2024-10-14
رصد موقع “امواج” البريطاني في تقرير له تحت عنوان “كيف سيؤثر رحيل نصر الله على العراق؟”، علاقة أمين عام حزب الله اللبناني الراحل حسن نصرالله، بالعراق والعراقيين، ودوره في دعم الهجمات ضد القوات الأمريكية والوساطات بين القوى العراقية، معتبرا أن مقتله ستكون له تداعيات على المشهد السياسي العراقي وعلى فصائل “المقاومة”، واحتمال ان تعزز إيران دورها المباشر.
وبداية ذكر التقرير البريطاني ان رحيل نصرالله أثار صدمة في كافة أنحاء المنطقة، خصوصا ان دوره المحوري داخل حركة “المقاومة” من المتوقع أن يكون له تأثير دائم، مشيرا إلى أن غياب شخصية بارزة كنصر اللهن يحمل أهمية خاصة بالنسبة للعراق، حيث ترتبط العشرات من الجماعات الشيعية المسلحة التي صار العديد منها الآن جزءا من الحكومة، ارتباطا قويا بشبكة “المقاومة” الأوسع التي أثّر عليها رجل الدين والسياسي اللبناني الراحل.
واوضح التقرير ان انخراط نصرالله في العراق يعود الى عهد الرئيس السابق صدام حسين، مشيرا الى ان نظام صدام حسين اتصل به في في أواخر العام 2002، للتوسط مع المعارضة في المنفى، والتي كانت تعمل مع الولايات المتحدة للتحريض على تغيير النظام في بغداد.
ونقل التقرير عن زعيم شيعي بارز، لم يحدد هويته، قوله إنه في نهاية العام 2002، سافر وفد من السفارة العراقية في دمشق الى بيروت للقاء كبار قادة حزب الله، طالباً مساعدتهم في فتح تواصل مع معارضين عراقيين في لبنان، على أمل منع سقوط حزب البعث.
إلا أن التقرير قال ان هذا المسعى لم ينجح لأن النظام العراقي لم يظهر مرونة، بينما المعارضة الشيعية لم تكن ترغب في التوصل الى اي اتفاق مع حزب البعث، مشيرا الى ان نصرالله دعا في 7 فبراير/شباط 2003، أي قبل شهر واحد من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة، المعارضة العراقية على عدم التعاون مع الأمريكيين، داعيا الى الحوار مع بغداد سعيا لتحقيق مشروع مصالحة وطنية مماثل لاتفاق الطائف في لبنان العام 1989 والذي فتح الطريق امام انهاء 15 عاما من الحرب الأهلية.
وبحسب التقرير، فقد حث نصرالله قائلا “لا يجوز لأحد أن يقدم أي مساعدة للاميركيين، حتى لو كنا ضد صدام، أي مساعدة للاميركيين ليست ضد صدام، وانما هو ضد الأمة كلها، ضد فلسطين وانتفاضتها، ولبنان وسوريا، وكل دول العالم العربي والإسلامي”.
وتابع التقرير أنه بعد سقوط نظام البعث في العام 2003، قام حزب الله بدور في تشكيل وتدريب وتطوير القوى الشيعية المسلحة من أجل محاربة الوجود العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة، مضيفا أن الحزب عمل بشكل قوي مع هذه القوات الفاعلة للحد من الصراعات الداخلية، منظمة بدر وجيش المهدي بقيادة السيد مقتدى الصدر، على الرغم من وقوع اشتباكات احيانا.
ورأى التقرير ان مثل هذه الجهود عززت الدور المركزي لنصر الله بين كافة القوى الشيعية المسلحة، والذي ظل يتمتع به حتى رحيله.
دور الوساطة
وبعدما قال التقرير؛ إن المراسم الكبيرة التي أقيمت لإحياء ذكرى نصر الله في العراق في الايام الاخيرة تشير الى الدور المهم الذي أداه بين جميع الأطراف في البلد، اشار الى انه رغم اختلاف التوجهات السياسية، فان وجود أبناء آية الله العظمى السيد علي السيستاني في مراسم جنائزية في مدينة النجف يدل بوضوح على الاحترام الخاص والإعجاب الذي يحظى به نصر الله داخل مكتب المرجعية الدينية الشيعية العليا في العراق.
وذكر التقرير؛ أنه كان هناك تواصل وثيق بين مكتب السيستاني عبر ممثله في لبنان حامد الخفاف، وبين حزب الله، مضيفا ان هذا الارتباط لعب دورا حاسما في ادارة الجماعات الشيعية العراقية والتاثير على التطورات السياسية الرئيسية في البلد.
