف سياسية داخل الإطار التنسيقي وخارجه، وأن هناك مساعي حقيقية لإنهاء هذه الحكومة بأسرع وقت ممكن، لمنع بناء قاعدة شعبية أكبر للسوداني”.
ويبين الشريفي، أن “استهداف السوداني سياسيا من قبل تلك الأطراف لن يتوقف فقط عن الذهاب نحو الانتخابات المبكرة، بل هناك سعي بأن يكون هناك تعديل لقانون الانتخابات، بشكل يضمن تقويض حظوظه وكتلته الانتخابية، التي يريد خوض الانتخابات فيها بعيدا عن الإطار التنسيقي بحسب المعطيات والمعلومات”.
ويستطرد أن “تكرار طرح الذهاب نحو انتخابات برلمانية مبكرة، ودعم هذه الفكرة من قبل طرف سياسي سني له ثقله السياسي والبرلماني، ممكن أن يدفع نحو تنفيذ الفكرة، خاصة في ظل الصراع الداخلي الكبير ما بين السوداني وقادة الإطار التنسيقي، بعد قضية شبكة التنصت، التي دفعت ببعض قادة الإطار بالتفكير حتى بإقالة السوداني”.
وتضمّن برنامج حكومة السوداني بنودا كثيرة، ركّز بعضها على إجراء انتخابات مبكرة ومحاربة الفساد والسلاح المتفلت، وحصلت حكومة السوداني على ثقة البرلمان بموجبه في تشرين الأول أكتوبر 2022.
ويُعدّ مطلب إجراء انتخابات مبكرة من أبرز مطالب التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، الذي طالب بها قُبيل تشكيل حكومة السوداني من قبل تحالف الإطار التنسيقي، وقبل اعتزال الصدر العمل السياسي في أغسطس آب 2022.
من جهته، يبين القيادي في تحالف العزم عزام الحمداني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “ما طرح من دعوات بشأن الذهاب نحو انتخابات برلمانية مبكرة، ليس له وجود وطرح حقيقي في الأروقة السياسية، خاصة وأن جميع القوى السياسية مع إكمال حكومة السوداني كامل دورتها الحالية”، مؤكدا “وجود إجماع على ذلك من قبل ائتلاف إدارة الدولة”.
ويؤكد الحمداني، أن “الذهاب نحو انتخابات برلمانية مبكرة في منتصف السنة القادمة، لن يقدم أي شيء، خاصة وأن العمر الدستوري للانتخابات هو نهاية السنة القادمة، أي هذه الأشهر القليلة لن تفيد بأي شيء، بل على العكس ربما تعقد المشهد السياسي والانتخابي بشكل سلبي وتكون هناك تداعيات على الاستقرار السياسي والحكومي، وربما هذا ما تريده بعض الأطراف السياسية”.
ويشير إلى أن “طرح الانتخابات المبكرة، لا يمكن أن يكون من خلال التصريحات الإعلامية، التي تعبر عن وجهة نظر جهات وشخصيات سياسية، فهذا الملف يجب أن يناقش بشكل جدي وعملي داخل ائتلاف إدارة الدولة المشكل لهذه الحكومة والذي مازال داعم لها وبقوة، ولا يفكر بهكذا توجه وهذا ما أكدته كل اطراف الائتلاف مؤخرا بل وأكدت على استمرار دعم السوداني وحكومته”.
وأثيرت فضيحة التنصت بعد أن جرى اعتقال الموظف في رئاسة الوزراء محمد جوحي، كما أًصدر السوداني أمرا في 20 أغسطس آب الماضي بـ”تشكيل لجنة تحقيقية بحقّ أحد الموظفين العاملين في مكتب رئيس مجلس الوزراء، لتبنّيه منشورا مسيئا لبعض المسؤولين، وعدد من السادة أعضاء مجلس النواب، وإصدار أمر سحب يد لحين إكمال التحقيق.
وهذه الشبكة، كان من أبرز ضحاياها زعيمين في الإطار التنسيقي، الذين قدما إفادتهما للقضاء العراقي، كما استمرت حملة الاعتقال حتى طالت موظفين آخرين بصفة مصورين وغيرهم في المكتب.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط