رغم تراجع مقاعدهما.. «البارتي» و«اليكتي» يقللان من تأثير صعود أحزاب المعارضة


2024-10-21
أربيل
أغلقت مراكز الاقتراع في إقليم كردستان العراق، أبوابها عند الساعة السادسة من مساء أمس الأحد، معلنة انتهاء عملية التصويت في انتخابات برلمان الإقليم، لكن الانتخابات حملت مفاجآت عدة، إذ تراجعت وفقا للنتائج الأولية، أصوات الحزبين الحاكمين، الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين، أمام تقدم أحزاب المعارضة والحركات المستقلة، من خلال حصولها على نحو 40 بالمئة فقط من الأصوات.

ما أفرزته النتائج حتى الآن، يمثل تغيرا في موازين القوى داخل الإقليم، وبالرغم من ذلك فقد رحب الحزبان الحاكمان بالنتائج، لكنهما أكدا على ضرورة اعتماد مبدأ “الشراكة”، بدلا من “التعطيل”، مقللين من تأثير صعود القوى الجديدة على وجوده السياسي وشعبيته.

ويقول السياسي الكردي المستقل شيرزاد مصطفى، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “نتائج التصويت الأولية لانتخابات برلمان كردستان والانتخابات العامة، أظهرت تراجعا كبيرا في نفوذ الحزبين الحاكمين وشعبيتهما”.

ويلفت مصطفى، إلى أن “عملية الانتخابات تدار للمرة الأولى من قبل المفوضية العليا المستقلة العراقية للانتخابات، ورأينا تغييرا كبيرا في النتائج، وتراجعا في أصوات الحزبين، وصعودا لأحزاب المعارضة والحركات المستقلة، وهذا يعكس مدى الفوضى والتزوير الذي كانت تقوم به أحزاب السلطة في الدورات السابقة، عندما كانت مفوضية كردستان هي من تدير عملية الاقتراع”.

ويشير إلى أنه “حتى لو شكلت أحزاب السلطة حكومة الإقليم، لكن نفوذها لن يبقى كما هو في السابق، وما جرى في هذه الانتخابات هي رسالة زعزعة لاستقرار تلك الأحزاب، التي بقيت جاثمة على صدور الشعب الكردي، ونهبت مقدراته، وثرواته”.

ويتابع أن “هذا الأمر سينعكس على الانتخابات القادمة، ومنها انتخابات البرلمان العراقي، فوجود قوى معارضة ولها مقرات رسمية ونواب في برلمان كردستان، واعتراف رسمي، سيقوى وجودها ويزيد حظوظها في الفترة المقبلة”.

وفتحت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق في الساعة السابعة من صباح يوم أمس، أبواب 1622 مركزا للاقتراع العام أمام السكان في مناطق ومدن الإقليم ممن يحق لهم الإدلاء بأصواتهم وهم 2.683.618 ناخباً من إجمالي عدد الناخبين البالغ 2.899.578 ناخباً.

وتنافس المرشحون على 32 مقعدا في أربيل العاصمة، وفي محافظة السليمانية على 36 مقعدا، وفي محافظة دهوك على 24 مقعدا، وفي حلبجة على ثلاثة مقاعد، وتوزعت مقاعد الكوتا الخمسة للمكونات على النحو الآتي: مقعدان في أربيل، ومثلهما في السليمانية، ومقعد واحد في دهوك.

ويتوقع الحزب الديمقراطي الكردستاني، أن يحصل على 40 مقعدا في برلمان كردستان المكون من 100 مقعد، بينما يتوقع الاتحاد الوطني الكردستاني الحصول على أكثر من 20 مقعدا، فيما يتوقع الجيل الجديد، حصوله على 17 مقعدا.

من جانبه، يؤكد عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني دلشاد شعبان، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن حزبه “سيحافظ على نفوذه ووجوده وقوته داخل الإقليم”.

ويستطرد شعبان، أنه “على الرغم من وجود محاولات كثيرة لإضعاف الحزب الديمقراطي، مرة عبر القرارات الظالمة والمجحفة بحق الإقليم، ومرة بتقليل عدد مقاعد كوتا المكونات، ومرة بإلغاء أصوات الناخبين، لكن الديمقراطي أثبت وجوده، ومدى الجماهيرية الكبيرة التي يتمتع بها، ونحن كحزب نؤمن بالديمقراطية”.

ويؤكد: “لا نمانع من وجود أحزاب وحركات جديدة، وهذه الحالة صحية، بشرط أن تؤمن بالمشاركة، ولا تتبنى سياسة التعطيل الممنهج، الذي اتبعته عدد من الأحزاب في الدورات السابقة، وأن تحافظ على الخطوط الحمراء لكيان الإقليم الدستوري”.

ويردف أنه “لن يستطيع أي أحد مهما كانت قوته إزاحة الحزب الديمقراطي، لأن قوته مستمدة من الإرادة الجماهرية، ودفاعه عن القضايا الكردية المصيرية، ولكن بخصوص وجود أحزاب معارضة وفوزها بعدد من المقاعد، فهذه حالة صحية، ووجود المعارضة أمر ضروي ومهم”.

وقد رافقت العملية الانتخابية عدة تحديات تقنية، أبرزها مشكلة عدم قراءة أجهزة الاقتراع لبصمة اليد، ما أدى إلى حرمان آلاف الناخبين من الإدلاء بأصواتهم، وأكدت المفوضية أنها تلقت تقارير عن هذه المشكلات من العديد من المراكز، حيث تعذر على الأجهزة التعرف على بصمات بعض الناخبين، وهو ما أثار استياء واسعا بين المواطنين الذين لم يتمكنوا من المشاركة.

وتأجلت الانتخابات التشريعية في إقليم كردستان أربع مرات منذ قرابة عامين بسبب الخلافات السياسية إذ كان من المزمع إجراؤها في العام 2022.

إلى ذلك، يرى عضو الاتحاد الوطني الكردستاني كوران فتحي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الاتحاد الوطني لم تتراجع أصواته، وقد شهد زيادة في التصويت الخاص بنسبة 32 بالمئة”.

ويضيف فتحي، أن “صعود الأحزاب المعارضة والحركات المستقلة لا يخيفنا في السليمانية، بل على العكس من ذلك، كون تلك الحركات تمارس عملها السياسي بحرية تامة، على عكس أربيل ودهوك، وهي مناطق نفوذ الحزب الديمقراطي، فهي لا تستطيع العمل إطلاقا هناك”.

ويتابع أن “فوز عدد من الحركات المعارضة بأصوات ومقاعد في برلمان الإقليم لا يقلل من نفوذنا، فالاتحاد الوطني يشجع على الشراكة والتعددية في اتخاذ القرار، وبالعكس فإن هذه الانتخابات ستعيد الاتحاد الوطني للواجهة في إدارة الإقليم، وسينتهي التفرد بالقرار”.

الجدير بالذكر أن إقليم كردستان شهد منذ تأسيسه في مطلع تسعينيات القرن الماضي، خمس دورات برلمانية، وهذه هي الدورة السادسة.

والحزبان الكرديان الحاكمان، يتقاسمان النفوذ في مدن الإقليم، فالديمقراطي يسيطر على محافظتي أربيل ودهوك، فيما يسيطر الاتحاد الوطني على محافظتي السليمانية وحلبجة، كما أن الحزبين يتقاسمان النفوذ في أغلب المناصب الأمنية والاقتصادية، حيث يمتلك الحزب الديمقراطي جهاز آسايش وقوات بيشمركة خاصة به، ومثله الاتحاد الوطني.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here