2024-10-27
يؤكد خبراء في مكافحة الفساد على أهمية نظام الحوكمة الإلكترونية في محاربة الفساد المشتري ببعض الدوائر والوزارات العراقية، لأنه سوف يحدد العلاقة بين الموظف وصاحب المعاملة، ونتيجة لذلك يعتبر الفساد هو المعرقل الرئيسي الذي يواجه تطبيق هذا النظام بشكل كامل في البلاد، من أجل الاستمرار بابتزاز المراجعين والمواطنين والإبقاء على النظام اليدوي لإشاعة جو من عدم الثقة بالجهاز الحكومي، على حد قولهم.
وتعد الحوكمة الإلكترونية ليست وسيلة للقضاء على الفساد فقط، وإنما هي أصبحت جزءاً من علم الإدارة، “لذلك هناك حاجة لهذا العلم في كل مفاصل الدولة العراقية”، بحسب عضو لجنة الاقتصاد والصناعة والتجارة النيابية، كاظم الشمري.
ويؤكد ، أن “مجلس النواب داعم للخطوات الحكومية في نشر هذه المنظومة على كل الوزارات، وتم البدء بها في المنافذ والضريبة وبعض الدوائر الأخرى، ونأمل من الحكومة أن تسرّع بإنجازها، وأن تكون هذه المنظومة جزءاً من ثقافة المسؤول والموظف”.
ويعلن الشمري رفضه لكل ما يقاطع جهود التحول للحوكمة الإلكترونية، “لأن ذلك يعني إبقاء البلاد متخلفة إدارياً وينتشر فيها آفة الفساد، كما وسيبقى الموظف العراقي يعتمد على الورق وغير قادر على محاكاة التقدم الحاصل في الإدارة على مستوى العالم”.
من جهته، يعتبر رئيس لجنة الحوكمة الإلكترونية في مجلس محافظة بغداد، مثنى العزاوي، خلال حديثه ، أن “أول خطوات النظام الإلكتروني هي منصة (بغدادنا) التي تم الإعلان عنها مسبقاً، وستشمل كل الدوائر القطاعية بالمحافظة تباعاً حسب الخدمات ونضجها، ومن الممكن تصدير التجارب الناجحة لبقية المحافظات”.
يذكر أن العزاوي أعلن في 15 تشرين الأول الحالي، تأسيس لجنة الحوكمة والاتصالات لإدارة التحول الرقمي في العاصمة بغداد، وإطلاق منصة “بغدادنا” لتقديم أكثر من 25 خدمة الكترونية للمواطنين عبر الأجهزة الذكية.
ويبدو من الواضح أن سياسة حكومة السوداني تسير باتجاه “محاربة الفساد من خلال الاستثمار بالأتمتة”، وفق الخبير المالي والاقتصادي، د.صفوان قصي، مبيناً أن “هناك مجموعة من الأهداف وضعت ضمن برنامج الموازنة الثلاثية (2023-2024-2025) تدعو إلى إنشاء نظام إلكتروني متكامل يخدم عملية تعامل الوحدات الحكومية مع الزبائن من خلال منظومة (أور) التي لديها حالياً أكثر من 400 خدمة فورية، وهذه المنظومة ستساهم بتتبع الإجراءات الحكومية ومدى استجابتها لطالبي الخدمة وتحسّن من الجباية من خلال الشمول المالي”.
ويوضح لوكالة شفق نيوز، أن “عملية الحوكمة تعني زيادة مستوى الشفافية والإجراءات داخل الوحدات الحكومية، وإمكانية تطوير الأداء الحكومي بما يخدم مصلحة المواطن، فـ(حكومة الخدمة) تعاهدت ضمن برنامجها أنها ستقوم بعملية إجبار جميع الوحدات الحكومية ووحدات القطاع الخاص باتباع التقنيات الإلكترونية في التعامل مع الزبائن من أجل السيطرة على المضاربين والتحويلات المالية الوهمية والبضائع الوهمية والمواصفات غير المناسبة لاحتياجات المستهلك والمنتج”.
