فضيحة التنصّت.. هل يدفع السوداني الثمن؟


2024-09-29
بغداد
ما زالت قضية التنصت في مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، تتفاعل لتشمل دوائر مقربة منه، خاصة بعدما تم اتهام شقيقه بالتورط فيها، وفيما فسر مراقبون شبكة التنصت بمحاولة لخلق ذراع سلطوي جديد يحكم قبضته على المؤسسات، رجح مقرب من رئيس الوزراء القضية للضغط عليه من قبل أطراف لا تريد له أن يحظى بولاية ثانية.

ويقول المحلل السياسي، محمد نعناع، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إلى أن “الكثير من زعماء وقادة العراق اعتادوا خلال التاريخ المعاصر على ترتيب الملفات السرية الحقيقية أو المفبركة، للإطاحة بخصومهم، لكن سلوك التجسس والتنصت والابتزاز يشكل فضيحة، فالجهات الرسمية ليست بحاجة إلى مثل هذه الأساليب الرخيصة، لأنها تمتلك كافة وسائل الإكراه والمعلومات والاستخبارات”.

وكشف النائب مصطفى سند، الخميس الماضي، أن القضاء العراقي تثبت من موضوع شبكة التنصت، وفيما لفت إلى أن “شركة زين وشركة آسياسيل أثبتتا وجود تنصت وتجسس على بعض النواب والشخصيات السياسية”، أشار إلى أن “الشخصيات المتورطة هم كل من حيدر ليث السوداني مدير مديرية الإنصات في جهاز المخابرات الوطني، وحيدر شياع صبار السوداني، شقيق رئيس الوزراء، وهو الآن هارب الى تركيا، وعبد الكريم السوداني، السكرتير العسكري لرئيس الوزراء، وشخصية كبيرة رابعة سيتم ذكرها في وقت آخر”.

ويضيف نعناع، أن “فضيحة شبكة محمد جوحي، كانت تريد تقوية ذراع سلطوي جديد يحكم قبضته على المؤسسات بطريقة ديكتاتورية قمعية تتقاطع مع الأدبيات والثوابت الدستورية والقانونية ومبادئ الحرية والعدالة والديمقراطية، وكانت محاولة فاشلة لضرب الفساد بفساد جديد”.

ويفيد بأن “أول أثمان هذا الافتضاح، هو الإرباك الذي حدث بين الشركاء الملتصقين، فقد تغيرت علاقة عصائب أهل الحق تماما مع السوداني على نحو مفاجئ، ما يعني أن التنصت أو التجسس الذي اتهم به مكتب رئيس الوزراء شمل شركاء متقاربين جدا”.

ويلفت المحلل السياسي، إلى أن “أهدافا أخرى لهذا المسار التنصتي الابتزازي، منها خلق سلطة عليا فوق جميع مراكز القوى، ومزاحمة السلطة التنفيذية للسلطات الأخرى في عملها، وهذا ما حصل بدعم السوداني لرئيس هيئة النزاهة حيدر حنون للقيام بأعمال شبه يومية تختص بها السلطة القضائية، والتأثير في خيارات النواب القانونية لإجهاض اختيار رئيس جديد لمجلس النواب وغيرها من الأهداف الثانوية”.

يذكر أن الأمن العراقي اعتقل في 19 آب أغسطس الماضي، “شبكة تنصت وتزوير” يقودها المقرّب من السوداني، محمد جوحي، وتضم موظفين وضباطا، حسب تصريحات أدلى بها النائب مصطفى سند.

من جهته، يشير المحلل السياسي المقرب من رئيس الحكومة، عائد الهلالي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “قضية التنصّت مازالت تنظر من قبل القضاء ولا تسريبات خرجت عن التحقيقات حتى الآن بشأن الشخصيات التي تم التنصت عليها”.