وتابع التقرير؛ أن تأثير نصر الله على القوى الشيعية أتاح له أن يكبح طموحاتها ومنعها من القيام بأدوار مدمرة في العراق، مشيرا في هذا الاطار الى المثال المتعلق باستهداف مقر إقامة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، بطائرات مسيرة في ظل غضب الجماعات الشيعية المسلحة تجاهه، حيث أصدر حزب الله بيانا أدان فيه الحادث وحث كافة الأطراف على تجنب “الفتنة والحفاظ على الأمن والاستقرار وحل الخلافات السياسية بالحكمة والحوار لإيجاد حلول سلمية، مما يقطع الطريق أمام هؤلاء الساعين الى زعزعة استقرار العراق من الداخل خدمة لاجندة العدو”.
وقبل ذلك، قال التقرير ان حزب الله أدى من خلال مبعوثه الخاص الشيخ محمد الكوثراني الذي عينه نصر الله لمساعدة الأحزاب والجماعات المسلحة في العراق على العمل معا، دورا رئيسيا في العام 2010 عندما تمكن من تحقيق تقارب بين الصدر ورئيس الوزراء وقتها نوري المالكي، بما ساهم في تشكيل الحكومة، وهي خطوة منعت التحالف الذي يقوده اياد علاوي، والذي ضم العديد من البعثيين السابقين والشخصيات السنية المتشددة، من السيطرة على الحكومة.
واشار التقرير الى انه جرى تشكيل كافة الحكومات العراقية اللاحقة تقريبا، بما في ذلك حكومات حيدر العبادي، وعادل عبد المهدي والكاظمي، من خلال وساطة ونفوذ كبيرين من الشيخ الكوثراني.
واضاف التقرير انه رغم تراجع نفوذ الكوثراني في ظل الادارة الحالية لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، غير أن نصر الله ظل على تواصل مباشر مع قادة الجماعات المسلحة العراقية، وايضا مع القادة الشيعة والسنة والكورد – للمساعدة في لجسر الهوات والخلافات وضمان تعاون أكثر سلاسة داخل حكومة بغداد.
ولهذا، قال التقرير انه “من المتوقع أن يؤثر غياب نصر الله على المشهد السياسي العراقي، مما يخلق تحديات أمام العراق”، موضحا ان غياب نصر الله، وعدم وجود شخصية تتمتع بتأثير مشابه على الجماعات الشيعية العراقية، سيشكل تحديا كبيرا لحركة “المقاومة” في التعامل مع الخلافات الداخلية.
واوضح التقرير ان مثل هذا الاحتمال “مثير للقلق بشكل خاص بالنظر الى النفوذ المتزايد الذي تكتسبه الجماعات المسلحة داخل الحكومة”.
ولفت التقرير إلى أنه خلال السنة الاخيرة من حكومة رئيس الوزراء السابق الكاظمي، أعربت جماعات مسلحة عن معارضتها الشديدة لدور الكوثراني، ودعت حزب الله اما على استبداله او ابعاده بالكامل عن ملف العراق، وهي شكاوى تسببت في تقليص مشاركة الكوثراني في العراق وزيادة في المقابل بدور نصر الله المباشر.
وخلص التقرير الى القول انه من المرجح أن يؤدي رحيل نصرالله الى مشاركة ايرانية اكبر في ادارة المشهد السياسي العراقي بشكل عام ومعالجة الخلافات بين الجماعات الشيعية بشكل خاص، مضيفا أن غياب شخصية مؤثرة مثل قائد فيلق القدس الإيراني الراحل قاسم سليماني، الذي كان له تاريخ طويل من التعاون مع الفصائل العراقية، سيؤدي الى تعقيد قدرة إيران على التعامل مع هذه القضية.
واشار التقرير الى انه من بين الأدوار المهمة الاخرى التي قام بها نصر الله في العراق، هو منع الشخصيات اللبنانية والايرانية من التدخل في السياسة العراقية لتحقيق مكاسب شخصية، مثل ملاحقة الفرص التجارية والتربح من خلال وسائل مختلفة ساهمت في الفساد في العراق، مضيفا أنه من دون جهود نصرالله، فانه بالامكان توقع زيادة الممارسات الفاسدة بين فصائل عراقية مسلحة وشركائها من اللبنانيين والايرانيين، منبها الى انه من الممكن ان يكون لذلك آثار مزعزعة للاستقرار بالنظر الى مركزية قضية الفساد باعتبارها من الشكاوى الرئيسية للشعب العراقي.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط