من السهل أن نكون أبطالا قوميين وإسلاميين من خلف الكيبورد !

من السهل أن نكون أبطالا قوميين وإسلاميين من خلف الكيبورد !

بقلم مهدي قاسم

الآن .. في هذا الجو البارد والمتقلب العاصف يفترش آلاف من عائلات مشردة مع أطفالها الصغار العراء على الأرصفة أو الأراضي الصلبة أو الرطبة ، بعدما قُصِفت منازلهم وأماكن سكناهم و خسروا معظم ممتلكاتهم بفعل القصف الهمجي الإسرائيلي ، و باتوا مشردين نازحين بمصائر مجهولة غير معروفة الأجل أو المدة ، عرضة لتقلبات الوقت و قساوة الظروف في وسط من فقر مدقع و حرمان من أبسط الأشياء حيوية و ضرورة في تفاصيل حياتهم اليومية ..

كل ذلك بسبب مغامرات دونكشيوتية فارغة أو تنفيذا لأوامر أسياده من قبل أتباع ..

وفي مثل هذه الأحوال من الماساة والمعاناة و الأوضاع البشرية الكارثية ، ثمة سؤال مشروع يطرح نفسه بمنطقية مقبولة :

ــ من أجل ماذا جرت التضحية بكل هذه السهولة والبساطة بمصائر عشرات آلاف من النازحين والمشردين الجدد ، ناهيك عن عشرات آلاف من القتلى و الجرحى ..؟

فهل جرت عملية تحرير حتى ولو شبر واحد من الأراضي المحتلة ، لكي يقول المضحون و كذلك الضحايا : نعم لا بأس أنا أتحمل مغبة و ثمن المغامرة لإنها تساوي كل هذه التضحيات المهولة و الضحايا الكبيرة التي أقدمها من أجل القضية المتجسدة بالتحرير الفعلي والملموس للأرض المحتلة ..؟..

فيا مَن تجلس خلف الكيبورد في غرفة دافئة ، ضامنا سلامة نفسك مع أفراد عائلتك سويا في بيت آمن وعيش مضمون ، فمن السهل عليك أن تكون متحمسا و تدعو إلى المقاومة ، في الوقت الذي لا تتجرأ لتخرج إلى الشارع منتقدا بصوت عال صمت حكومتك المتفرجة بلامبالاة ، لكونك تخشى إما من احتمالات المضايقة أو الطرد من البلد المضيف إذا كنتَ مقيما ..

ولكن ينبغي علينا أن نعرف جيدا أنه ما من موجات عاطفية حارة وجياشة استطاعت أن تحرر حتى ولو سنتيما واحدا من الأراضي المحتلة في أية بقعة من بقاع العالم ..

لأن التجييش العاطفي مجرد تشجيع بسيط لتحرير الأرض وليس بديلا عنها ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here