وبشأن تورط السوداني بهذه الشبكة، يضيف الهلالي، أن “محمد جوحي المتهم بهذه القضية غير معلوم الدوافع، ومن هي الجهة التي دفعته لهذا السلوك، ولا أعتقد أنه فعل ذلك بناء على أمر من رئيس مجلس الوزراء، فالسوداني يترفع عن هذه الأفعال، والعراق يمتلك جهاز مخابرات لديه إمكانيات كبيرة باستطاعته أن يتوصل إلى الحقيقة”.

وحول ما إذا كانت إثارة هذه القضية ضمن الضغوط التي يمارسها الإطار التنسيقي على السوداني، لا يستبعد الهلالي ذلك، مؤكدا أن “الأيام الماضية كشفت الكثير من الأشياء، إذ أن هناك أطرافا لا تريد أن يحظى السوداني بولاية ثانية لأنه استطاع أن يحقق مساحة كبيرة داخل المجتمع العراقي، وهذا أزعج الآخرين ممن لا يريدون أن يخرج السوداني عن إرادتهم ونظامهم ويغرد خارج السرب”.

وعن الرغبة بالولاية الثانية، يؤكد أن “السوداني حتى الآن لم يقم بتفعيل مكاتبه السياسية ولا يفكر في الوقت الحالي على الأقل بالولاية الثانية، فهو منشغل بتحقيق إنجازات تحسب له، عجزت عن تحقيقها الحكومات السابقة”.

ووفق الاعترافات، فإن الشبكة، التي بدأت أعمالها أواخر العام الماضي، كانت تقوم بالتجسس والتنصت على كبار المسؤولين في الدولة العراقية بهدف ابتزازهم.

لكن مجلس القضاء الأعلى وصف في 1 أيلول سبتمبر الجاري، المعلومات المتداولة بشأن قضية شبكة التنصت التي كان يديرها محمد جوحي مدير مكتب رئيس مجلس الوزراء السابق، على أنها غير دقيقة.

من جانبه، يعتقد المحلل السياسي مجاشع التميمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “‏قوى الإطار التنسيقي تنظر إلى منصب رئيس مجلس الوزراء على أنه رئيس تنفيذي لمجلس إدارة، وهذا الموضوع لا يتعلق بالسوداني، بل هي صفة لازمت القوى الشيعية منذ أول حكومة بعد العام 2003، فهم ينظرون إلى هذا المنصب على أنه المصدر الرئيسي للتمويل المالي والنفوذ السياسة”.

ولذلك، يرى التميمي، أن “ما حصل بالنسبة لقضية التجسس أو الابتزاز التي قام بها محمد جوحي وجماعته، ما هي إلا ترجمة لهذه الأزمة التي برزت منذ أشهر بين قوى الإطار التنسيقي والسوداني”.

ويضيف المحلل السياسي، أنه “باستثناء المجسرات، لا يوجد منجز حقيقي لحكومة السوداني، أما الأولويات الخمسة التي حددها رئيس الوزراء في منهجه الحكومي فلم يتحقق منها شيء، لذلك أقول إن الأزمة التي حصلت بين الإطار والسوداني هي أزمة سياسية بسبب محاولة السوداني الخروج من عباءة الإطار التنسيقي، من خلال اتخاذ قرارات بعيدة عن توجهات الإطار وبروز شخصية السوداني كقيادي مهم داخل المكون الشيعى”.

ويخلص إلى أن “السوداني محظوظ لأن الأحداث التي تحصل في لبنان وغزة تصدرت المشهد وتراجعت القضايا الأخرى المتعلقة بالملفات الداخلية ومنها قضية التجسس وأزمة نور زهير وقضية التزوير في جداول الموازنة الاتحادية”.

وكانت وسائل إعلام نقلت عن مصادر قولها إن قائد “فيلق القدس” الإيراني إسماعيل قاآني طلب من قادة سياسيين عراقيين الأسبوع الماضي تخفيف حدة الانتقادات لرئيس الوزراء الذي يواجه مكتبه اتهامات بالتجسس في مسعى لتعزيز الاستقرار في العراق مع احتدام الصراع في منطقة الشرق الأوسط.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here