وعن مدى مساهمة الحوكمة الإلكترونية في خفض الفساد، يضرب قصي مثالاً في وزارة الكهرباء، بالقول إن “وزارة الكهرباء تعهدت بأن حجم الإيرادات من قطاع الكهرباء بحدود 9 تريليون دينار سنوياً إلا أنها لم تصل إلى أكثر من تريليوني دينار سنوياً، حيث لا تزال هناك كهرباء منتجة دون جباية تحت عنوان الضائعات والمترددين في التسديد وبعض التجاوزات، وبالانتقال إلى الجباية الإلكترونية ستساهم الأخيرة في السيطرة على هذه الضائعات ويكون هناك نظام فعال في شراء الخدمة مسبقاً كما في الاتصالات وبقية القطاعات، أي يكون شراء الكهرباء من المنتج وفق كارتات من أجل الترشيد وفي الوقت نفسه تفعيل الجباية”.
ويضيف، “كما أن الإيرادات الحكومية غير النفطية على مستوى جميع القطاعات تبلغ 27 تريليون دينار، لكن الفعلي قد لا يتجاوز 10 تريليونات دينار، وفي حال النجاح بتطوير منظومة (أور) الإلكترونية وربط المنظومات الداخلية بها، فمن الممكن أن تكون هناك جباية 100 بالمائة، أي بما لا يقل عن 17 تريليون دينار إضافية يمكن جبايتها بالإضافة إلى تقييم أداء الوحدات الحكومية بما ينسجم مع مؤشرات الشفافية الدولية”.
وينوّه قصي في ختام حديثه إلى أن “(أور) هي منظومة شاملة، وكل الوزارات الاتحادية لديها نافذة ضمن هذه المنظومة، تعرض بها جميع الأنشطة الحكومية، وهناك بعض الوزارات نفذت هذه التطبيقات وبعضها الآخر تعيق عملية تنفيذها، من أجل استمرار ابتزاز المراجعين والمواطنين والإبقاء على النظام اليدوي من أجل إشاعة جو من عدم الثقة بالجهاز الحكومي، وكلما تمت إدارة هذا الموضوع تقنياً كلما قلّت نسبة الفساد والهدر بالمال العام”.
بدوره، يؤكد الباحث في مكافحة الفساد، د.غالب الدعمي، أن “من يعرقل نظام الحوكمة الإلكترونية في العراق هو الفساد، وهذا النظام لو طبق بشكل شامل في العراق فهو كفيل بإنهاء وتقويض الفساد بشكل كبير، لأنه سوف يحدد العلاقة بين الموظف وصاحب الحاجة أو صاحب المعاملة”.
ويضرب الدعمي خلال حديثه مثالاً بإحدى الدوائر العراقية، بالقول إن “أحد أسباب الفساد في دوائر المرور هو اختلاط الموظف مع المواطن، لكن عندما يتم تسهيل الإجراءات عبر استخدام نظام الحكومة الإلكترونية وتقليل الاحتكاك بين المواطن والموظف، هنا ينتهي الفساد وتنتفي الحاجة لدفع الرشى مقابل تمشية أو تسيير المعاملة، لأن أحد أهم خصائص نظام الحوكمة هو تسهيل سرعة إجراءات المعاملة”.
وخلص الدعمي إلى القول في نهاية حديثه، إن “نظام الحوكمة يسهم بشكل كبير في التقليل من جهد ومال المواطن وتقويض الفساد إلى حد كبير، ولو طبق على كل دوائر الدولة فإن المواطن سيكون بخير ويتجنب المعاملات الورقية وضياعها وفقدانها وهذه جميعها حالة من حالات الفساد، لكن الذي يواجه تطبيق نظام الحوكمة بشكل كامل في العراق هو وجود الفساد، لأن بتطبيق هذا النظام سيقوض الفساد وسيقضي على من يمارسه أيضاً”.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط