2024-10-28
ذي قار
بعد الكشف عن شبكة ابتزاز إلكترونية واسعة في محافظة ذي قار، شهد الفضاء الرقمي في حدود المحافظة، انخفاضا ملحوظا بنشاط الصفحات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تراجعت عن نشر الفضائح والملفات الشخصية، بسبب تتبعها من قبل القوات الأمنية والأجهزة الاستخبارية، بعد أن كان وجودها مصدر “قلق وإرباك”، بحسب مسؤولين وصحفيين في المحافظة.
يذكر أن محافظ ذي قار، مرتضى الإبراهيمي، قام في أيلول سبتمبر الماضي، برفع دعوى قضائية ضد شبكة ابتزاز، اتهم أعضاء في مجلس المحافظة بالتورط فيها، بينهم المحافظ السابق محمد الغزي، حيث تم القبض على خمسة منهم باستثناء الأخير، تم الإفراج عنهم بعد أسابيع على التحقيقات بكفالة مالية.
وكانت “العالم الجديد”، أول صحيفة كشفت عن وجود تلك الشبكة، وبحسب تقرير سابق لها، فإن محافظ ذي قار السابق محمد هادي الغزي، توارى عن أنظار السلطات، داخل منزل أحد قادة الإطار التنسيقي بالعاصمة بغداد، بعد اتهامه في الضلوع بشبكة ابتزاز إلكتروني، بانتظار ما ستؤول إليه مبادرة تسوية تقوم بها جهات سياسية مع المحافظ الحالي مرتضى الإبراهيمي، الذي ما زال يرفضها، في ظل اعترافات المعتقلين بتورط هادي في الشبكة.
ويقول عضو مجلس محافظة ذي قار والمحافظ الأسبق، أحمد غني الخفاجي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هناك تأثيرا سلبيا كبيرا للصفحات الوهمية على واقع الحكومة التي تم تشكيلها بعد استقالة الحكومة التي سبقتها خلال فترة حراك تشرين عام 2021، فهذه الصفحات كانت أداة لتأجيج الأزمات وتحشيد الشارع، في وقت كان المجتمع بحاجة ماسة إلى التهدئة”.
ويضيف الخفاجي، أن “الصفحات الوهمية كانت تسهم في تعزيز مشاعر القلق والخوف بين المواطنين، وزرع عدم الطمأنينة، ما أثر سلبا على الأوضاع الأمنية والإدارية، وأن اختفاء أو انخفاض نشاط هذه الصفحات مؤخرا يعود إلى الملاحقات الأمنية التي تلت حوادث الابتزاز الإلكتروني، بعد أن كانت تلك الصفحات، تتصدر الفضاء الرقمي في الفترات الماضية، ولعبت دورا محوريا في نشر معلومات غير صحيحة عبر مختلف المجالات، مما يستدعي ضرورة متابعة الأجهزة الأمنية لها وكشف القائمين عليها، وتقديمهم للعدالة”.
يشار إلى أن المادة 430 من قانون العقوبات العراقي لعام 1969 تعتبر الجريمة من الجنايات، وتنص المادة على: (1- يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات أو بالحبس كل من هدد آخر بارتكاب جناية ضد نفسه أو ماله أو ضد نفس أو مال غيره أو بإسناد أمور مخدشة بالشرف أو افشائها وكان ذلك مصحوبا بطلب أو بتكليف بامر أو الامتناع عن فعل أو مقصودا به ذلك”.
وكان مجلس محافظة ذي قار، قد انتخب في السادس من شباط فبراير الماضي، عبدالباقي العمري، رئيسا للمجلس، ومرتضى الإبراهيمي، محافظا، كما صوت على رزاق كشيش الغزي، نائبا أولا للمحافظ عن ائتلاف دولة القانون، وماجد العتابي، نائبا ثانيا عن كتلة صادقون، وتم التصويت لمرتضى السعيدي نائبا لرئيس المجلس عن حزب الفضيلة.
من جانبه، يبين الناطق الرسمي لمجلس محافظة ذي قار، أحمد سليم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “تحركات القوات الأمنية الأخيرة ضمن خطة فرض القانون كانت لها تأثيرات إيجابية واضحة على اختفاء الصفحات الوهمية التي تمارس الابتزاز والبهتان، بعيداً عن النقد البناء”.
ويشير سليم، إلى “وجود فرق استخبارية وأخرى من جهاز الأمن الوطني يعملان بدقة لتتبع مصادر هذه الصفحات وملاحقتها، وهذا يعني الجدية في مكافحة هذه الظاهرة، وأن مجلس محافظة ذي قار يتقبل النقد المشروع من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والمؤسسات الإعلامية، ولكنه لن يتردد في ملاحقة من يسهم في إشاعة الفوضى عبر هذه الصفحات، حيث سيتم تقديمهم للقانون من خلال اللجان الخاصة بالمجلس”.
وتشهد محافظة ذي قار، تظاهرات مطلبية حاشدة تنظمها شرائح مختلفة باستمرار، احتجاجا على سوء الخدمات، وانعدام فرص العمل، وسرعان ما تتحول إلى ساحة عنف دامٍ بعد تصاعد حدة المواجهة بين المتظاهرين والقوات الأمنية، على خلفية القمع الذي تستخدمه الأخيرة للتظاهرات.
إلى ذلك، يرى الصحفي رعد الزهيري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الصفحات الوهمية على شبكات التواصل الاجتماعي كانت بمثابة واجهة لجهات متنفذة تسعى للتسقيط والاستهداف، حيث تروج لقضايا يعرفها جيدا من يقف خلفها، وأن هذا الوضع جعل هذه الصفحات مصدر قلق كبير للواقع السياسي غير المستقر في ظل حالة الفساد الواضح”.
ويوضح سالم، أن “انتشار هذه الصفحات أسهم في تغييب دور الإعلام التقليدي، الذي يعتمد على معايير مهنية وموضوعية، مما يجعله أقل تسببا للأضرار، فقد ساهمت الصفحات الوهمية في نشر معلومات مضللة وأخبار كاذبة، مما أثر سلباً على ثقة الجمهور في المؤسسات السياسية والإعلامية”.
وكان مركز الإعلام الرقمي، كشف في بيان سابق، عن ظهور عشرات الصفحات تحت عناوين مختلفة والتي تزعم وتقدم نفسها على انها وكالات إخبارية متخصصة في نشر أخبار تتعلق بالاحداث العراقية، والتي لا تتضمن رقم هاتف وليس لديها موقع إلكتروني أو معلومات رقمية على الشبكة العنكبوتية تُثبت تاريخ الوكالة ونتاجها الإعلامي.
يذكر أن عضو مجلس محافظة ذي قار، سالم عجمي، قال في حديث سابق لـ”العالم الجديد”، إن لهذه شبكة الإبتزاز تأثيرات نفسية سلبية على عمل المجلس، لافتا إلى أن أعضاء المجلس أصروا على العمل والقيام بواجباتهم تجاه المحافظة، من أجل إصلاح الأخطاء التي حصلت خلال الفترة الماضية منذ عودة المجلس إلى العمل من جديد بعد توقف لعدة سنوات.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط