قيثارة من ضلوع : قصص قصيرة جدا
بقلم مهدي قاسم
1 ــ هروب سريع
خاطب نفسه بلهجة حاسمة :
ـ حسنا .. انتهت اللعبة و كفى بلا تردد أو مرواحة ..
قال هذا منطلقا يمشي بخطوات متوثبة و سريعة ، كأنه هارب من كارثة وشيكة أو ملاحقة بوليسية عنيفة ..
كان يمضي مندفعا ، مزاحما ، مصطدما بغيره على قارعة الرصيف ، فجأة اوقفه احد معارفه سائلا بدهشة و فضول :
ــ إلى أين ..إلى أين ؟.. بهذه السرعة الخارقة ؟ كأنك تأخرتَ عن موعد إقلاع طائرتك ..
وقف لاهثا لُيجيب بحيرة وقلق :
ــ ليتني كنتُ أعلم إلى أين !..
***
3 ــ قيثارة من ضلوع
كان الحزن قد بلغ به شديدا والعالم أضحى كئيبا ، مكللا بالسواد ، وفي مثل هذه الحال كانت تنتابه رغبة قوية في البكاء حينا ، و في الغناء حينا آخر ، شعر لا ينقصه الآن سوى آلة موسيقية تناسب الحالة الراهنة ، ولم يجد أفضل من أضلاعه يجعل منها قيثارة ..
4 ـ كوابيس كافكا
ما أن تحوّل فجأة إلى دودة تتخبط في بركة آسنة و بعجز رهيب ، و ميؤوس منه تماما ، اقترب منه غراب شرس بنية التهامه بنقرة واحدة ، فشعر بذعر شديد ، وهو يتخيل نهايته المفجعة مستقرة في معدة غراب ، عبثا أخذ يصيح ، يصرخ ، يستغيث ، طلبا للنجدة ، فإن صدى صوته وبدا خافتا كهمسة مخنوقة مثل أنين محتضر ، ولكن في اللحظة التي مّد الغراب منقاره ليأكله ، أحس بيدين رحيمتين دافئتين تهزانه بشكل ملّح ، عندما فتح عينيه لمح زوجته تنظر له بنظرات تساءل وقلق ، فتمتم كأنما دفاعا عن نفسه :
ـــ لا شيء عزيزتي ، سوى أنني كنتُ محاطا بكوابيس كافكا .. .
*****