حينما ” جمهور غفير ” يجر خلفه مثقفين من كل صنف ونوع !
بقلم مهدي قاسم
عادة تظهر بين عقد و آخر ثمة ” جماهير غفيرة ” هنا و هناك ، متقلبة أمزجة و أهواء ، و سريعة تأثر و استعداد لتغيير قناعاتها بين ليلة و ضحاها ــ كما يُقال ، حالما يترسخ نظام سياسي جديد ..
ربما فلا فائدة لها أو دور على صعيد التحولات الحضارية الكبيرة ، بل أحيانا هي بالذات تكون عامل عرقلة وإعاقة في مسيرة هذه التحولات ..
و ليس من غرابة في أن نظر كل من الروائي دوستويفسكي و الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه ــ مثلا و ليس حصرا ــ نظرة ازدراء استعلائية نحو هذا النوع من ” جمهور غفير ” ، ربما لعلمهما بعدم تعويل عليه قطعا في أي تغيير محتمل نحو الأحسن و الأفضل ..
ومن غرابة الأمور أيضا في شرقنا الأوسط التعيس ، بدأ هذا النمط من ” الجماهير الغفيرة ” هي التي تجر خلفها عددا كبيرا من مثقفين من روائيين وشعراء وكّتاب ومفكرين ومحامين ومهندسين و أطباء ومعلمين ، لتشكّل بعضا من قناعاتهم العقائدية وصياغته على نفس النمط من ” قناعات و قيم ” هذا الجمهور الغفير ” ، بحيث بدأ هؤلاء المثقفين يستخدمون نفس المفردات و التعابير التي تعكس طبيعة تلك القناعات ..
مع إن قسما من هذا الجمهور الغفير شبه أمي !..
بينما في مجتمعات أخرى ،كان ولا زال ، يحدث بالعكس تماما !..
أي إن المثقفين هم الذين يعيدون صياغة قناعات ” جمهور غفير ” نحو قيم الرقي والتقدم الحضاري و الإنساني العام ..
هذا دون أن نضيف إلى أنه يُفترض بالمثقف أن لا يكون ” منافقا ” من أجل مجاراة هذا ” الجمهور الغفير ” أو ذاك ، و ذلك خضوعا لبعض الثوابت والقناعات السقيمة التي أثبت الأيام المثقلة بالكوارث والمآسي بطلانها المطلق ..
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط